إن معركة طرابلس التي يخوضها الجيش الوطني الليبي معركة وطنية بالأساس ترمي الى تحريرها من ربقة ميليشيات «الاخوان» و«القاعدة» و«داعش» والتنظيمات الارهابية الدولية القادمة من تركيا والمدعومة منها ومن قطر وذلك بعد فراغه من تحرير مدينة بنغازي من مثل هذه العصابات الارهابية المحلية والوافدة هذه المدينة التي يعتبرها ابنها المثقف والأديب محمد الشويهدي وطنا في مدينة لاعتبارات تاريخية لا تغيب عن المؤرخين الأمناء وهو ما يترجم توقه كمثقف عربي ليبي الى تحرير وطنه الذي استشهد من أجله البطل المغوار عمر المختار ورفاق دربه البررة من أبناء وطنه ليبيا الحبيبة وكل الأقطار العربية مما جنت عليها مؤامرة الربيع العبري المكنّى غيلة باسم الربيع العربي صنيعة أبناء سام عرّابو ديمقراطية الفوضى الخلاقة وهذا ما تجلى بوضوح في جواب المثقف والكاتب الليبي محمد الشويهدي بمناسبة محاورته من الكاتب العراقي عذاب الركباني الذي بادره بالاسئلة التالية: واقعنا العربي سوداوي ومحبط وهزيل، أي دور يمكن ان تؤديه الثقافة والابداع فيه؟ قل لي: كيف تفسّر صمت المثقفين على ما يدور في هذا الواقع من حروب إقليمية مفتعلة وفتن طائفية وتبعية واحتلال وفرقة وشراسة قوى الظلام ممن يريدون بنا العودة الى خمسة عشر قرنا مضت؟ فأجاب أديبنا الشويهدي بكل جرأة باعتباره مثقفا شاهد عيان على مؤامرة الربيع العربي كالآتي: ما يصفه الصهيوني برنار هنري ليفي عرّاب نكبة ليبيا في كتابه «يوميات كاتب في قلب الربيع العربي» ما يصفه بالربيع الليبي كان مؤامرة مكتملة الاركان شأن كل ربيع أصاب قطرا عربيا. الوطن العربي من المحيط الى الخليج يكاد يكون قارة تطفح على بحيرات من النفط والغاز بطون أراضيها حقول ذهب ومعادن ثمينة، موقعها استراتيجي يشرف على بحرين (المتوسط والأحمر) وعلى محيط حديقتها الخلفية البكر افريقيا السمراء ، ثرية مثمرة جذابة ، قارة بكل هذه المواصفات تثير شهية الاستعمار العجوز فيبتكر «الربيع العربي» ويُمنى بربيع الياسمين فيجتاح الأوطان ويحوز الغنائم ولا يتنسّم الهنود الحمر الجدد إلا روائح البارود والدماء والموت. الوطن الليبي بعد ربيع «ليفي» تحول الى وطن مستباح منهوب الارض والعرض والقوت... الوطن العربي بعد «سايكس بيكو الثانية» منتهك، إما باحتلال عسكري موارب بين ابتزاز يرقى الى الحرابة او حروب استنزاف تخلخل الاستقرار وتشيع الفوضى والدمار. تصوّر أقصى أحلام العدو الصهيوني كان «الأرض الموعودة» La terre promise من النهر الى البحر، نكبة ربيع الوطن العربي فاقت كل أحلام بني صهيون ، هم الآن يتطلعون الى أرض موعودة أخرى تمتد من شواطئ البحرين الأبيض والأحمر الى ضفاف المحيط، الجيوش العربية أبيدت بذريعة «حماية المدنيين» والحديث عن تحرير فلسطين صار هراء يا امة ضحكت من جهلها الأمم. آخر احصائية صدرت عن المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم «ألكسو» في 2015 تفيد بأن نسبة الأمية في الوطن العربي بلغت 27.1 في المائة وأن عدد الأميين يقارب 54 مليونا هؤلاء غير القادرين على «فك الخط». الكارثة الأكبر تطول التعليم في الوطن العربي جل الجامعات تخرّج جهلة، يتخذون من الليسانس أو البكالوريوس رخصة تعيين أو وسيلة وجاهة. لغتنا العربية مستهدفة، ذلك لأن لغتك هويتك ترمى بالمفردات الأجنبية تلوث بالأخطاء اللغوية والنحوية والإملائية تقابل بالاستخفاق والسخرية عند المشافهة لغتنا لغة كتاب الله القرآن الكريم، تطمس حتى من كبار كتّابها في سياق استعراض المعارض والزهو باتقان لغات. هم لا يريدون بنا العودة الى الوراء قرونا نحن في الوراء تماما هم يروننا قطيعا من البهائم . يساق بالعصا ويطعم البرسيم. الواقع العربي سوداوي محبط، لا دور للثقافة حاليا في بيئة ومناخ الربيع العربي. رحل كبار الثقافة فتركوا فراغا كبيرا بل أقول تركوا رواق الثقافة شاغرا، الجيل الواعد من الأدباء والكتّاب والصحفيين والفنانين الذي بدأت بشائر نبوغه بالأمس والمأمول فيه سد الفراغ أحرقه الربيع العربي فانزوى وتوارى واختفى. الملاحظ بكل مرارة تطبيع بعض دول العروبة مع بني صهيون وغلاة الاستعمار الغربي وميليشياتهم الارهابية زراعة الدمار والموت في هذا الكون.