هم 250 ألف ساكن محرومون في غالبيتهم من الخدمات الضرورية كالكهرباء والماء الصالح للشرب وقنوات الصرف الصحي والصحة والبيئة النظيفة رغم ان قصر الحكومة بالقصبة يرى مساكنهم بالعين المجردة... تونس الشروق بعد ثماني سنوات من ثورة 14 جانفي 2011، لم يتغير تقريبا شيء في هذا الحي الضخم المتاخم لتونس العاصمة فسيدي حسين السيجومي لازال محروما من التنمية ومن التهيئة العمرانية ومن اعادة الاعتبار لمتساكنيه الذين يبلغ تعدادهم المائة وخمسين الف مواطن. فالأتربة والاوساخ في كل مكان اما عن الناموس والحشرات الطائرة والزاحفة فحدث ولا حرج. في هذا الديكور السريالي، التقينا الناشط والكادر الوطني في حزب التيار الديمقراطي، عادل الجامعي. وكان ولا بد ان ينطلق الحديث من تلك المشاهد المقرفة والتي لا تليق بحي سكني ضخم لا يبعد عن وسط العاصمة تونس الا بضع كيلومترات. وحسب محدثي «لا يمكن تفسير هذا الواقع الا بالنظرة الدونية للسلطة لسكان هذا الحي وللطبقات الشعبية والفقيرة بشكل عام». مواصلا «طبعا سيقولون لك ان هذا الحي بني بطريقة فوضوية وعلى السكان تحمل مسؤولياتهم. وينسى من يروج لهذه الافتراءات ان الحركة العمرانية انطلقت بكثافة منذ سبعينات القرن الماضي وعلى مدى اربعين سنة، لم تسع السلطة الى وضع خطط للتهيئة العمرانية ومنوال للتنمية قادر على تحسين ظروف العيش لربع مليون مواطن. بل واستفادت السلطة ما قبل وما بعد الثورة من هذا النشاط العمراني بتوظيف الاداءات البلدية على المتساكنين رغم عدم انتفاعهم باي نوع من الخدمات. وليست السلطة فقط من استفاد من هذا الوضع بل كذلك عديد الاطراف المحسوبة عليها الذين قننوا الرشوة والمحسوبية وارسوا منظومة كاملة للفساد على قاعدة غض الطرف عن البناء الفوضوي او استغلال شبكة الكهرباء والماء الصالح للشرب وحتى الربط بقنوات الصرف الصحي دون تراخيص». ثروة مهدورة... كشف لي الكادر الوطني في حزب التيار اليمقراطي، عادل الجامعي، عن حقائق عديدة قد تخفى عن المواطن العادي اذ « ان منطقة سيدي حسين تعد اول مزود لليد العاملة الخدماتية والحرفية لعديد المناطق الصناعية والتجارية بتونس العاصمة فاغلب عملة مصانع الخياطة والمقاهي والنزل والمطاعم وقطاعات البناء هم من مواطني هذا الحي. ومع ذلك، لا توفر الدولة وسائل النقل بالشكل الكافي لألاف العمال والتلاميذ والطلبة الذين يضطرون الى استعمال وسائل نقل غير مرخص لها ويحشرون فيها حشرا صباحا مساء معرضين انفسهم لعديد المخاطر وذلك لتوفير لقمة العيش. اما عن البنية الاساسية الصحية فالحي لا يحتكم الا على مستشفى محلي (مستوصف) لا يمكن للعاملين فيه مهما كان حماسهم وتفانيهم ان يوفروا الرعاية الصحية الضرورية لربع مليون ساكن». وفي ظل هكذا اوضاع، اعتبر محدثي انه « من الطبيعي ان تتفاقم ظواهر الانقطاع المدرسي والانحراف والهجرة السرية. فالحي يسجل سنويا اعلى المعدلات في الانقطاع المدرسي نتيجة بعد المؤسسات التعليمية وانعدامه في عديد الاحياء داخل المنطقة اضافة الى الظروف الاجتماعية القاسية والتي تضطر عديد العائلات الى الدفع بأبنائهم الى سوق الشغل رغم صغر سنهم. وكنتيحة حتمية للانقطاع المدرسي والشعور بالحيف والظلم الاجتماعي، تتعدد مظاهر الانحراف كشكل من اشكال الانتقام من السلطة والمجتمع. وعوض ان تسعى السلطة الى معالجة هذه الظواهر، تجنح الى القمع والعزلة ونبذ الشباب وهو واقع ملموس في منطقة سيدي حسين السيجومي». فشل... كان من الطبيعي ان نسال مرافقنا عن منجزات المجلس البلدي المنتخب وعن دور الاحزاب السياسية الممثلة بمجلس نواب الشعب بنواب من الجهة في الضغط على الحكومة من اجل تحسين ظروف العيش في هذا الحي ليؤكد لي محدثي انه « لا توجد حقيقة ارادة لدى الاغلبية في المجلس البلدي الحالي لانجاز الحد الادنى من المشاريع القادرة على الارتقاء بالبنية التحتية وتهيئة الحي عمرانيا فالوضع كما هو عليه اذ ان من له المال وباستطاعته دفع الرشاوي والمقربون يستفيدون من بعض الخدمات اما الفقراء فلهم الله». وعن حزبه التيار الديمقراطي، اعتبر عادل الجامعي ان التشكيل السياسي الذي ينتمي اليه جعل من محاربة الفساد بجميع انواعه هو المرجعية الرئيسية للحزب ولا ادل على ذلك من الملفات التي كشفت عنها ممثلة التيار في البرلمان النائبة سامية عبو التي تسعى مع قيادة الحزب الى تقنين الحرب على الفساد وليس التوظيف السياسي المناسباتي لهذه الافة التي تعتبر العائق الرئيسي امام استعادة الشعب لكرامته والاستفادة بشكل عادل من ثرواته. وطالب الناشط في حزب التيار الديمقراطي رجال الاعمال المنتصبين بمنطقة سيدي حسين السيجومي بتحمل مسؤولياتهم تجاه الجهة والمساهمة الفعلية في التنمية كما اعتبر ان منطقة سيدي حسين السيجومي التي تحولت الى مصب للفضلات لتونس العاصمة من حقها المطالبة بتعويضات عن التلوث الناجم عن مصب برج شاكير المتاخم للحي فبسبب هذا المصب تسجل المنطقة سنويا مئات حالات الاصابة بالسرطان وامراض الكبد اضافة الى الناموس والروائح الكريهة.