ضاعف البنك المركزي التونسي بقرار الترفيع في نسبة الفائدة المديرية من معاناة حكومة يوسف الشاهد ومن حدة الانتقادات التي تواجهها في وقت تمر فيه البلاد بحالة «اختناق» اقتصادي ومالي كبيرة. تونس الشروق: في الوقت الذي تعمل فيه الحكومة على مجابهة موجة الانتقادات والدعوات الى تغييرها، جاء قرار البنك المركزي الأخير حول الترفيع في نسبة الفائدة المديرية ليزيد في حدة الصعوبات التي يواجهها يوسف الشاهد وفريقه الحكومي وليخلق أزمة جديدة بين الحكومة وبقية الفاعلين السياسيين والاقتصاديين. ووفق المحللين فقد جاء قرار البنك المركزي في فترة صعبة للغاية على الصعيدين الاقتصادي والمالي للدولة. ووصفوا هذا القرار ب»القاتل» لأنه سيمسّ مباشرة الوضعية المالية للأفراد والمؤسسات. حيث سيرفع من تكلفة الاقتراض البنكي وما سيتبع ذلك من ارتفاع في تكلفة الانتاج بالنسبة الى المؤسسات التي تؤدي آليا إلى ارتفاع أسعار مختلف المنتوجات. كما سيتسبب في ارتفاع تكاليف القروض بالنسبة الى الأفراد، بما في ذلك قروض السكن وقروض الاستهلاك وقروض السيارات وغيرها وسيزيد بالتالي في الصعوبات المعيشية للمواطن... مبررات ..لكن وكان البنك المركزي قد برر هذا الترفيع في نسبة الفائدة من 5 فاصل 75 بالمائة إلى 6 فاصل 75 بالمائة ( للمرة الثانية في ظرف 3 أشهر بعد زيادة في مارس الماضي من 5 إلى 5 فاصل 75 بالمائة) بالقول إنه يهدف الى ترشيد السلوك الاستهلاكي للمواطن والتقليص من الاقتراض للاستهلاك. ويهدف أيضا الى الحد من التضخم ( ارتفاع الأسعار) الذي ارتفع مؤخرا الى 7 فاصل 7 بالمائة وأصبح مرشحا لمزيد الارتفاع. وقال إن هذا الارتفاع نتج عن ارتفاع الأسعار العالمية للطاقة وللمواد الأساسية والذي أصبح يشكل خطرا على الانتعاشة التي حققها الاقتصاد التونسي في الفترة الأخيرة غير أن هذه المبررات لم تُقنع الفاعلين الاقتصاديين والخبراء والمحللين الذين اعتبروا أنه قد يُكبّل الاقتصاد. ولن يشجع على مزيد الاستثمار والاستهلاك وبالتالي سيتسبب في تعطيل النمو خصوصا أنه سبق للبنك أن رفع من نسبة هذه الفائدة للحد من التضخم. لكن الأسعار واصلت القفز العالي في الشهرين الأخيرين. غضب وانتقادات وكانت الجمعية المهنية التونسية للبنوك والمؤسسات المالية قد اعتبرت أن هذه الزيادة ستمس من مصالح حرفاء البنوك. ويبدو أن البنوك ستعمل على تحملها بمفردها من خلال تقليص هامش ربحها حتى لا تضطر الى الترفيع في نسبة الفائدة التي تطبقها. ولن تشمل بالتالي الحريف. كما انتقد هذه الخطوة الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية وكذلك الاتحاد العام التونسي للشغل والاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري الذي اعتبر القرار «تهديدا للأمن الغذائي›› ودعا الى إلى تعليق الزيادة المعلنة في مجال القرض الفلاحي. ومرد هذه الانتقادات هو التأثيرات السلبية المنتظرة على القرار على المنظومة الاقتصادية والاجتماعية في البلاد خاصة في مجال الأسعار وتكاليف القروض. حيث ستكون نتائجه عكسية في رأيهم لأنه سيؤدي مجددا الى ارتفاع الأسعار وبالتالي الى تواصل ارتفاع نسبة التضخم الى ما فوق 7 فاصل 7 بالمائة والحال أن البنك المركزي قال إن الزيادة تهدف الى الحد من نسبة التضخم!. الحكومة أمام خيارين واعتبر المنتقدون أنه كان بإمكان الحكومة أن تتفادى لجوء البنك المركزي الى مثل هذا القرار عبر آليات أخرى من شأنها أن تدفع النمو وذلك عبر مزيد تشجيع الاستثمار والعمل على الترفيع في إنتاج مختلف المواد حتى يرتفع العرض وتنخفض الأسعار آليا. ما هو سعر الفائدة المديرية ؟ هو السعر الذي يدفعه البنك المركزي على إيداعات البنوك التجارية ويعد هذا السعر مؤشرا لأسعار الفائدة لدى البنوك التجارية التي ينبغي ألا تقل عن سعر البنك المركزي. كما يساعد سعر الفائدة البنك المركزي على التحكم في عرض النقد في التداول من خلال تغيير هذا السعر بالترفيع او بالنقصان. ويقع الترفيع في سعر الفائدة عادة لكبح عمليات الاقتراض وبالتالي تقليل نسبة السيولة في السوق مما يؤدي إلى خفض نسبة التضخم ( ارتفاع الأسعار). ويختلف سعر الفائدة حسب المدة إن كانت شهرية أم سنوية وحسب المبلغ المقترض، ويتحدد سعر الفائدة باتفاق المقرض والمقترض وبناء على العرض والطلب . ويؤدي تغيّر سعر الفائدة نحو الارتفاع إلى انخفاض مستوى الاستهلاك اذ يؤدي إلى ارتفاع التكلفة المترتّبة على الاقتراض من المصارف ممّا يؤدي بدوره إلى اقتراض الأفراد كمية أقلّ من القروض، وينتج عن ذلك تقليل حجم النفقات الاستهلاكيّة. كما يؤثر سلبا في حجم الاستثمار نتيجة زيادة تكلفة المال المقترض لأهداف استثماريّة، كما يؤثر سلبا في قيمة عملة الدولة.