سورة (ص) هي السورة الثامنة والثلاثون بحسب ترتيب المصحف العثماني، وهي كذلك في عداد نزول السور، نزلت بعد سورة القمر، وقبل سورة الأعراف. وهي سورة مكية بالإجماع، وعدد آياتها ثمان وثمانون آية. وسميت في المصاحف وكتب التفسير وكتب السنة والآثار عن السلف سورة (صاد) كما ينطق باسم حرف (الصاد) تسمية لها بأول كلمة منها. وتناولت السورة -كغيرها من السور المكية- ثلاث قضايا رئيسة: قضية التوحيد، وقضية الوحي إلى النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وقضية الحساب في الآخرة، وتعريض هذه القضايا الثلاث في مطلعها، فجاءت فاتحتها مناسبة لجميع أغراضها ثمّ فصّلت وفق التالي: توبيخ المشركين على تكذيبهم الرسول صلى الله عليه وسلم وتكبرهم عن قبول ما أُرسل به، وتسلية الرسول صلى الله عليه وسلم عن تكذيب المشركين له، وأن يقتدي بالرسل من قبله، داود وأيوب وغيرهما وما جوزوا عن صبرهم. الدعوة إلى الحكم بين الناس بالعدل، والنهي عن اتباع الهوى، والوعيد الشديد لمن لم يهتدِ بهدي القرآن. وتوجيه النبي صلى الله عليه وسلم -والمؤمنين معه- إلى الصبر على ما يلقاه من المكذبين، والتطلع إلى فضل الله ورعايته، كما تمثلهما قصة داود وقصة سليمان عليهما السلام. وتضمنت السورة قصة أيوب، التي تصور ابتلاء الله للمخلصين من عباده بالضراء، وصبر أيوب مثل في الصبر الذي ينبغي أن يُقتدى به. - تعرض السورة صورة مصارع الغابرين، الذين طغوا في البلاد، وتجبروا على العباد، واستعلوا على الرسل والأنبياء، ثم انتهوا إلى الهزيمة والدمار والخذلان...وعرضت السورة مشهدا من مشاهد القيامة، يصور النعيم الذي ينتظر المتقين، والجحيم التي تنتظر المكذبين، - إثبات البعث بقصد جزاء العالمين بأعمالهم من خير أو شر، وأنه ليس للبشر شيء من ملك السماوات والأرض، وإنما يفتح الله من رزقه ورحمته على من يشاء. - أن الله سبحانه يختار من عباده من يعلم استحقاقهم للخير، ويُنعم عليهم بشتى النِّعَم، بلا قيد، ولا حد، ولا حساب. - تصور السورة جزاء المؤمنين المتقين، ومقابله من جزاء الطاغين، الذين أضلوهم، وقبحوا لهم الإسلام والمسلمين. - تعرض السورة بشكل موجز لقصة البشرية الأولى، وقصة الحسد والغواية من العدو الأول إبليس، الذي يقود خطى الضالين عن عمد وعن سابق إصرار، وهم غافلون. - أن الذي أردى إبليس، وذهب به إلى الطرد واللعنة، كان هو حسده لآدم عليه السلام، واستكثاره أن يؤثره الله عليه ويصطفيه، كما أن المشركين يستكثرون على محمد صلى الله عليه وسلم أن يصطفيه الله من بينهم بتنزيل الذكر، ففي موقفهم شَبه واضح من موقف إبليس المطرود اللعين. - ترد في ثنايا القصص في هذه السورة لفتة تلمس القلب البشري، وتوقظه إلى الحق الكامن في بناء السماء والأرض، وأنه الحق الذي يريد الله بإرسال الرسل أن يقره بين الناس في الأرض. - تختم السورة مقاصدها ببيان أن ما يدعو إليه الرسول صلى الله عليه وسلم لا يتكلفه من عنده، ولا يطلب عليه أجرا، وأن له شأنا عظيما سوف يتجلى في حينه المقرر عنده سبحانه.