الكرة الطائرة – كأس العالم للسيدات تحت 19 سنة: تونس تنهي المشاركة في المركز 24    برنامج الدّورة 52 لمهرجان المنستير الدولي    نهاية الأسبوع.. البحر هائج والسباحة ممنوعة    الكاف: الدعوة الى التمديد في مدة الانتفاع بمنحة التسليم السريع لمادة الشعير    عاجل/ ترامب يفرض رسوما ب30% على الاتحاد الاوروبي    وفاة عامر غديرة، كاتب دولة أسبق لدى وزير الداخلية    محمد المديمغ يمضي مع نادي كرة اليد بجمال    تشيلسي ولا باريس؟ شكون يرفع الكأس....الموعد والقنوات الناقلة    محرز الغنوشي: '' الامطار قد تكون احيانا غزيرة مع هبات رياح قوية أثناء مرور السحب الرعدية''    كم يستهلك التونسي من لتر من المياه المعلبة في السنة الواحدة؟    عروض متنوعة وثرية في برمجة مهرجان باجة الدولي    ''طريق المطار'': بلطي يطرح أغنيته الجديدة على جميع المنصات    شيرين وفضل شاكر يستعدّان لاطلاق أغنية جديدة مشتركة    الدلاع في الكاميونة.. صحي ولا خطر؟..اكتشف السّر    الخبز الأبيض: نعمة ولا نقمة؟    مخاطر كتم العطسة...تعرف عليها    عاجل/ اصطدام سيارة بمحل حلاقة وهذه حصيلة المصابين    عاجل - تونس: أمطار بين 20 و40 ملم متوقعة اليوم في هذه المناطق    مهم للناجحين في الباك 2025: كيفاش تاخو كلمة السر للتوجيه الجامعي؟    مرصد الشفافية يطالب بمحاكمة وسحب جنسية حسن الشلغومي بسبب "تطبيع مخزٍ" مع الاحتلال    عاجل/ تحذيرات من زلزال قريب يدمّر كاليفورنيا    تحت مظلة الأمم المتحدة... مؤتمر "حل الدولتين" يُعقد أواخر الشهر الجاري    عاجل/ بعد زيارة الرئيس: تدخّلات ميدانية في سواحل قليبية    هند النعيرة: اسم لامع في عالم موسيقى "القناوة" يتجاوز الحدود الجندرية والثقافية ويلهم الأجيال القادمة من النساء    القصرين: تواصل تنفيذ برنامج "العطلة الآمنة" للتوعية المرورية خلال الصيف    عاجل/ تراجع بنسبة 50% في كميات اللحوم الحمراء بالمسلخ البلدي لهذه الولاية    طيران الإمارات تتصدّر الترتيب العالمي لأقوى العلامات التجارية    التمديد مجدّدا في منحة تسليم الشعير الى حدود هذا الأجل..#خبر_عاجل    ليفربول يحجب رقم 20 الخاص بجوتا إلى الأبد    عاجل/ السجن 20 عاما ضد كاتب عام سابق بنقابة الحرس الوطني من اجل هذه التهم    فرنسا : ترحيل تونسي محكوم ب132 عاما بتهمة الإرهاب    بطولة العالم للكرة الطائرة للفتيات: المنتخب الوطني يواجه اليوم منتخب جمهورية الدومينيكان    الدوري الماسي – ملتقى موناكو: التونسي محمد أمين الجهيناوي في المركز الثامن بسباق 3000 متر موانع    عاجل/ عاصفة قبلي وتوزر: مهندس بالرصد الجوي يقدّم تفسيرا للظاهرة    شهداء في قصف متواصل على غزة منذ فجر اليوم.. #خبر_عاجل    من الكراء للملكية... مشروع قانون جديد على طاولة مجلس الوزراء بش يسهّل الحلم بالمسكن للتونسيين !    البنتاغون يقرّ بإصابة قاعدة العديد في قطر بصاروخ إيراني    بالقفطان والبرنس.. نجل زيدان وزوجته يحييان التراث المغربي    لافروف: نحذر الولايات المتحدة وحلفاءها من خلق تهديدات أمنية لروسيا وكوريا الشمالية    جلسة بوزارة التجهيز لمتابعة تقدم تنفيذ مشاريع الجسور والطرقات لسنة 2025    ترامب يكشف عن طريقة جديدة لتسليح أوكرانيا    تاريخ الخيانات السياسية (12) بين الحجّاج و ابن الأشعث    تونس – القلعة الكبرى: العثور على فتاة ميتة في منزلها بحبل ملتف حول رقبتها    الحكومات العربية باتت مهتمة بالاستخدمات السلمية للتكنولوجيات النووية    بالمناسبة .. .مهازل مهرجان قرطاج وفضائحه    منظمة الصحة العالمية تكرّم سعيّد    تلامذة من تونس يلمعو عربياً في تحدي كبير! شكونهم؟    ديوان الإفتاء يصدر مجلة "فتاوى تونسية " تتضمن دراسات وفتاوى لأعلام الزيتونة    ديوان الإفتاء يصدر مجلة "فتاوى تونسية "    علاقة وثيقة بين النوم والعمل..    العجز التجاري لتونس يتفاقم بنسبة 23،5 بالمائة    البنك الإفريقي للتنمية: النمو الاقتصادي في تونس سيبلغ 1.9% في 2025...    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    أزمة ديون جديدة تهدد انطلاقة النادي الإفريقي قبل موسم 2025-2026    ترتيب المندوبيات الجهوية للتربية حسب نسب النجاح في امتحانات الباكالوريا 2025 عمومي    اسألوني .. يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    التوانسة الليلة على موعد مع ''قمر الغزال'': ماتفوّتش الفرصة    شنية سرّ السخانة في جويلية.. بالرغم الي أحنا بعاد على الشمس؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بحر الموت.. مأزق الهجرة غير النظامية
نشر في الشروق يوم 01 - 06 - 2019

لا يمر أسبوع أو أسبوعين دون أن يتكرر المشهد أمام اعيننا عبر صور الصحف وفيديوهات شاشات التلفزيون، مشهد جثث قذفتها الامواج على الشواطئ، ونساء ورجال واطفال، أفارقه واسيويون انتشلتهم قوارب صيادين وفرق الانقاذ من موت محقق، يحدقون دون ان يعرفوا مصيرهم، تسألهم ان كانوا سيعيدون الكرّة بعد ان شارفوا على الموت فيأتيك الجواب بنعم دون تردد. انتحاريون ؟ هم كذلك، يدفعهم اليأس الى ركوب قوارب الموت، ويحتضنهم مجرمون عتاة احترفوا التجارة بالبشر، تجارة تحتل المركز الثالث عالميا، بعد تجارة الاسلحة والمخدرات، مهربون لا يهمهم وصول هؤلاء المهاجرين سالمين ام لا بعد ان قبضوا ثمنهم.
في جانفي الماضي، قالت المفوضية السامية للأمم المتحدة ان 2262 شخصا لقوا حتفهم أو اعتبروا مفقودين لدى محاولتهم اجتياز المتوسط خلال سنة 2018، اي بمعدل ستة اشخاص يوميا، مما يجعل هذا البحر «الاكثر فتكا» بالنسبة للمهاجرين غير النظاميين، من المسؤول؟ السياسات الاوربية الصارمة والتي تزداد صرامة من سنة الى الاخرى؟ اليأس من تغيير الاوضاع الاجتماعية في بلدان المنشأ، مع تنامي مظاهر الفقر والتصحر والحروب الاهلية ؟ والاهم، هل من حل، حتى لا يتحول المتوسط الى مقبرة لشباب جنوب المتوسط؟
مبادئ حقوق الانسان أم الضرورة الانتخابية؟
لننطلق، عند الحديث عن الهجرة، من المبادئ العامة لحقوق الانسان، واهمها الاعلان العالمي لحقوق الانسان الذي يضمن حرية تنقل الاشخاص من بلد الى اخر، وحرية التنقل هذه تشمل الحق في التنقل داخل ارض البلد أو خارجه، ولا يمكن لأي دولة ان تمنع ذلك، كما يحق، حسب اتفاقية جنيف، لكل شخص ان يطلب اللجوء في بلد اذا ما تعرض للاضطهاد في بلده، بسبب آرائه السياسية أو معتقداته الدينية،
ذلك هو المبدأ العام، لكن الواقع ان الانتخابات في جل الديمقراطيات الغربية التي كانت جل برامج احزابها تتمحور في وقت مضى حول تقديم برامج اقتصادية واجتماعية وخلق فرص التشغيل والتغطية الاجتماعية... أصبحت اليوم ترتكز، في اغلبها، على محاربة الهجرة وصد المهاجرين، بل اصبح مقياس النجاح في الانتخابات، في احيان عديدة، هو مدى الحزم في مواجهة تدفقهم عبر البحر، والحد من قبول مطالب اللجوء، بناءا على أفكار مسبقة نجح اليمين الاوروبي في صياغتها وترويجها وهي ان المهاجر هو سبب كل امراض المجتمع، ابتداء من البطالة الى مظاهر العنف والتطرف...
السياسات الاوروبية الصارمة زادت من عدد الضحايا
مع صعود الاحزاب المتطرفة في عديد البلدان الاوروبية، احزاب جعلت من الهجرة حصان طروادة لكسب ود الناخبين، نقص عدد المهاجرين، لكن تزايد عدد الموتى في البحر، ففي سنة 2017لقى شخص واحد حتفه من كل 38 يصلون الى الضفة الاخرى، لكن يتضاعف عدد الضحايا سنة 2018، حيث يموت مهاجر على كل 14 شخص يصل الحدود الاوروبية، ذلك ليس فقط بسبب تكثيف المراقبة البحرية، بل كذلك بسبب منع منظمات المجتمع المدني من انقاذ المهاجرين، ففي السنة الماضية اغلقت ايطاليا موانئها امام سفينة انقاذ المهاجرين «اكواريس» التي كانت تقل حوالي ستمائة مهاجر غير نظامي وقع انقاذهم في البحر، مما جعل السفينة تنهي مهامها، مرجعة الاسباب الى المضايقات التي تتعرض اليها من دول مثل ايطاليا ومالطا وفرنسا، مضايقات وصلت الى حد منع السفينة من التسجيل في الموانئ،
المستفيدون والخاسرون
نحن، اذن، امام ازمة ليس لها من حلول في الافق القريب، أوضاع اقتصادية واجتماعية وبيئية كارثية في بلدان الجنوب، تدفع بمئات الاف الشباب الى البحث عن امل في حياة افضل بعيدا عن وطنهم الاصلي، ومهربون احترفوا تجارة البشر، يبحثون دائما عن مسالك بحرية أكثر خطورة امام تكثيف المراقبة الاوروبية، في المقابل تكنولوجيا عالية تحاول مراقبة البحر من كل الجهات، تشجيع اوروبي ان تلعب بلدان الجنوب دور حارس الحدود وتمنع وصول المهاجرين، فبعد رفض كل بلدان جنوب المتوسط ان تكون «محطات انزال» يقع عندها فرز المهاجرين من طالبي اللجوء، تستعد الدول الاوروبية لتقديم مزيدا من الدعم المادي حتى «تكثّف كل دولة من مراقبة مواطنيها الذين يحاولون ركوب البحر».
وهذا بالضبط ما يسعى إليه الاتحاد الأوروبي الان، حيث اجريت نقاشات مع الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، حول «تمويلا ت سخية « مقابل القيام بإجراءات أكثر تشددا لمراقبة الهجرة، ومن المتوقع ان تطلب مصر مساعدات مالية وقروضا بتسهيلات مجزية مقابل ذلك، وكذا الشأن بالنسبة لتونس والمغرب.
ويبدو ان تونس قد بدأت اجراءات الصرامة منذ بداية 2018، حيث وحسب دراسة قام بها المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، فان عدد المهاجرين الذين وقع إحباط محاولة اجتيازهم المتوسط خلسة قد ارتفع من 3187 سنة 2017 الى 6369 سنة 2018، وذلك حتى شهر سبتمبر 2018.
الى جانب ذلك، وبناءا على اتفاق تونسي ايطالي يرجع الى سنة 2011، فان عمليات الاعادة القسرية الى تونس كانت تجري بشكل منتظم خلال سنة 2018، حيث وصلت رحلات اسبوعية من ايطاليا الى تونس، قدرت بحوالي اربعين مرحّلا اسبوعيا وذلك بعيدا عن انظار المراقبين وفي صمت تام من السلطات التونسية، مما اثار استياء منظمات المجتمع المدني. لكن بقي تحدي مهم، ماذا عن الدول التي تغيب فيها سلطة مركزية أو تكون غير قادرة على مراقبة كامل حدودها ؟ الدول التي تستثمر فيها المليشيات قضية الهجرة لتصبح تجارة جد مربحة، ذلك ما حدث مع المركبالذي غرق منذ يومين قرب صفاقس والذي انطلق من مدينة زوارة الليبية.
المأزق
في السنوات الاخيرة، غلبت على السياسات الاوروبية، أكثر فأكثر المقاربة الامنية، لكن أمام تواصل تدفق المهاجرين، تسعى الان بكل الطرق للتخلص من ازمة تدفقهم عبر ترحيلهم الى بلد اخر من خلال ابرام صفقات مع الحكومات، مثلما وقع مع تركيا،وحسب المراقبين فان كلا الحلين، الامني أو الترحيل، غير ناجعين ما دامت هناك معضلات عميقة في جنوب المتوسط، منها الفقر والبطالة والقمع السياسي والحروب الاهلية.
وحتى اتفاق مراكش الاممي حول تحقيق «هجرة امنة ومنظمة ومنتظمة « التي صادقت عليه 164 دولة في العالم، خلال شهر ديسمبر 2018، فقد أظهر انقساما حادا ضمن دول الاتحاد الاوروبي، رغم صبغته غير الالزامية، حيث اثارت نقاط عديدة، منها «تحسين الخدمات الاساسية للمهاجرين» و»العمل على ان لا يشوب تقديم الخدمات اي تمييز ضدهم» حفيظة حكومات يمينية في اوروبا.
أمام فشل كل المحاولات، ربما حان الوقت ان تنظر أوروبا الى الهجرة نظرة مغايرة وتواجهها عبر استراتيجيةبعيدة المدى استراتيجية تقلل من ردود الفعل الامنية، وتأخذ في الاعتبار مبادئ حقوق الانسان وتكرس التضامن الدولي ، عند ذلك فقط يتحول المهاجرون، بكافة اصنافهم، من عبء الى عامل اثراء تستفيد منه دول المنشأ والدول المضيفة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.