هو أكبر وأقدم مقهى في قلب الحلفاوين ...» مقهى سيدي عمارة». يحده يمينا سوق بالخير الذي يقود الى قوس باب الخضراء، وعلى اليسار جامع صاحب الطابع، وامامه قصر خير مصطفى خزندار الذي تحول منذ سنة 1988 الى المقر الرسمي للمسرح الوطني التونسي. كما كان هذا المقهى شاهدا على بداية انطلاق الخرجة الصوفية التونسية وهي خرجة تزفها دفوف الصوفيين الصاخبة في موكب ديني يطوف المدينة. هذا المقهى الذي يقع في الحي العتيق بالحلفاوين يمثل مزيجا فريدا في تونس، فبالإضافة إلى رواده الأوفياء وعابري السبيل مثّل المقهى على مر الزمان لقد كان مقهى « سيدي عمارة « بالحلفاوين – وخاصة في ليالي رمضان- قبلة اهل العاصمة الذين يجلسون في النصف الأول منه في حين يكون النصف الثاني لأهل مدينة الحامة الذين يشتغلون في معمل الدقيق بالعاصمة. وكان الرواد يتسامرون ويتناقشون في الشأن العام للبلاد ويتبادلون الملح والنوادر ويلعبون الورق حتى موعد السحور وكان المقهى أيضا فضاء لعرض الأفلام السينمائية لام كلثوم وفريد الأطرش ... ويعد مقهى «سيدي عمارة» قبلة اهل الثقافة والفن والسياسة من ذلك الممثل والمخرج المسرحي الإذاعي حمودة معالي والشاعر الغنائي احمد خير الدين والفنانين الفكاهيين الهادي السملالي وصالح الخميسي والعازف والملحن صالح المهدي وعازف العود المعروف محمد بن عثمان وعبد العزيز العروي. كما كان هذا المقهى يمثل فضاء للقاء وعقد الاتفاقيات لإحياء حفلات الختان والخطوبة من ذلك فرقة «القنطرة»... وهي عبارة فرقة موسيقية مكونة من موسيقيين فاقدي البصر ومختصة في احياء وتقديم السهرات الفنية الخاصة بالنساء ومن اهل السياسة كان المقهى قبلة الزعيمين على البلهوان والمنجي سليم والمحامي عبد الرحمان الهيلة.. وإذا كان مقهى سيدي عمارة يمثل أقدم المقاهي في بطحاء الحلفاوين العريقة، فان هذه البطحاء تتوفر على مقاه أخرى لا تقل عراقة وهي شاهدة اليوم على العديد من الذكريات الخالدة ...ذكريات عابقة بأريج الحنين والحب والاعتزاز بهذه البطحاء ويحفظ التاريخ للحلفاوين أحداث يوم 9 أفريل في تونس وسط احتجاجات شعبيّة طالبت بإصلاحات سياسية، بما في ذلك إنشاء برلمان وطني حر مستقل، وبدأت في شكل مسيرتين بالعاصمة التونسية يوم 8 أفريل خرجت إحداهما من ساحة الحلفاوين بقيادة القيادي المناضل علي البلهوان والأخرى من رحبة الغنم يقودها المنجي سليم. يتبع