أسس السلطان أبو زكريا الحفصي جامع القصبة الملقب بجامع الموحدين أو الجامع «الحفصي» عندما أعلن استقلاله عن الدولة الموحدية بمراكش وسط القصبة التي كانت تضم ايضا مقر الحكم والقصر. وأشرف على أشغال بنائه البنّاء الشهير علي ابن محمد ابن قاسم سنة 630ه/1230م. ويتميز جامع القصبة خاصة بقبته التي تسبق المحراب والمئذنة التي تشبه مئذنة الكتبية بمدينة مراكش والتي تبرز كأعلى مئذنة يمكن رؤيتها من كافة المآذن الأخرى في المدينة ومنذ سنة 992 ه/1584م, أصبح هذا الجامع حنفيا. وقد اكتملت أشغال ترميمه وصيانته خلال الستينات . . كانت البناية في الأصل عبارة عن مسجد صغير لحي، لتتحول إلى جامع تقام فيه صلاة الجمعة بعد أن كانت حكرا على جامع الزيتونة. وانطلاقا من القرن 16م، إبان الفترة العثمانية، أصبحت الصلاة تقام فيه حسب المذهب الحنفي الذي هو مذهب الحكام الجدد لبلاد إفريقية. شهد المسجد عدة أعمال للإصلاح والتجديد كما تشهد على ذلك التذهيبات التي تغطى تيجان المحراب. وخلال نفس الفترة (سنة 992م/1584م) وضع منبر من الطراز العثماني ملبس بالرخام، مكان المنبر الخشبي الحفصي. رغم تأثره بالعمارة الدينية الأجنبية، يتبع جامع القصبة طراز المساجد الإفريقية التي تتجلى من خلال قاعة الصلاة المعمدة والقبة ذات الحنيات الركنية الموجودة أمام المحراب. لكنه على الرغم من ذلك، يبقى أول مسجد بإفريقية يحمل مميزات العمارة الموحدية وخاصة بلاطه الأوسط المعادل لكل البلاطات. هذا التصميم نجده مجسدا في جامع حسان بالرباط (القرن 12م). ويبقى العنصر المثير الانتباه هو الصومعة التي تتخذ من خلال مكوناتها الزخرفية شكل الصوامع الموحدية المغربية و الأندلسية. تتمدد الأقواس المتعددة الفصوص المنجزة بقاعدة الصومعة إلى الأعلى بواسطة تشبيكات ذات لون أمغر تغطي واجهات الصومعة بسلسلة من المعينات. أما الجزء العلوي فينفتح بأقواس ثلاثية متجاوزة ومحاطة بإطار من التلبيس الخزفي. يتوج الصومعة منور ذو تصميم مربع تزينه كوة ذات قوس متجاوز بكل واجهة.