مقهى العباسية بمنطقة باب سويقة بالعاصمة له رمزية كبيرة لأبناء الجريد وأبناء مدينة نفطة تحديدا لأنها كانت تضم جلسة تاريخية يتحلق حولها عدد كبير من أبناء نفطة يتجاذبون خلالها أخبار مدينتهم ونوادرها وأعلامها وتاريخها... وكانت ملتقى فرقة حضرة سيدي بوعلي التي تؤثث سهرات العائلات الجريدية بالعاصمة وجلسة الجريدية بهذا المقهى كانت تستقطب فضول واهتمام رواده من أبناء العاصمة الذين كانوا يقتربون من المجلس في إعجاب كبير بروح الفكاهة وجوالمرح الذي يغمر المكان. لقد فتحت صالة الفتح في رمضان 1959 أبوابها لتحتضن سهرات شهر رمضان الفنية والابداعية التونسية الاصيلة في تنفيذ موسيقي لفرقة المنار بقيادة عازف الكمنجة الشهير الراحل قدور الصرارفي. كان برنامج السهرة متنوعا يجمع بين الغناء والموسيقى واللوحات الفرجوية الراقصة لبالي إيطالي يحمل اسم «تشي تشي». أما الفقرة الغنائية فيؤثثها الفنانون: الهادي المقراني ومحمد لحمر ونور السلطان والجزائري أحمد وهبي. ويمثل علي الرياحي النجم الأول لسهرات رمضان في صالة الفتح على اعتبار أنه يقدم في كل سهرة 10 أغان... أغنيات يطرب بها الساهرون على اعتبار أن علي الرياحي يعتبر مجددا في ألحانه من حيث هي إحياء لروح أصيلة كادت تتلاشى وتندثر وكان مجددا في نبراته من حيث هي تصرّف بتقاليد كانت تحجرت فأعاد إليها نضارتها وحرّك معينها وعالج خفي أسبابها. فإذا بالتجديد ينقلب على يده الى تطويع للتقاليد وإثراء للتراث وإذكاء لملكة الخلق الصحيح، وإذا التجديد عنده تجاوز للقديم وغموض عن الروح وعود الى الينابيع الصافية لأنه رفض للتقليد بقدر ما هو نبذ للتشويه ... هوالراحل علي الرياحي الذي ناضل وثابر وكوّن رصيدا فنيا كلّه ابداع وتجديد واعتزاز بالخصوصية التونسية، فحاز الاعجاب والتقدير... فكان نجم صالة الفتح وهو الذي لقّبه الشاعر محمود بورقيبة ذات يوم من سنة 1944 بمطرب الخضراء.