رغم التعهدات والقرارات والوعود لم تهدأ الأسعار في تونس وواصلت ارتفاعها مع رمضان المعظم .... يبدو ان سلطة المحتكرين والمضاربين والسماسرة والوسطاء اكبر واقوى من سلطة الحكومة .... كثير من التونسيين ان لم نقل كلهم ادركوا ان الحكومة خسرت معركة الأسعار كما خسرت معركة الدينار لتلتهب الأسعار وتعرف في تونس ارتفاعا لم يسبق له مثيل في تاريخ الدولة ... لا احد في تونس يفهم معادلة الأسعار، ففي الوقت الذي يتوفر فيه الإنتاج تواصل الأسعار قفزها في الأسواق... الحكومة اضطرت مؤخرا الى توريد اللحوم الحمراء واضطرت الى توريد لحم الديك الرومي من البرازيل ورغم ذلك ظلت الأسعار مرتفعة في الوقت الذي تبدو فيه هياكل الدولة عاجزة عن التحكم في الأمر .... وحتى مبادرة وزير الفلاحة ببعث خيمة كبيرة بحجة انها سوق من المنتج الى المستهلك كانت مبادرة فاشلة وتحولت الى مشهد قبيح في قلب الشارع الرئيسي للعاصمة بعد ان عجز وزير الفلاحة عن اختيار مكان آخر يمكن ان يكون سوقا لاسعار المنتجين التي لا تختلف عن أسعار التجار في الأسواق الأخرى ... الأسعار في تونس حكاية معقدة ومتشعبة ومتداخلة في تفاصيلها ومرتبطة بلوبيات وبتقاليد وبممارسات ترسخت على مدى سنوات طويلة في أسواق الجملة وفي كل مراحل الإنتاج حتى ان اصحاب مخازن التبريد صاروا يتحكمون في التزويد وأيضا في الأسعار .... نحتاج اليوم الى إرادة حقيقية وقوية من الدولة حتى تعود الأسعار الى رشدها ... كل الوعود بالتحكم في الأسعار لم تتحقق ... كل المبادرات سقطت .... كل ما قاله الوزراء لم ينفذ والأسعار واصلت ارتفاعها .... على الحكومة ان تربح معركتها ضد المحتكرين والمضاربين ولوبيات مخازن التبريد وسماسرة أسواق الجملة ... الحديث وحده لا يكفي وخيمات من المنتج الى المستهلك ليست حلا وليست انجازا يفتخر به ....