بالأغلبية الساحقة.. 143 دولة تصوت بالأمم المتحدة تأييداً لعضوية فلسطين    زيارة غير معلنة لرئيس الجمهورية قيس سعيد إلى المسبح الأولمبي برادس    ترغم التحسّن الملحوظ : تعادل لا يرضي احبّاء النادي الصفاقسي    المهدية: هذا ما قرره القضاء في حق الأمّ التي عنّفت طفليها    الكريديف يعلن عن الفائزات بجائزة زبيدة بشير للكتابات النسائية لسنة 2023    جندوبة: السيطرة على حريقين متزامنين    وزير الخارجية في زيارة رسمية إلى العراق    بطولة الرابطة المحترفة الأولى: قوافل قفصة يفوز على مستقبل سليمان    بعد صدور بطاقة جلب ضدها: سنية الدهماني تحتمي بدار المحامي    قليبية : الكشف عن مقترفي سلسلة سرقات دراجات نارية    طقس الليلة    باكالوريا 2024: ترتيب الشعب حسب عدد المترشحين    عاجل/ يستهدفان النساء: القبض على نفرين يستغلان سيارة تاكسي للقيام بعمليات 'براكاج'    جلسة عمل وزارية حول ملف ظاهرة الهجرة الوافدة ببلادنا    قريبا ..مياه صفاقس المحلاة ستصل الساحل والوطن القبلي وتونس الكبرى    نحو تنظيم مهرجان عالمي للكسكسي بهذه الولاية    عاجل/ الإحتلال يوسّع عملياته في رفح    بالصور/بمشاركة "Kia"و"ubci": تفاصيل النسخة الثامنة عشر لدورة تونس المفتوحة للتنس..    عاجل/ القسّام تفجّر نفقا بقوة تابعة للاحتلال في رفح.. والأخير يعلن عن قتلاه    في تونس: الإجراءات اللازمة لإيواء شخص مضطرب عقليّا بالمستشفى    تونس ضيف شرف مهرجان إيزيس الدولي لمسرح المرأة بمصر    ماء الصوناد صالح للشرب لكن التونسي تعود على شرب المياه المعلبة... مدير عام الصوناد يوضح    البنك المركزي التركي يتوقع بلوغ التضخم نسبة %76    القطاع الغابي في تونس: القيمة الاقتصادية وبيانات الحرائق    عقوبات سجنية و خطايا مالية : أبرز ما جاء في التنقيحات المقترحة في القانون المتعلق بالأجانب بالبلاد التونسية    الكاف: عروض مسرحية متنوعة وقرابة 600 مشاركا في الملتقى الوطني للمسرح المدرسي    السلاطة المشوية وأمّك حورية ضمن أفضل السلطات حول العالم    رادس: إيقاف شخصين يروجان المخدرات بالوسط المدرسي    عاجل/ غلاء أسعار الأضاحي: مفتي الجمهورية يحسمها    بلطة بوعوان: العثور على طفل ال 17 سنة مشنوقا    بقيمة 7 ملايين دينار: شركة النقل بصفاقس تتسلم 10 حافلات جديدة    وزير التشغيل والتكوين المهني: الوزارة بصدد إعداد مشروع يهدف إلى التصدي للمكاتب العشوائية للتوظيف بالخارج    الرابطة الأولى: برنامج مواجهات اليوم لمرحلتي التتويج وتفادي النزول    وزير السياحة يؤكد أهمية إعادة هيكلة مدارس التكوين في تطوير تنافسية تونس وتحسين الخدمات السياحية    الأمطار الأخيرة أثرها ضعيف على السدود ..رئيس قسم المياه يوضح    نرمين صفر تتّهم هيفاء وهبي بتقليدها    بطولة روما للتنس: أنس جابر تستهل اليوم المشوار بمواجهة المصنفة 58 عالميا    لهذه الأسباب تم سحب لقاح أسترازينيكا.. التفاصيل    دائرة الاتهام ترفض الإفراج عن محمد بوغلاب    منبر الجمعة .. الفرق بين الفجور والفسق والمعصية    خطبة الجمعة .. لعن الله الراشي والمرتشي والرائش بينهما... الرشوة وأضرارها الاقتصادية والاجتماعية !    اسألوني ..يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    إتحاد الفلاحة : '' ندعو إلى عدم توريد الأضاحي و هكذا سيكون سعرها ..''    بسبب خلاف مع زوجته.. فرنسي يصيب شرطيين بجروح خطيرة    بلا كهرباء ولا ماء، ديون متراكمة وتشريعات مفقودة .. مراكز الفنون الدرامية والركحية تستغيث    عاجل/ مفتي الجمهورية يحسم الجدل بخصوص شراء أضحية العيد في ظل ارتفاع الأسعار..    أضحية العيد: مُفتي الجمهورية يحسم الجدل    بلاغ هام للنادي الافريقي..#خبر_عاجل    مدنين.. مشاريع لانتاج الطاقة    ممثلة الافلام الاباحية ستورمي دانيلز تتحدث عن علاقتها بترامب    المغرب: رجل يستيقظ ويخرج من التابوت قبل دفنه    دراسة: المبالغة بتناول الملح يزيد خطر الإصابة بسرطان المعدة    بنزرت.. الاحتفاظ بثلاثة اشخاص وإحالة طفلين بتهمة التدليس    نبات الخزامى فوائده وأضراره    قابس : الملتقى الدولي موسى الجمني للتراث الجبلي يومي 11 و12 ماي بالمركب الشبابي بشنني    تظاهرة ثقافية في جبنيانة تحت عنوان "تراثنا رؤية تتطور...تشريعات تواكب"    سلالة "كوفيد" جديدة "يصعب إيقافها" تثير المخاوف    سليانة: تنظيم الملتقى الجهوي للسينما والصورة والفنون التشكيلية بمشاركة 200 تلميذ وتلميذة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محاكمة الموتى في قضية صالح بن يوسف .. خلع للأبواب المفتوحة.. غلق لأبواب المصالحة
نشر في الشروق يوم 18 - 05 - 2019

أي هدف لمحاكمة الموتى في قضية الزعيم الراحل صالح ابن يوسف؟ إن كان لكشف الحقائق ورد الاعتبار فهذا قابل للنقاش وإن كان لمجرد المساءلة والمحاسبة فإن سؤالا خطيرا يصبح جديرا بالطرح: هل تحول دور هيئة الحقيقة والكرامة إلى غلق أبواب المصالحة؟.
تونس الشروق:
«تحقيق المصالحة» هذا هدف كل تجارب العدالة الانتقالية في العالم. ورغم الاختلاف النسبي في التجارب بين دولة وأخرى فإن تونس لم تشذ عن بقية الدول في تحقيق الهدف الأسمى ذلك أنها أسست هيئة الحقيقة والكرامة لتشرف على مسار العدالة الانتقالية قصد «كشف الحقيقة عن مختلف الإنتهاكات ومساءلة ومحاسبة المسؤولين عنها وجبر الضرر ورد الاعتبار للضحايا لتحقيق المصالحة الوطنية». وفق الأهداف التي عهدت إليها.
هي أهداف مترابطة ومتكاملة ولا يمكن الاستخفاف بأي هدف منها ولكن القراءة السليمة لمغزى العدالة الانتقالية في تونس هي كما في تجارب العالم كله تحقيق جملة من الأهداف المهمة (كشف الحقيقة والمساءلة والمحاسبة وجبر الضرر ورد الاعتبار) للوصول إلى الهدف الأسمى وهو تحقيق المصالحة فهل تتبّعت هيئة الحقيقة والكرامة هذا التمشي النموذجي في قضية صالح بن يوسف؟.
تحقيق هدفين من ثلاثة
بن يوسف هو واحد من جملة الضحايا في تونس المستقلة والأذى الذي لحق به امتد إلى عائلته وأحبابه وأنصاره وأنصار العدالة والانسانية وحتى الدولة التونسية وعليه فإن المحاكمة حتى وإن كانت صورية يمكن أن تحقق هدفين على الأقل من أهداف العدالة الانتقالية هما جبر الضرر مهما كان نوعه ورد الاعتبار.
على هيئة الحقيقة والكرامة أن تحقق ثلاثة أهداف أخرى للوصول إلى الهدف الأسمى وهي كشف الحقيقة والمساءلة والمحاسبة.
أما كشف الحقيقة فمثله كمثل من يخلع بابا مفتوحا بما أن الحقيقة مكشوفة سلفا وبما أن الوقائع معلومة، وقد سبق ل»المتهم الرئيسي» الحبيب بورقيبة أن اعترف بها، وأما المساءلة فتبدو قاصرة على الأقل من الناحية الإجرائية بما أن المحكمة ستكتفي بمساءلة متهم وحيد في ظل وفاة البقية وتعذر الوصول إلى من بقي حيا، وأما المحاسبة فتطرح نقطة استفهام مهمة جدا وهي محاسبة من؟.
منع المصالحة
هناك متهم وحيد ماثل للمحاكمة لكن المحاسبة تتعداه واقعيا ومنطقيا إلى محاكمة الموتى وخاصة منهم الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة قبل الوصول إلى محاسبته عبر الحكم عليه بالإعدام، وبما أنه ميت فإن الاعدام يمس تاريخه وآثاره ومآثره.
بهذا نمر من مجرد محاكمة سامية الأهداف إلى محاكمة سياسية يحاول فيها خصوم بورقيبة الانتقام منه سياسيا وتسجيل بعض النقاط في سلة أتباعه.
يفترض المنطق أن يتم غض النظر عن أي مسألة خلافية وهي متعلقة حتى هذا الحد بهدفي المساءلة والمحاسبة قصد تيسير المرور إلى الهدف الأسمى وهو تحقيق المصالحة وهنا الكارثة.
فمحاكمة المتهمين في قضية بن يوسف، رغم شرعيتها ورغم توافق أغلب التونسيين على عدالتها وإنسانيتها ووطنيتها، قسمت التونسيين بين مناصر للمحاكمة وبين مناهض لها ما أقام سدا منيعا أمام تحقيق المصالحة بين المتضرر والمتهمين على وجه الدقة وبين أنصار الشقين بوجه عام ولكن كيف وصولنا بعدالتنا إلى هذا الطريق المسدود؟.
أخطاء قاتلة
لم تكن المشكلة قط في المساءلة ولا المحاكمة ولا جبر الضرر ولا كشف الحقائق ولا غيرها من الأهداف بل المشكلة في المسار الذي اختارته بلادنا لتحقيق مسار العدالة الانتقالية.
هذا المسار تضمن جملة من الأخطاء القاتلة أولها تسييس العدالة الانتقالية ومحاولة كل طرف الركوب عليها حتى يحقق براءته من جهة ويورط خصومه من أخرى، وثانيها الاعتماد على هيئة حقيقة وكرامة معلولة بفعل خلافاتها الداخلية، وثالثها الاحتكام في رئاسة الهيئة إلى شخصية خلافية ومثيرة للجدل فضلا عن تضررها قبل الثورة ما يجعلها خصما وحكما في الآن ذاته، ورابعها أنه لم تتم تهيئة التونسيين لتقبل أحكام العدالة الانتقالية مهما كانت درجة إيلامها، وخامسها أن تونس خسرت الكثير من الوقت في غلق ملف العدالة الانتقالية إذ من المفترض أن يتم طي صفحته خلال السنوات الأولى التي عقبت الثورة قصد التفرغ إلى الصفحة الموالية المشرقة.
أما الخطأ الأكبر فهو تعايشنا مع كذبة كبرى، ذلك أن أغلب التونسيين لا يرنون إلى المصالحة أو هم على الأقل غير معنيين بها أما القلة القليلة الباقية فلا هم لها من المصالحة غير تحقيق المصلحة في تبرئة نفسها أو توريط خصومها لهذا فشل مسار العدالة الانتقالية في تونس حيث نجح في العديد من التجارب الأخرى.
صالح بن يوسف في سطور
ولد يوم 11 أكتوبر 1907 في جزيرة جربة.
تولى الأمانة العامة للحزب الحر الدستوري الجديد بعد انشقاقه سنة 1934 عن الحزب الحر الدستوري الذي أسسه عبد العزيز الثعالبي.
نشأ خلاف بينه وبين زميله الحبيب بورقيبة حول زعامة الحزب.
وقع أهم صدام بين الطرفين سنة 1955 عندما رفض بن يوسف القبول بالاستقلال الداخلي واتهم بورقيبة بالخيانة والكفر لكن الغلبة كانت لبورقيبة وأنصاره الذين فصلوا بن يوسف عن الحزب.
تحول خلال جانفي 1956 إلى مصر حيث تقرب من الزعيم جمال عبد الناصر وظل يحرض أنصاره على مواصلة الكفاح المسلح وزعزعة النظام لكن موقفه ضعف بحصول تونس على الاستقلال التام بعد شهرين فقط.
حافظ على تصلبه في رفض الصلح عكس بورقيبة الذي ترجاه أن ينسى خلافهما ويشاركه في بناء الدولة.
تحول خلال جوان 1961 إلى ألمانيا للعلاج لكن قضى في عملية اغتيال خلال أوت من السنة نفسها.
ليس هناك أي دليل على أن بورقيبة دبر عملية الاغتيال أو أوصى بها ولكن سكوته وتقليده بعض المشاركين في الجريمة ومفاخرته في محاضرة ألقاها سنة 1973 أمام طلبة معهد الصحافة وعلوم الأخبار بأن عملية الاغتيال نفذّها جهاز تابع للدولة اعتبر دليلا على دوره في الجريمة.
قالوا عن المحاكمة
- فوزي اللومي (رئيس المكتب السياسي لحزب البديل): تونس تتعرض لعملية تخريب سياسي ممنهج آخر فصولها الزج بالقضاء في هذه المهزلة من خلال ما اطلق عليه بمحاكمة قتلة صالح بن يوسف، وهذا الأمر سيزيد في إرباك القضاء وإرباك الوضع السياسي.
عبد اللطيف الحناشي (جامعي ومؤرخ):
تم رد الاعتبار للشهيد صالح بن يوسف منذ حوالي ثلاثين سنة اذ أعادت الدولة التونسية رفاته من مصر إلى تونس وقضى جثمانه ليلة كاملة في مقر التجمع الدستوري الحاكم (بالقصبة آنذاك) ثم دُفِن بمربّع الشهداء بمقبرة الجلاز، وعادت أرملته(السيدة صوفية) إلى تونس واستقبلها رئيس الدولة آنذاك وتم تكريمها وعوّضت لها الدولة التونسية، وتم إطلاق اسم الشهيد على أحد شوارع العاصمة.
عبير موسي (الحزب الدستوري الحر):
إنّنا لا نعترفُ بالمحاكمات غير الشرعية والمهزلة المتمثلة في محاكمة الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة، كما أنّ قانون هيئة الحقيقة والكرامة يفتح الباب على مصراعيه للنبش في الماضي وإثارة الفتنة وتصفية الحسابات، وسنواصل معارضة هذا المنهج الفاشي الديكتاتوري المنافي لحقوق الإنسان، إنّ تقديم هذه القضية لإدانة بورقيبة تمّ خارج الآجال القانونية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.