أكد الخبير البنكي نزار النفطي مدير الفروع بالبنك الفرنسي التونسي أن لجوء الدولة المتزايد إلى البنوك وراء توقّف هذه الأخيرة عن إسناد القروض الاستهلاكية وحتى قروض الاستثمار. «الشروق» تونس: وتابع في حوار مع «الشروق» أن البنك المركزي لم يصدر منشورا يدعو البنوك إلى وقف قروض الاستهلاك لكن من الناحية العملية توقف إسناد هذا الصنف من القروض بسبب أزمة السيولة التي خلقتها الدولة من خلال اللجوء المفرط للاقتراض من البنوك المحلية لتعبئة موارد الميزانية. كما لاحظ أن الركود الحاصل في نشاط الإقراض تجاوز القروض الاستهلاكية ليشمل قروض الاستثمار مشيرا إلى أن المؤسسات البنكية بما في ذلك البنوك الكبرى رفضت في الآونة الأخيرة العديد من طلبات القروض التي كانت ستموّل إحداث أو توسعة مشاريع استثمارية وخلص إلى التأكيد على أن ركود نشاط القروض يعود بالأساس إلى أزمة السيولة وكذلك لتوسع المخاوف من الوضع المالي للدولة وهو معطى يجعل البنوك تتعاطى بحذر مع طلبات الاقتراض خصوصا وأن حيزا هاما من العجلة الاقتصادية مرتبط عضويا بالدولة ومن ثمة فإن عجز هذه الأخيرة عن الإيفاء بتعهداتها المالية هو فرضية تتعاطى معها البنوك بجدية تامة. وكشف نزار النفطي في السياق ذاته أن شركات الديون Factoring أصبحت في الآونة الأخيرة تعزف عن شراء الديون العمومية لأن أزمة السيولة التي تواجهها الدولة تجعل هذه الأخيرة غير قادرة على الإيفاء بتعهداتها المالية. استهلاك بلا إنتاج ولاحظ أن هذا الوضع يعود إلى عدم وجود خلق للثروات مقابل تضخم نفقات الدولة والأفراد مشددا على أن واقع الدينار التونسي الذي يمر بأسوأمراحله بإمكانه أن يختزل الأزمة الاقتصادية والمالية العميقة التي تواجهها البلاد. الدينار في نزول ورجّح أن يتواصل انزلاق الدينار إزاء العملة الأجنبية في الأشهر القادمة داعيا إلى التعجيل بتفعيل جملة من التدابير التي تعالج جذور الأزمة وأساسا مكافحة الاقتصاد الموازي والرفع من الإنتاجية التي نزلت إلى أدنى مستوياتها في الأعوام الأخيرة إلى جانب إخراج الفسفاط والنفط من دائرة العطالة. ولاحظ أن تنامي لجوء الدولة إلى الاقتراض الداخلي يعود إلى تعمق عجز مؤسساتها والمنحى التصاعدي لأعباء خدمة الدين الخارجي الذي خلقته بالأساس الانزلاقات الحادة الحاصلة في المالية العمومية بعد جانفي 2011 وخاصة الانتدابات العشوائية. وخلص إلى التأكيد في هذا الصدد على ضرورة التعجيل بمعالجة أسباب الانزلاقات الحادة التي عرفها النظام الاقتصادي والمالي ووقف هجرة الاستثمار المحلي والأجنبي نحو وجهات أخرى مثل المغرب خاصة عبر إنجاز مراجعة عميقة لمجلة الاستثمار التي لم تحقق الثورة المنشودة في هذا المجال.