لشهر رمضان وقع خاص في تونس وخاصة خلال نصفه الثاني إذ تزدهر الأنشطة التجارية ليلا ومعها تزدهر أنشطة المقاهي والمطاعم والفضاءات العائلية ويصبح لليل تونس مشهد آخر يصلح للتوثيق. تونس/الشروق بعد ساعة من الإفطار تكون شوارع العاصمة شبه خالية ويكون عدد من يغادرون في اتجاه المحلات التجارية والمقاهي قليلون والسبب ما يعرضه التليفزيون فاغلب التونسيين من جمهور الشاشة شدّهم تنوّع الإنتاج الدرامي هذا العام والتنوّع منحهم فرصة متابعة ما يريدونه إذ على غير العادة لا تعرض القنوات التلفزية انتاجا دراميا واحدا تسهل مقاطعته إن لم يعجب الجمهور لذلك يرجئ الكثيرون مغادرتهم للمنزل الى ما بعد الانتهاء من المسلسل. حركيّة تجارية تضحك لبنى وهي تقول مداعبة لابنها «نحن لسنا من أصحاب «مشاعر» هذه الليلة خرجنا باكرا حتى نقتني لباس العيد لهيثم ولكن كما ترون باب المحل ما يزال مغلقا ولا يُفتح إلاّ عند الساعة التاسعة». كانت لبنى تجلس خلف مقود سيارتها قبالة المحل وعلى يسارها زوجها وطفلها. كانت أوّل الواصلين الى المكان ثمّ تواتر قدوم سيارات أخرى كثيرة من كل الاتجاهات تحمل حرفاء جددا لهذا المحل الذي لا يتجاوز عمره الثلاث سنوات لكنه اصبح يستقطب حرفاء من كل المناطق. ترجّل البعض من سياراتهم وتوقفوا امام باب المحل يتبادلون التحية والنقاش حول أسعار ملابس العيد. ويتفق الجميع بان الأسعار كالحصان الجامح يصعب التحكّم فيها. في الانتظار انتصبت قبالة مبنى المحل ثلاث عربات يدوية لشباب امتهنوا بيع الألعاب البلاستيكية للأطفال وبيع البالونات و»القطانيا» و»الكاكي» وهي بضاعة تلاقي رواجها الواسع في صفوف الأطفال المرافقين لعائلاتهم. ويقول عبد الرزاق احد هؤلاء المنتصبين امام المحل إنه لجأ لهذه العربة لضمان مورد رزق مؤقت خلال رمضان مضيفا «هانا ندورو في الدولاب ورمضان رحمة تنسانا فيه البلدية». ومثله يقول لطفي ذو ال19 ربيعا إنه يمتهن بيع الكاكي و»البالونات» امام المحلات التجارية خلال شهر رمضان للمساعدة على توفير حاجيات اسرته معتبرا ان النشاط التجاري الواسع للمحلات خاصة خلال النصف الثاني من شهر الصيام يفتح الطريق لكسب الرزق بالنسبة للمعطّلين عن العمل مثله. عنف أغلب المحلات تصبح خلال النصف الثاني من شهر رمضان تعمل وفق تنظيم وقتي جديد فتفتح أبوابها منذ الساعة التاسعة ليلا الى غاية الساعة الواحدة صباحا. وتقول بائعة في أحد محلات بيع الملابس إنّ «العمل يصبح منهكا جدّا خلال شهر رمضان فتشهد المحلات حالة اكتظاظ كبرى» وتضيف ضاحكة «نطلب من الحرفاء منحنا وقتا للسحور». هذه الحركية تكون في الغالب مرفوقة بازدحام واختناق مروري يتواصل في بعض الطرقات الى غاية ساعات الفجر الأولى. والى جانب الأنشطة التجارية المنظمة وغير المنظمة التي تزدهر خلال شهر رمضان خاصة منها المتعلقة ببيع الملابس الجاهزة والاحذية يشهد قطاع المقاهي نشاطا واسعا فالمقهى مقصد الجميع للقاء الأصدقاء والاحباب وتبادل النقاشات. الا ان هذا النشاط لا يخلو من تجاوزات طيلة شهر الصيام إذ تستغل اغلب المقاهي الأرصفة لتوسيع طاقة استيعابها كما تعتمد بعض المقاهي على البيع المشروط. وتشهد المدينة العتيقة بالعاصمة كل رمضان حيوية خاصة وتصبح مقصدا لعشّاق مقهى الشواشين وغيرها من المقاهي المجاورة الى جانب امتهان بعض الشباب العمل كعازفين في تلك المقاهي إحياء للسمر الرمضاني. والى جانب الأنشطة التجارية والترفيهية التي تستقطب الآلاف من العائلات والشباب يشهد شهر رمضان حركية ثقافية فمهرجان المدينة هو من الأسس الثقافية في شهر رمضان سواء في العاصمة او في بقية الجهات. وتسمّى دورات هذا المهرجان في الغالب بليالي رمضان على غرار ليالي المدينة بالقيروان وليالي رمضان بسوسة وليالي الحلفاوين. ويشمل المهرجان عروضا موسيقية وسينمائية. وتشهد ليالي مهرجان المدينة في مختلف الجهات اقبالا واسعا من قبل الجمهور. هذا الاقبال يجعل رمضان مناسبة تنشط فيها بعض الشركات لتنظيم عروض خاص في المسرح البلدي وهي عروض تلاقي الاقبال الواسع من الجمهور أيضا. والى جانب هذه العروض الثقافية الفنية تنظم جمعية روزا ليكسمبورغ منذ 22 ماي الجاري عروضا سينمائية لعرض أفلام وثائقية مناصرة للقضايا الاجتماعية المطروحة. هذه التظاهرة تحمل عنوان «سيني سوسيال» وتعرض أفلام تطرح قضايا اجتماعية وتفتح الباب على واقع واهتمامات التونسيين ما بعد الثورة ومن الأفلام المعروضة للجمهور فيلم «جيل مانيش مسامح» وفيلم «كسكسي حبوب الكرامة» وفيلم «ديبارتاتو» وفيلم «ليلا لاباس؟» وفيلم «أصوات القصرين» و»الثورة في الحوض المنجمي والعدالة الانتقالية» وغيرها من العروض التي تعقبها نقاشات حول واقع هذه القضايا الاجتماعية. ليال نشطة في مختلف المجالات تلك هي أجواء رمضان في ليالي تونس الا ان هذه الحركية تشوبها بعض التجاوزات في مختلف المجالات ولعلّ ابرز تلك التجاوزات حالة العنف المتبادل بين التونسيين حيث التقوا. وحول هذه الحالة النفسية والاجتماعية يقول الدكتور الحبيب تريعة الاخصائي في علم النفس الاجتماعي إن شهر رمضان هو حالة استثنائية في تونس حيث يصبح الكل غير مرتاح والكل يمارس العنف خاصة وان تراكم الازمات يولّد نوعا من الحساسية بين الافراد وينمّي مشاعر الكراهية والحقد وبالتالي انتهاج سلوك سلبي تكون نتيجته تبادل العنف. ياسر بن خليفة (مدير عام المنافسة والأبحاث الاقتصادية) تشديد المراقبة خلال النصف الثاني تونس/الشروق أسماء قال مدير عام المنافسة والأبحاث الاقتصادية بوزارة التجارة ياسر بن خليفة ل»الشروق» إنّه تم تعزيز فرق المراقبة خلال النصف الثاني من شهر رمضان وهو ما يفسّر زيادة المعدل اليومي للمخالفات والتي ارتفعت من 375 مخالفة خلال النصف الأول لشهر رمضان الى 400 مخالفة يوميا خلال النصف الثاني والى غاية مساء امس الأول الخميس. كما قال ياسر بن خليفة إنه تم الى غاية 23 ماي الجاري القيام ب58 الف و266 زيارة مراقبة تم خلالها رفع 6882 مخالفة اقتصادية بمشاركة 2131 عون. هذه العملية اسفرت عن حجز 136 طن من المواد المدعمة منها 86 طن فرينة مدعمة و25 طن من مادة السميد و10 طن من السكر و60 الف لتر من الزيت المدعم وتم أيضا حجز 40 طن من الخضر والغلال و7 طن من اللحوم والاسماك و10 آلاف بيضة و21 طن من المواد الغذائية و18 آلة وزن. وأكد بن خليفة ان المخالفات توزعت كالتالي: 33 بالمئة من المواد الغذائية تمثلت أساسا في البيع بأسعار غير قانونية والبيع المشروط واخفاء بضاعة وعدم الاستظهار بالفاتورات. و30 بالمئة من الخضر والغلال وشملت المخالفات البيع خارج مسالك التوزيع القانونية والاحتكار والمضاربة وعدم احترام هوامش الربح القانونية. و13 بالمئة مخالفات في المقاهي والمخابز والمطاعم وشملت هذه المخالفات البيع المشروط واعتماد أسعار غير قانونية فيما يتعلق بمادة الشاي والتلاعب بتراتيب الدعم مثل الفرينة المدعمة. كما شملت المخالفات 9 بالمئة في قطاع الدواجن والبيض و5 بالمئة في اللحوم والاسماك. وأوضح ياسر بن خليفة انه تم تعزيز فرق المراقبة في مقارنة مع النصف الأول من رمضان ليرتفع عدد فرق المراقبة من 120 الى 165 فريق عمل خلال النصف الثاني. كما ارتفع معدل عدد الزيارات من 2400 زيارة تفقد الى 2828 زيارة تفقد. واكد انه سيتم خلال النصف الثاني من رمضان تكثيف المراقبة خاصة في قطاعات الملابس والاحذية وكذلك في المقاهي وغيرها من الفضاءات. وكشف بن خليفة انه تم الى غاية مساء الخميس 23 ماي حجز 7 آلاف لعبة للأطفال فيها مخاطر مثل الخراطيش والأسهم وكذلك حجز 3 آلاف «فوشيك» وحجز كميات كبيرة من الحلويات.