غير بعيد عن صالة الفتح التي بعثها الى الوجود احمد الغربي بمساعدة من الفنانة فتحية خيري، في قلب باب سويقة، يوجد مقهى الانس.. الذي يعد وجهة الطبقة المثقفة واهل الفن والموسيقى خلال فترة الاربعينات والخمسينات على وجه الخصوص. فقد مثل هذا المقهى وخاصة في ليالي رمضان قبلة الفنانين والعازفين والمؤدين والمرددين لعقد الصفقات والاتفاق على مواعيد الحفلات الخاصة.. والتفاوض بشأن بعض الأسماء الفنية التي كان لها حضورها اللافت في تلك السنوات.. كما كان مقهى الانس يمثل نقطة اللقاء بين العديد من اهل السياسة للحديث حول كل ماله علاقة بالحركة الوطنية والنضال من اجل استقلال البلاد وكان من ضمن روادها المناضل الكبير المنجى سليم. ولم يقف الامر عند هذا الحد، بل كانت المبادرة بتأسيس فرقة موسيقية تحت مسمى «الانس»... فرقة تنتصر للأغنية التونسية الاصيلة وتتغنى بالتراث والاناشيد الصوفية في حفلات الختان بدرجة أولى، وكان من أبرز العازفين فيها قدور الصرارفي وصالح المهدي ...وكانت تقدم سهرات خاصة في المناسبات الدينية منها إحياء ليلة القدر حيث يتضمن برنامجها وصلات من الانشاد الديني والاحتفال بليلة عيد الفطر المبارك الى جانب الاحتفالات العائلية الخاصة والاجتماعية ذات المجال الضيق، ففي حين كانت الجالية الأوروبية تتسابق نحو المسارح والحفلات، كان الأهالي المنعزلون داخل المدينة العتيقة يتسلّون بالأنشطة المناسباتية التابعة للاحتفالات الخاصة والتظاهرات الجماعية العائلية أو الاجتماعية والأعياد الدينية كما سبقت الإشارة الى ذلك».