يحيي المسلمون اليوم 17 رمضان ذكرى الكبرى التي حدثت في السنة الثانية للهجرة وهي أول صدام حقيقي بين الحق والباطل ومعركة إثبات الوجود لدولة الإسلام الناشئة ولنا في هذه الغزوة الكثير من الوقفات والدروس المستفادة . ان من أعظم الوقفات في غزوة بدر أنها أرست مبدأ الشورى فعلى الرغم من أن النبي يوحى إليه من السماء إلا أنه أراد أن يعلم الأمة أن الخير كل الخير في الشورى وفي رأي الجماعة ولذلك استشار صلى الله عليه وسلم أصحابه في هذه الغزوة أربع مرات المرة الأولى عندما استشارهم في مهاجمة القافلة والمرة الثانية استشارهم في قرار المواجهة عندما أعلنت قريش الحرب على المسلمين والمرة الثالثة عندما استشارهم في موضع القتال ومعارضة الحباب بن المنذر واشارته الى آبار بدر أما الموقف الرابع فهو أخذ الشورى في أمر الأسرى. أربع مرات في حدث واحد يطبق النبي صلى الله عليه وسلم فيه الشورى بين أصحابه على الرغم من أنه قادر على أن يحسم كل هذه الأمور دون شورى ولكنه أراد أن يعلم الأمة الأخذ بالشورى في كل الأمور. ومن أهم الوقفات في غزوة بدر أنها علمت المسلمين أن يأخذوا بالأسباب وحسن التوكل على ربهم ثم انتظار النتائج العظيمة فقد أعدّ النبي صلى الله عليه وسلم الجيش إعدادا جيداً واستغل الإمكانات المتاحة ووضع الخطط المحكمة واتخذ المواقع المناسبة وحدد قادة المعركة ومن يخرجوا للمبارزة ثم بعد ذلك أحسن التوكل على ربه فكانت المكافأة بالنصر العظيم. وعلى الرغم من أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يترك سببا من أسباب النصر إلا وقد أخذ به إلا أن ذلك لم يمنعه من أن يتذلل ويبتهل إلى ربه ويستجلب منه النصر ويطلب منه العون فيقف النبي صلى الله عليه وسلم ويرفع يده للسماء وهو يقول اللهم إن تهزم هذه العصابة فلن تعبد في الأرض بعد اليوم ويستمر النبي صلى الله عليه وسلم حتى يسقط رداءه فيأتيه الصديق ويقول له يا رسول الله هون عليك ألم يعدك ربك بالنصر ولكن النبي يريد أن يعلم المسلمين أن الله هو ناصركم وليس غيره لذلك لا تتركوا بابه ولا تعتمدوا على قوتكم وتنسوا أن النصر من عند الله ومنذ اللحظة الأولى ومن أول معركة أراد الله أن يعلم الأمة أنها لا تنتصر بعدد ولا بعدة إنما تنتصر الأمة بإيمانها بربها وقوة عقيدتها فقد كان عدد المسلمين في بدر 312 بينما عدد المشركين 950 أي أن المشركين ثلاثة أضعاف المسلمين ومع ذلك نصر الله عباده المؤمنين نصرا عظيماً وأمدهم بمدد من عنده عندما تحققت فيهم شروط النصر وهذا ما قاله الفاروق عمر رضي الله عنه إنكم لن تنتصروا على عدوكم بكثرة عددكم وعدتكم إنما تنتصرون عليهم بايمانكم وعدم عصيانكم فإذا تساويتم معهم في المعصية كانت الغلبة للعدد والعدة .