الشروق – مكتب الساحل تعتبر مدينة سوسة واحدة من المدن العريقة تاريخيا يرجع تاريخ تأسيسها إلى القرن العشر قبل الميلاد حين استقر بساحلها الفنيقيون قادمون من سور جنوبلبنان وأحدثوا مركزا تجاريا أطلقوا عليه إسم «حضر موت» والذي أصبح من أهم المراكز التجارية على السواحل الإفريقية بفضل موقعه الجغرافي ،اعترف الرومان بالإستقلال الذاتي ل»حضر موت» والتي لقبوها بالمدينة الحرة وشهدت في العهد الروماني إزدهارا كبيرا وعم فيها الرخاء وأصبحت المدينة الإفريقية الثانية بعد قرطاج وأصبح مرساها من أنشط المراسي التجارية في البحر المتوسط ،جاء الوندال في القرن الخامس ميلادي ومكثوا بالمدينة حوالي قرن وأطلقوا عليها إسم»هونريكو بوليس»تخليدا لذكرى ملكهم وعانى سكان»حضرموت» الويلات نتيجة غارات الوندال ،وتحررت المدينة على يد البيزنطيين الذين رفعوا سورها من جديد بعد تهديمه وسميت باسم جديد وهو»جوستنيا بوليس» تخليدا لذكرى الأمبراطور البيزنطي واستعادت ازدهارها ومكانتها كعاصمة الوسط التونسي وأصبحت المدينة الثانية من حيث الأهمية والثراء بعد عاصمة الإقليم الكبرى وقرطاج، وإثر الفتح الإسلامي في القرن السابع ميلادي أطلق عليها إسم «سوسة» وعرفت في عهد الإمارة الأغلبية من 800 إلى 900 ميلاد ازدهارا كبيرا وصفه المؤرخون بالعهد الذهبي، جعل الأغالبة من المدينة مرسى لعاصمتهم القيروان وبفضل إحداث دار لاصناعة نشط الأسطول ونما واصبحت له السيادة البحرية مما مكن القائد أسد ابم الفرات من فتح صقلية انطلاقا من ميناء سوسة سنة 827 ميلادي ،وبزوال دولة الأغالبة تدهورت أحوال البلاد وتقلص نشاط سوسة التجاري والحربي في العهد الفاطمي. وأصبحت المدينة عرضة للفتن والإنتفاضات عرفت بعدها انتعاشة في المجال الصناعي والتجاري خلال ولاية بني زيري الصنهاجي تلتها حركة معمارية فنية مزدهرة توقفت بانهيار الدولة الصنهاجية بسبب الزحف الهلالي ولم تسترجع سوسة سالف نشاطها إلا في القرن الثالث عشر ميلادي زمن الحفصيين واستعادت المدينة ازدهارها وفتحت ميناءها للتجارة الواسعة مع الأوربيين إلى أن نشب الصراع الإسباني والعثماني في القرن السادس عشر ميلادي وحظيت سوسة بعناية كبيرة من طرف البايات واسترجعت انتعاشها التجاري إلا أن الفتن بين المتنافسين على الحكم والإنشقاقات حالت دون إستقرار أوضاعها، وعرفت سوسة نهضة إقتصادية في عهد الحماية الفرنسية مع انتشار العمران خارج الأسوار وإحداث مدينة جديدة على النمط الأوروبي ورغم الغارات الجوية والأضرار الجسيمة التي لحقتها جراء الحرب العالمية الثانية استرجعت سوسة سالف نشاطها بسرعة فائقة بعد إستقلال البلاد،وتعتبر اليوم عاصمة الساحل والوسط التونسي وقطب إقتصادي وبعد أن كانت مساحتها 32 هكتار أصبحت منطقتها البلدية تغطي 5 آلاف هكتار واصبحت قبلة للآلاف من السياح من داخل وخارج الجمهورية التونسية