أمطار الأيام الأخيرة خلّفت بعض المياه الراكدة فكانت وكرا لانتعاش هذه الحشرات تونس الصباح: تغيرت درجات الحرارة باتجاه الإرتفاع خلال هذه الأيام بعد موجة من البرد ونزول الأمطار في عديد جهات البلاد. ويبدو حسب ما يتعارف عليه بخصوص الطقس في البلاد أن التقلبات المناخية الاخيرة التي عرفتها البلاد ستليها نقلة باتجاه استقرار الطقس والارتفاع التدريجي للحرارة باتجاه فصل الربيع والصيف الذي يليه. ولئن استبشر المواطن بتحسن المناخ والارتفاع التدريجي لدرجات الحرارة بعد شتاء بارد، فإن هاجس الخوف من تبعات ارتفاع درجات الحرارة يخيفه أيضا، على اعتبار ابتلائه بحشرات الناموس التي تصاحب ارتفاع درجات الحرارة وتهاجم الاحياء على اختلاف أماكنها، وعلى وجه الخصوص تلك التي تتاخم السباخ وبعض المستنقعات. فكيف هي الصورة من الآن في بعض الأحياء؟ وما سر ابتلائها الدائم بحشرات الناموس التي تجتاحها على امتداد فصل ارتفاع درجات الحرارة؟ ولماذا تتأخر حملات النظافة لحد الآن في الاحياء؟ وهل من تعامل علمي مدروس مع الناموس للتوقي منه والقضاء عليه؟ مكامن الناموس لم تتغير وبقاء هذه الحشرة سيتواصل إن القضاء على حشرة الناموس مرتبط في الحقيقة بتغيرات أخرى جوهرية في واقع العاصمة، وتلازم هذين البعدين هو الذي سيؤدي الى نقلة نوعية في القضاء على هذه الحشرة. أما رش المبيدات والتعاطي مع عملية حملات النظافة داخل كل الأحياء، وفي السباخ المحيطة بالعاصمة وبعض المستنقعات خاصة في ضاحيتي العاصمة الجنوبية والشمالية فهو يبقى من الأمور المحدودة التي قد تقلل من الناموس لكنها لا تقضي عليه بالكامل. وهذا الواقع يجب أن يقتنع به الجميع ليدركوا ويفهموا الأساليب والامكانيات الكبيرة التي تقوم بها السلط والبلديات في التعامل مع ظاهرة تكاثر الناموس ومقاومته لكن فقط للحد منه ومن تأثيراته وليس القضاء عليه بالكامل، على اعتبار أن ظاهرة تواجد الناموس وأساليب مقاومته ترتبط بأبعاد أخرى تتصل بالتحول التدريجي والاستراتيجي في بنية العاصمة، وعلى وجه الخصوص في النقلة النوعية التي ستشهدها خلال العشريات القادمة وما ستشهده من إعمار وبناء على مستوى السباخ المحيطة بالعاصمة والتي تمثل في الآن نفسه حزاما وبؤرا لتكاثر حشرات الناموس الآن. لكن وعلى الرغم من هذا التمشي ورسم الأهداف والحلول الوقتية في معالجة ظاهرة الناموس، هناك وضع تعيشه عديد الاحياء في كل صيف ومع بدايات ارتفاع درجات الحرارة يمكن القول أنه لا يطاق. فكيف السبيل الى مواجهة هذا الواقع؟ وهل من تطوير لأساليب مقاومة الناموس الذي بدأت جحافله تحط رحالها من الآن في هذه الاحياء على الرغم من أننا مازلنا في المرحلة الأولى من فصل الربيع وليس الصيف وحرارته؟ سكان العديد من الاحياء يشتكون ويتوجسون خوفا من الناموس أفادنا العديد من المواطنين من سكان أحياء الزهور والزهروني وسيدي حسين السيجومي ومنطقة الملاسين ومن النخيلات بالغزالة وجعفر، وكذلك من الضاحية الجنوبية للعاصمة بكل من الزهراء ورادس أن هجمة الناموس على أحيائهم قد انطلقت هذه الايام، وهي هجمة مبكرة قياسا بالسنوات الفارطة. ولعل الذي حير سكان هذه الاحياء هو شراسة هذه الحشرة التي حطت رحالها باكرا وتخوفهم من صيف قد تتكاثر فيه بشكل كبير. وقد تساءل البعض من هؤلاء عن الحملات الاستباقية لرش المبيدات لمقاومة الناموس ودعوا الى الإسراع بها وتنويعها، لتقلل من انتشار هذه الحشرة التي اعتبرها البعض آفة. ومن منطلق هذه التشكيات نسأل عن مبادرات البلديات في هذه الاحياء، وعما وضعته من برامج لحملات نظافة يمكنها أن تحد من تكاثر هذه الحشرة. فهل تنطلق حملات نظافة في القريب العاجل لازالة الاعشاب الطفيلية، وبقايا المياه الراكدة التي خلفتها الامطار الاخيرة، وكذلك بعض مجاري المياه الآسنة التي تتوسط هذه الاحياء والاودية المفتوحة التي مازال الكثير منها يعبر هذه المناطق السكانية.؟ واذا كان حديثنا في هذا المجال قد تركز على العاصمة واحيائها، فإن الظاهرة تبدو ايضا منتشرة في عديد المدن الكبرى مثل صفاقس وسوسة وغيرها من المدن الاخرى المتاخمة للسباخ ومجاري المياه الآسنة والاودية. فمن الضروري أن تولي البلديات هذه الظاهرة اهتماما أول وذلك للتخفيف من معاناة سكان هذه المدن وأحيائها الذي يضيقون ذرعا بانتشار الناموس الذي يقض مضاجعهم ويؤذي خاصة أطفالهم. وبشكل عام فإن مقاومة الناموس لابد أن تتطور على مستوى البرامج الخاصة بها، ونوعية المبيدات المستعملة حتى تكون فاعلة وينعم الجميع بصيف هادئ.