عند باب الشرفيّين تبدو الزاوية القادريّة بصومعتها الأنيقة وحديقتها الجميلة علامة على التكامل في الإسلام ببعديه السّنّي والشعبي، بين التعبّد والتصوّف. ولذلك احتوى هذا المركّب الديني الفسيح على جامع وزاوية منسوبة إلى سيدي عبد القادر الجيلاني. أسّسها سنة 1833م شيخ الطريقة الحاج محمد المازوني المغربي (ت1296ه/1878م) والمدفون خارجها الذي هدمت زاويته لتشييد القصر الرئاسي في عهد الرئيس بورقيبة. وهو الذي أسّس الزاوية القادريّة بنهج الديوان بتونس سنة 1850م. وبإذن من الأمير محمد الناصر باي رمّمها سنة 1919م أحمد بن زواري المنسوب إلى قدّور جدّه للأم. وقدّور هو الابن الروحي للشيخ المازوني. وإذا كانت الزاوية القادريّة نشيطة في الماضي خاصّة بتأطير من السلطة الفرنسيّة فإنّ النشاط اقتصر منذ الاستقلال على الجامع والكتّاب.وكان قسم منها مخصّصا لمكتبة عموميّة، إلاّ أنّها مازالت بمنزلة معلم أثري جدير بالزيارة لروعة معمارها وتزاويقها المتأثّرة بالطابع الأندلسي خاصّة في كساء المدخل والصومعة بالنقوش والخزف في إطار تونسي. يتكوّن المدخل من باب مقوّس في إطار من حجر الكذّال الصقيل، شبيه بالمحاريب في تناوب الأبيض والأسود، المعروفين بالقائم والنائم في حين كسيت تربيعة المدخل بالخزف الملوّن. كلّ هذه العناصر والأشكال الزخرفيّة تكرّرت على النافذتين الجانبيتين للمدخل بحجم أصغر، على حين امتدّ على جدار الواجهة كساء من القرميد الأخضر والمثلّثات على سطح النّتوء القائم على أربعة عمد متوّجة متّصلة بالواجهة على جانبي الباب والنافذتين. وتنسجم مع الواجهة الصومعة المربّعة الشبيهة بصومعة جامع القصبة الحفصي بتونس في تأثّرها بالفنّ المغربي رغم تجديدها في بداية القرن العشرين. ويتّسع فضاء الزاوية المقبّبة لبيت الصلاة ومدرسة قرآنيّة وصحن محاط جزئيّا برواق المدخل.