برزت فترة الخمسينات بزخمها الإبداعي والفني الطريف في الحلفاوين على امتدا شهر رمضان من كل عام وبشكل خاص فالى جانب « البرارك» المنتشرة على كامل البطحاء والتي توقفنا عند خصوصيات البعض منها في عدد أمس.. كانت الحلفاوين فضاء المتعة والفرجة الطريفة من ذلك الالعاب السحرية وخصوصا الساحر «بقبوق» الذي تأثر به المرحوم القصعاجي. وكان هناك «حانوتان» للألعاب السحرية وقاعة سينما بعشر مليمات للأطفال، وعشرين مليما للكبار. وكان اغلب سكان الحاضرة يرتادون مقهى وصالة ألف ليلة وليلة التي تغني فيها شهرزاد ودنيا زاد وهما مطربتان ايطاليتان تغنيان بالعربية وكانت هناك أيضا مطربة يهودية من أصل مصري اسمها وفاء أمين تردد أغاني أم كلثوم بالإضافة الى عازف العود الذي يشتغل معها الفنان علي السريتي . وفي باب الخضراء فتوجد صالة مشهورة تشتغل فيها فرقة الصباح بقيادة أحمد الصباحي وكانت تغني معها صفية شامية فضلا عن قهوة الفزاني، التي يغني فيها الفنانان أمين وياسين حسنين وقهوة «الوصفان» وقهوة الغرابة وقهوة الدزيري وهي كلها كافيشانطات. وتتميز منطقة باب سويقة في وسط العاصمة التونسية بشدة تعلقها بالعادات والتقاليد التي طبعت تونس منذ القدم، إذ تشهد المنطقة في شهر رمضان احتفالات ومواكب عديدة اختلفت أشكالها وطرق ممارستها، أي بين الأشكال الصاخبة والحديثة التي جاء بها الاستعمار الفرنسي والأشكال التقليدية المحافظة التي تمثل سلوكات أهل المدينة. إذ توجد بين أزقة باب سويقة العديد من الزوايا والجوامع الصغيرة وأيضا توجد العديد من قاعات السهرات الليلية أوما يسمى "الكافيشانطا" كما نقلها سكان المدينة ومنها صالة الفتح وغيرها. كما كانت ولا زالت تقام فيه ملاه للأطفال خلال شهر رمضان بما يضفي على الأجواء الاحتفالية فيه رونقا خاصا. ولعل مقهى "العباسية" من أشهر المقاهي التي تحتفي "المدينة"، أي المدينة القديمة للعاصمة تونس. فهي ملتقى الأدباء والفنانين والرياضيين وأحبائهم وتتفرع عن "باب سويقة" عدة أنهج وأزقة وشوارع تملأ تاريخ تونس بالحكايات والنوادر عن الفترة العثمانية والحقبة الاستعمارية وخاصة عن الحركة الوطنية. يتبع