اجتهدت الجامعة قدر المُستطاع لتُظهر للرأي العام بأن تحضيرات المنتخب ل "كَان" تسير بشكل عادي لكن هُناك العديد من المُؤشرات التي تُقيم الدليل على أن الأجواء سَاخنة في كواليس الفريق. ولاشك في أن الإعتزال الغَامض والمُفاجىء لصيام بن يوسف يُعتبر من البراهين القَوية على الإضطرابات الحاصلة في المنتخب الذي تَعزّز أيضا بمساعدين جديدينْ وسط سيل من التساؤلات حول الأهداف الحقيقية لهذا الإجراء. اختلافات حول الخيارات في نطاق الإستعداد للنهائيات الإفريقية أعلن "ألان جيراس" عن قائمة يُؤثّثها 17 لاعبا مُحترفا على أن يقع في مرحلة مُوالية ضبط اللائحة النهائية والتي ستشهد التحاق الأقدام المحلية. وقد جاءت قائمة "جيراس" لتكشف عن جُملة الإبعادات التي شملت عددا لا يُستهان به من عناصرنا المُهاجرة في مُقدّمتها حمدي النقاز (حامل كأس "الكَاف" مع الزمالك) وحمدي الحرباوي (الهداف في البطولة البلجيكية) وصيام بن يوسف (المدافع الدولي منذ سنوات طويلة) وكريم العريبي الذي يُراهن مع فريقه "هيلاس فيرونا" من أجل الصُعود إلى الدوري الإيطالي المُمتاز. وقد تَباينت طبعا القراءات بشأن هذه الغيابات خاصّة أن الجامعة و"جيراس" يَعتبران أن الأمر عادي وله ما يُبرّره هذا في الوقت الذي يطرح فيه المُهتمّون بالمنتخب ألف سُؤال حول قائمة "الكَان". تبريرات «جيراس» بالتأمل في المواقف المُعلنة للمدرب سنلاحظ أن التبريرات التي يقدّمها مُقنعة إلى حدّ ما. ذلك أن "جيراس" يعتبر أن خياراته لا ترتكز على المعايير التقليدية مثل الجاهزية والقدرات الفنية فحسب بل أنه يضبط قائماته كذلك بناءً على مسائل أخرى منها المحافظة على نَقاوة الأجواء وهذا الشرط قد يفرض عليه الإستغناء عن بعض الأسماء خاصة منها تلك التي تطالب بأشياء مُعيّنة أو تلك التي ليست لها الرغبة في التواجد مع الفريق الوطني كما هو شأن صيام بن يوسف وحمدي الحرباوي وكريم العريبي. وتؤكد المعلومات القادمة من مُحيط المنتخب أن "جيراس" تحدّث مُطوّلا مع صيام بن يوسف المُحترف في صفوف "قاسم باشا" التركي وقد عبّر الفني الفرنسي عن رغبته في الإستفادة من خبرات صيام في النهائيات الإفريقية غير أنه تفاجأ بموقف اللاعب الذي اشترط الترسيم في التشكيلة الأساسية. وإن صدقت هذه الرواية (المُتداولة في كواليس الجامعة) فإن "جيراس" مُحقّ بنسبة ألف بالمائة في إقصاء بن يوسف لأن الظهور في التشكيلة التونسية يكون حسب الأداء لا الأسماء والأقدمية كما يعتقد صيام. أما بالنسبة إلى الحرباوي فإن الإطار الفني يَعتبره جزءًا من الماضي خاصة أن نجمنا في الدوري البلجيكي أعلن على الملأ أنه اعتزل اللّعب الدولي. وهُناك تشابه نسبي في وضعية الحرباوي والعريبي الذي اختار "مُقاطعة" المنتخب احتجاجا على إقصائه بطريقة "تعسفية" من قائمة معلول بمناسبة مونديال روسيا 2018. اتّهامات للجامعة لئن تبدو تفسيرات "جيراس" منطقية إلى حدّ ما فإن شقا من المُحبين والمتابعين لشأن المنتخب يَعتبرون أن الحجج المُقدّمة "ضعيفة" ولا يُمكنها بأي حال من الأحوال إخفاء "الحقيقة المرة" وهي تورّط الجامعة في التأثير في الخيارات الفنية للمدرب. ويعتقد أصحاب هذا الرأي أن إبعاد الظهير الأيمن حمدي النقاز يُعتبر عيّنة حية عن التدخلات الخفية للجامعة في توجهات "جيراس" ويعتبر هؤلاء أن وضع لاعب الزمالك خارج الحسابات لا يعود إلى العوامل الفنية كما قال المدرب الوطني بل هو نتيجة "العقوبة الضِمنية" التي سلّطها الجريء على النقاز بعد أن حشر نفسه في الخلافات التي نشبت بين اللاعبين الدوليين للنجم والإفريقي على هامش مُونديال كرة اليد. وهُناك قناعة راسخة في صفوف هؤلاء أن "جيراس" يملك "كارت بلانش" لإقصاء من يشاء من قائمته شرط التعامل مع ملف المُبعدين في كنف الشفافية وبمنأى عن التدخلات المفضوحة للجامعة التي قد تَتمادى وتضع يدها في التشكيلات الأساسية كما حصل في "كَان" 2017 مع "كاسبرجاك" وعندها سيكون المنتحب هو الخَاسر الأكبر. ملف المساعدين بالتوازي مع الجدل الدائر حول القائمة ظهرت العديد من النقاط الإستفهامية بشأن التعزيزات التي سجّلتها تركيبة الإطار الفني للمنتخب. فقد تَمّ الحاق مدرب الأولمبيين فريد بن بلقاسم ومساعده أنيس البوسعيدي بالفريق الأوّل وذلك بمناسبة "الكَان". في الظاهر يبدو هذا الإجراء في محلّه خاصّة بعد تأجيل مواجهة المنتخب الأولمبي ونظيره الكامروني إلى سبتمبر وقد يكون من الأفضل الإستفادة من تجربة بن بلقاسم في الفريق الأوّل بدل حُصوله على 10 ملايين شهريا وهو جالس خلف مكتبه لعدّة أشهر. لكن بالتعمّق في هذا القرار سنصطدم بالكثير من نقاط الإستفهام ويحقّ الإستفسار عن الجهة التي اتّخذت هذا الإجراء. فهل أن "جيراس" هو من طالب بالتعزيزات أم أن رئيس الجامعة هو من فرض "النُقلة" المُؤقتة لبن بن بلقاسم والبوسعيدي من المنتخب الأولمبي إلى الفريق الأوّل؟ وإذا سلّمنا بقدرة بن بلقاسم على إفادة المنتخب الأول بفضل تجربته السابقة كمساعد في فترة الطرابسلي فما المغزى من "التَرقية" التي تحصّل عليها البوسعيدي الذي يعرف القاصي والداني أن سياسة المحاباة هي التي أتت بهذا المُحلّل إلى الجامعة؟ وهُناك سؤال آخر يلحّ على الأذهان وهو مدى التناغم والإنسجام بين المُعاونين في ظل ارتفاع عددهم وامكانية "التَصادم" على المواقع (ماهر الكنزاري مساعد برتبة مدرب وطني / فريد بن بلقاسم – أنيس البوسعيدي في خطة مساعد / مبارك الزطال في المتابعة والتقييم).