عندما عاد رسول علي الى معاوية وأعلمه بردّه أدرك علي وأنصاره ان معاوية يعلن «العصيان» وأنه مستعد للدخول في حرب ورغم ان الإمام علي كان من أهل الحزم والعزم في أمور المسلمين ورغم إدراكه لخطورة موقف معاوية وللنوايا التي يبيّتها والتي يشي بها ردّه رغم كل هذا فقد اختار الإمام علي ان يتربص ويصبر ويتحلى بأعلى درجات ضبط النفس من باب الحرص على رأب الصدع وقطع الطريق أمام شرور فتنة مدمّرة كانت قد بدأت تطل برأسها القبيحة... عاود ارسال المبعوثين لكن معاوية ظل يماطل.. وأمام الحاح علي وتوالي توافد المرسلين انتهى معاوية بارسال ردّ بعد 3 أشهر من وفاة الخليفة عثمان بن عفان. عندما فتح علي «الطومار» المختوم لم يجد فيه غير عبارة «بسم الله الرحمان الرحيم». وزاد المبعوث بأن اخبر عليا بأن أهل الشام صمموا على الثأر لعثمان وأنهم نصبوا قميصه للناس وجعلوا يلتفون حوله ويبكون كما أخبره أنهم يتهمونه بقتل عثمان وأنهم لن يرضوا بغير قتله به. جمع علي الناس ومعهم طلحة والزبير وأخبرهم بأن الفتنة فعلت فعلها وأن الحرب مشتعلة لا محالة. في الجزء الآخر من المشهد تدخل السيدة عائشة زوجة الرسول ﷺ وابنة ابي بكر الصديق على الخط وهي بهذا الوزن لها مكانتها وكلمتها في صفوف المسلمين. وبما أنها كانت تناصب الإمام علي العداء على خلفية حديث الإفك حين أشار على الرسول بأن يطلقها وقال له: «النساء غيرها كثير» فقد عادت الى مكة وبدأت تحرّض الناس على مهاجمة علي. والتحق بها الى مكة طلحة والزبير ليشكل الثلاثة جبهة رفض ومعارضة أفضت الى رفض من ولاه علي بن أبي طالب على مكة وإلقاء كتابه في سقاية زمزم. ويروى ان السيدة عائشة لها أسباب أخرى للحقد على الإمام علي على خلفية أنه تزوّج فاطمة بنت الرسول وأنجبت له الحسن والحسين في حين كانت هي عاقرا. اتفق الرأي في مكة على رفض تولية خالد بن العاص بن المغيرة الذي رشحه الإمام علي واستقر رأي طلحة والزبير على الالتحاق بأنصارهما في البصرة والكوفة والمطالبة بدم عثمان. عرضا الأمر على عائشة فقبلت بمرافقتهما بلا تردد وأقنعت السيدة حفصة أم المؤمنين بالسير معها قبل ان يردها أخوها عبد الله بن عمر. كان موكبهم المتجه الى أرض العراق يعد حوالي 3 آلاف نفر ولما بلغ أمرهم الإمام علي قرر التحول عن قتال أهل الشام ليرد هؤلاء الثائرين في مكة. لكن الموكب كان أسرع منه فلم يدركهم ولم يقدر بالتالي عن ردّهم . مضى في طريقه وارسل الى أهل الكوفة يستنصرهم لكن أبو موسى الأشعري ومع أنه بايع عليا إلا أنه كره اقتتال المسلمين ولم يلتزم بنصرته. غضب عليّ وعزله وارسل عمار بن ياسر وابنه الحسن يستنفران الناس فلحق به أهل الكوفة الى ذي قار.. وتتداخل الأمور في البصرة ورغم ان الناس بايعوا الإمام علي إلا أن قسما هاما منهم وأمام تحريض الثلاثي طلحة والزبير وعائشة اصطفوا الى جانبهم وتحوّلوا الى المطالبة بدم عثمان وبأن يكون الأمر شورى بين المسلمين. اختلف أهل البصرة بين موال لوالي الإمام علي ومنحاز لطلحة والزبير الى أن خطبت فيهم السيدة عائشة بلسان بليغ وطالبت بالثأر لدم عثمان الذي قتل حسب قولها رغم حرمة الدم وحرمة الشهر وحرمة البلد الحرام.