تحدثنا في الحلقة الفارطة عن الكافيشانطات العادية الموجودة بباب سويقة والحلفاوين وذكرنا أن هذه النوعية أو الصنف من الكافيشانطات يختلف أو يأتي في الدرجة الثانية بعد الكافيشانطات الفخمة أو «الصالات» الفنية الراقية وهي محور حديثنا اليوم وسيحدثنا عنها الباحث محمود زبيس الذي كان شاهدا على فترة تألق وأوج هذه الفضاءات الفنية خلال الفترة الممتدة بين الثلاثينات والخمسينات من القرن الماضي . ويقول محدثنا : أما الكافيشانطات الخاصة أو «الصالات» التي يغني فيها المطربون المحترفون فكان اغلبها يوجد بساحة «البيڤة» بوضع ثلاث نقاط على القاف والبيڤة هي ساحة باب سويقة حاليا وهي تحريف لكلمة أسبانية وتعني الحديقة . وأهم هذه الصالات كانت بنزل العياشي (ويقال أيامها «اوتيل العياشي الماكلة والرقاد بلاش» حيث تقام فيه حفلات الموسيقار الكبير محمد التريكي صحبة حسيبة رشدي والتي كانت تحظى بشعبية كبرى ومن اشهر أغانيها «على ضو القمرة يا سمرة» وكان سعر تذكرة الدخول يتراوح بين «دورو» و«10 فرنك» هذا خلال بداية الأربعينات أما في ما بعد فقد التحق بهما أي بحسيبة رشدي ومحمد التريكي المطرب علي الرياحي . وقبالة «البيڤة» نجد صالة الفتح لصاحبها احمد الغربي وقد سميت بصالة الفتح نسبة الى المطربة المشهورة في ذلك الوقت فتحية خيري المعروفة والمكناة «بتوحة» وقد كانت فتحية خيري من المولعات بالأغاني الشرقية لذلك كانت دائما تردد أغنية اسمهان «نويت إداري ألامي» الى جانب عدد من أغنياتها التونسية الخاصة والمشهورة . وكان الموسيقار صالح المهدي ضمن فرقة فتحية خيري وكان يعزف على آلة الناي أما الموسيقار محمد الجبوزي فقد كان يعزف على آلة القانون ونجد أيضا الفنان علي السريتي من ضمن فرقة فتحية خيري الخ . وبجانب صالة الفتح نجد صالة قرطبة ولها مدخلان أحدهما بنهج الكبدة وكانت المطربة الرئيسية لهذه الصالة الفنانة صليحة . وقد كانت الفنانة صليحة خلال أواخر الأربعينات وبداية الخمسينات في بداياتها الفنية لذلك كانت تعتبر مجرد مؤدية للاغاني وليست نجمة الصالة وكانت النجمة الحقيقية آنذاك في صالة قرطبة الراقصة بديعة الصغيرة التي تظهر في تسجيل قديم ترقص على إيقاع أغنية «يا زين الصحراء وبهجتها» للفنانة صليحة . فقد كانت الراقصة بديعة الصغيرة هي محور الاهتمام ولأجلها يقبل الرجال على صالة قرطبة . والى جانب الفنانة صليحة والراقصة بديعة الصغيرة كان الفنان يوسف التميمي وزوجته المطربة سعيدة خالد والعازف والمطرب صالح الخميسي من أهم نجوم صالة قرطبة وكذلك الأخوين الصادق والحبيب الشريف الذي كان زميلي بكتاب سيدي بن نفيسة بباب الأقواس ,ومن مميزات هذه الصالة ان الفرجة قصيرة ومتجددة . أما خارج باب سويقة فنجد صالة «رمسيس» لصاحبها محمد خامس الجزيري الشواشي وتوجد هذه الصالة بمدخل نهج بسيدي محرز وهي عبارة عن مقهى شعبي . وقد شهدت أوجها في رمضان سنة 1942 بالتحديد حيث غنى فيها الراحل الهادي الجويني ومن اشهر أغانيه في ذلك الوقت تلك التي تتغنى بخصال المنصف باي وعنوانها «باي بابورين» وبمدخل الحلفاوين وبملتقى نهج باب بو سعدون كانت توجد مقهى الجزائري حسان بوجدرة واسمها مقهى الجزائر الكبير وكانت شافية رشدي هي نجمة هذه الصالة وكان من ضمن فرقتها الحبيب الشريفي واليهودي عازف القانون «قنونة» والفنان الراحل قدور الصرارفي العازف على آلة الكمنجة وعدد من الراقصات منهن ليليا فؤاد ودنيا الزاهد وكانت الراقصات محتشمات . وفي أول نهج حمام الرميمي توجد صالة «روضة الأندلس»لأحمد الغربي أيضا وفيها المطرب المصري حسنين أمين المختص في الأدوار والتواشيح صحبة أخيه ياسين حسنين . ثم نجد صالة مدريد التي كانت بشارع مدريد وقد عمل فيها المرحوم علي الرياحي وهناء راشد التي كانت نجمة الصالة بلا منازع في ذلك الوقت . ومن السائد في ذلك الوقت أن الكافيشانطات أو الصالات كانت تسمى وتعرف بأسماء نجماتها من المطربات كان يقال صالة فتحية أو صالة حسيبة أو صالة هناء الخ...