الوضعية الاجتماعية للوعّاظ وتجذير خطاب التسامح أبرز اهتمامات النواب خلال مناقشة ميزانية وزارة الشؤون الدينية لسنة 2026    لقاء مع الفنان توفيق الجبالي ضمن فعاليات اليوم الثاني من المنتدى المسرحي الدولي    الصالون الدولي للانتقال الطاقي: اكبر تجمع مهني يجمع مختلف المتدخلين في القطاع الطاقي بتونس (الكنزاري)    خبير عسكري متخصّص في الشأن الروسي ل «الشروق» : خطة السلام في أوكرانيا اعتراف بانتصار بوتين    الاعلان الرسمي عن انطلاق مشروع التهيئة العقارية للاراضي الفلاحية والنفاذ الى التمويل    ردّ بالك: إذا كنت من أصحاب فصيلة الدم هذه...كبدك في خطر    عاجل/ قوات الاحتلال تعتقل نحو 50 فلسطينيا..    نجوم الكورة يكتبو أسماء زوجاتهم على المريول... شنوة الحكاية؟    شنوّا الفرق بين البرتقال المستهلك في تونس والموجّه للتصدير؟    مهاجم ليفربول يشري كلب ب120 مليون باش يحمي روحو: شكونوا ؟    يوم 04 ديسمبر: مسيرة نقابية بمناسبة إحياء الذكرى 73 لاغتيال الزعيم فرحات حشاد    "سينيماد" تظاهرة جديدة في تونس تقدم لعشاق السينما أحدث الأفلام العالمية    بيونة في ذمة الله: الوداع الأخير للممثلة الجزائرية    تصدر الترند: مسلسل "ورد وشوكولاتة" يثير جدلا كبيرا: هل غيّر المسلسل قصة مقتل الإعلامية شيماء جمال..؟    المنظمة التونسية لإرشاد المستهلك تدعو للتصدي لخطر الهندسة الاجتماعية الرقمية    لقاو نسخة نادرة من سوبرمان وبعوها في المزاد العلني بثمن خيالي!    نجمة الكوميديا الجزائرية 'بيونة' في ذمّة الله    هل تحجب تونس بعض مواقع التواصل الإجتماعي؟ وزير تكنولوجيات الاتصال يُوضّح    كأس العرب: المنتخب الوطني يتعرف اليوم على منافسيه في دور المجموعات    النادي الإفريقي: الإدارة تواصل هجومها على الجامعة    مقاسم AFH : طريقة التسجيل والشروط للتوانسة خطوة بخطوة    وزير الصحة يعلن عن إجراءات عملية لتطوير طبّ الإنعاش في تونس    عاجل/ وزير التكنولوجيا يحسمها بخصوص احداث البنك البريدي..    تزامنا مع موجة البرد: نداء هام للمواطنيين وموزعي قوارير الغاز المنزلي..#خبر_عاجل    تونس الثانية عالميًا في استهلاك المقرونة    عاجل: تونس في مجموعة نارية بكأس أمم أفريقيا 2025! تعرف على خصومها!    الممثلة التونسية عفاف بن محمود تفوز بجائزة أفضل ممثلة عن دورها في فيلم ''الجولة_13''    يوم دراسي بصفاقس حول المكتبات في واقع الذكاء الاصطناعي ... الفرص والتحديات" يوم الاربعاء 26 نوفمبر    من هو اليهودي؟    عاجل: هذا موعد ميلاد هلال شهر رجب وأول أيامه فلكياً    البطولة الاسبانية : إسبانيول يعود إلى طريق الانتصارات بفوز على إشبيلية    عاجل: منخفض جوي أطلسي قادم لتونس غدوة..شنيا معناها    خليجي يمثل جريمة قطعه العضو الذكري لصديقه المصري وقتله    قائمة الفيروسات والأمراض المنتشرة حاليّا في تونس    عاجل/ رئيس الجمهورية يتوعد: "الدولة لن تقف مكتوفة الأيدي أمام هؤلاء"..    امرأة تدخل موسوعة غينيس والسبب ''أضخم شعر طبيعي''    سيدي حسين: مداهمات أمنية تطيح ب"قطعون" وإيزي" والنقار" و"المهبول "كبار مروجي المخدرات    مشروع ميزانية 2026: ارتفاع نفقات التشغيل والتكوين المهني بنسبة 5 بالمائة    سيف الدين الجزيري يتربع على عرش الهدّافين الأجانب في تاريخ الزمالك    التوقعات الجوية لهذا اليوم..أمطار بهذه المناطق..    بعد تماثله للشفاء... الفنان أحمد سعد يكشف كواليس ما بعد حادث السيارة    شركات طيران تُلغي رحلاتها بعد ثوران بركان في إثيوبيا    الكتلة الهوائية الباردة على الأبواب: الاربعاء والايامات الجاية باش يكونوا باردين    عاجل: أمطار رعدية وسيول محتملة في 7 دول عربية... تحت تأثير الطقس المتقلب    بركان إثيوبي يثور بعد 12 ألف عام والرماد يصل دولا عربية    تركيا تكشف تهريب 52 مليار دولار بسبب الرهانات غير القانونية    الصين تكشف عن مسيرة ثورية تصطاد الغواصات المختبئة في الأعماق    "اسم فنزويلا أكبر من أن يخرج من فمك".. كاراكاس ترد على مزاعم وزير الخارجية الإسرائيلي    ترامب يطلق إجراءات لتصنيف فروع للإخوان "منظمات إرهابية    أثارت جدلا سياسيا وتشريعيا.. نهاية "وزارة ماسك"    الفتاوى الشاذة والهجوم على صحيح البخاري    مخاطر الانحراف بالفتوى    في ندوة «الشروق الفكرية» «الفتوى في التاريخ الإسلامي بين الاجتهاد والتأويل»    يوم علمي تكويني حول مرض السكري في القدم يوم الاربعاء 26 نوفمبر بمدرسة علوم التمريض بتونس    تكليف ديوان الزيت بإعتماد أسعار مشجعة لزيت الزيتون    في حقه مناشير تفتيش وبطاقة جلب... محاصرة بارون ترويج المخدرات في خزندار    طقس اليوم: الحرارة في ارتفاع طفيف    اليوم السبت فاتح الشهر الهجري الجديد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



(من «بال» إلى المنامة 18972019) (الفصل الأول) .. نبذة تاريخية حول القضية الفلسطينية
نشر في الشروق يوم 15 - 06 - 2019

من نافلة القول لن نفصل في هذا المقال المتواضع مختلف الأطوار التاريخية وأحداثها المشحونة بالصراعات الظاهرة والمخفية لأنه أمر يتجاوز هذا الإطار الضيق كما تجدر الإشارة إلى صدور مئات الكتب والمنشورات بل الآلاف حول هذه المسألة.
حينئذ نسلط الأضواء على عدد هام من النقاط الأساسية التي تعترض المتصفح لتاريخ ونضال الشعب الفلسطيني و القضيته العادلة.
مؤتمر بال سنة 1897:
لقد تأسست الحركة الصهيونية على يد الزعيم الصهيوني هرتزل والذي توفي سنة 1904 وقد تم خلال مداولات هذا المؤتمر تحديد الأهداف والغايات للحركة الصهيونية .
و أما الحركة فقد ظهرت بدورها كقوة رئيسية مع بداية 1914 حيث كانت قد استكملت شروط تشكلها الذاتي منذ تأسيسها سنة 1897 وقد تضمن هذا المؤتمر نقاطا وأهدافا واضحة تتلخص فيما يلي:
أولا وضع أسس المشروع الاستيطاني في فلسطين بواسطة جمع الأموال في صندوق التأمين اليهودي للاستعمار « fond d'assurance juive de colonisation «
ثانيا تشجيع الهجرة من أوروبا الشرقية حيث تم تهجير 40 ألف يهودي إلى فلسطين ما بين 1904و1914
ثالثا تدويل القضية اليهودية ودعم الدول الكبرى للمشروع الصهيوني و»الحصول على اعتراف ضمني بالمنظمة الصهيونية العالمية».
رابعا التحالف مع بعض الدول الأوروبية وخاصة بريطانيا من أجل الحصول على وطن قومي لليهود قبل نهاية 1917.
هذا وفي إطار ذلك الصراع الدولي الحاد وتقسيم مناطق النفوذ جاءت اتفاقية سايكس بيكو في ماي 1916 نسبة إلى كل من السفير الفرنسي والبريطاني وهما George Picotو Mark Sykes
وهي من صنف عرف في العرف الدبلوماسي»بالدبلوماسية المزدوجة» وهي نتيجة لمفاوضات ثلاثية بين كل من فرنسا وبريطانيا وبحضور روسيا.
وهي تتنزل في إطار تجزئة المشرق العربي إلى مناطق نفوذ وتجريد الدولة العثمانية من ممتلكاتها. وكان نصيب بريطانيا(العراقالأردنفلسطين) أما فرنسا فقد كان من حصتها(سوريا ولبنان).
هذا كما نصت هذه الاتفاقية على مبدإ تدويل قضية اليهود وذلك تمهيدا لإعلان وعد بالفور في 2نوفمبر1917.
هذا وتجدر الملاحظة أن هذه الاتفاقية ومفاوضاتها كانت تجري في كنف السرية التامة إلا أنه أول من كشف هذه المعاهدة السرية «الزعيم السوفياتي ترتسكي» وذلك على اثر قيام الثورة البولشفية في روسيا 1917 حيث قال : « إننا نلقي بكل المعاهدات السرية في سلة المهملات».
كما تجدر الملاحظة أن الظرفية التاريخية لهذه المعاهدة في زمن كانت فيه بريطانيا تتفاوض مع الشريف بن حسين حول إقامة المملكة العربية المتحدة من جهة ودعم المشروع القومي العربي في الاستقلال عن تركيا.
وهو ما يفسر تعطش تركيا اليوم إلى إحياء إرثها والفعل فيه.
وعد بالفور 1917:
هذا الوعد يتعلق بالوطن القومي اليهودي في فلسطين ٬ إعلانه إعلانا رسميا وهو قرار بريطاني. واعتراف دولي يؤمن له مشروعية تاريخية وقانونية وسياسية.
وكان ذلك على اثر عقد رئيس الوزراء البريطاني George Lord في 07/ 02/ 1917 لقاء بينه و بين زعماء الحركة الصهيونية حيث طرحت الحركة مطالبها وأكدت على جدوى المشروع الصهيوني في فلسطين من ناحية ورفضها لمبدإ وضع فلسطين في منطقة دولية وفقا لمبدإ اتفاقية سايكس بيكو هذا وقد أفضى الأمر إلى إعلان وعد بالفور قبل نهاية الحرب العالمية الأولى وذلك حتى تضع بريطانيا حلفاء ها أمام أمر الواقع . والسؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح هو :
ماهي أهم العوامل التي ساعدت على اتخاذ هذا القرار الجائر وغير العادل وغير محسوب العواقب والقاضي بإعلان وعد بالفور؟
الروابط المتينة والعلاقات المتميزة لزعماء الحركة الصهيونية مع الأوساط الفاعلة ومراكز القرار في بريطانيا وأمريكا وفرنسا خلال الحرب الأولى وحتى قبل اندلاعها 1914
تجسس الحركة الصهيونية خلال الحرب على ألمانيا.
كما أقنعت الحركة الصهيونية أمريكا أي الرئيس ولسن وحمله على التدخل في الحرب إلى جانب الدول الحليفة ضد ألمانيا وذلك عن طريق مستشار الرئيس ولسن إذاك وهو من أصل يهودي وهو ما كان عنصرا أساسيا في حسم هذه الحرب لصالح الحلفاء.
ولعل هذه الحالة نلاحظها اليوم وبكل يسر في مجلس الرئيس ترامب مع معاونيه كل من كوشنار وجون بولتن.
ومع انتهاء الحرب العالمية الأولى وبعد اتفاقية سايكس بيكو 1916 وبعد إعلان وعد بالفور 1917 وقيام الثورة البلشفية ٬1917أصبح وضع سياسي جديد في المشرق العربي بل خارطة سياسية جديدة بعد 1917.
ومع زوال الحكم العثماني في الولايات العربية بالشرق العربي.
برزت هيمنة قوتين جديدتين في المشرق العربي (فرنسا وبريطانيا) وفقا لتفاهمات جديدة طوال فترة طويلة من الزمن.
وتأسس كيان استعماري غاصب جديد استيطاني يختلف من حيث طبيعته وأهدافه وهيكلته عن واقع المنطقة بحيث يشكل جسما غريبا في الحياة السياسية العربية عموما وهو الكيان الصهيوني بذلك الاعتراف الدولي الذي تضمنه وعد بالفور والذي أمن له مشروعية تاريخية وسياسية وقانونية.
قرار تقسيم فلسطين 1948
بالرجوع إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة وبالرجوع إلى قرار التقسيم لسنة 1948 وهو قرار توأم لوعد بالفور حيث جاء مكملا له وهو من أخطر القرارات التي اتخذتها الأمم المتحدة مباشرة بعد تأسيسها حيث تبين أن هناك نقائص وثغرات عديدة لهذا القرار خاصة وأن هذه الجمعية العامة سبق وأن أشارت إلى مبدإ الشعوب في الحرية والحق في تقرير المصير وكان من المفروض احترام هذا المبدإ مع القضية الفلسطينية.
وقد حصل تجاوز كبير في مستوى التقسيم للأراضي الفلسطينية وذلك وفقا لعدد السكان المبين بهذا التقسيم حيث حصلت الأقلية اليهودية التي لم تتجاوز 36٪ حصلت على 56٪ من الأراضي.
فيما حصلت الدولة العربية المزمع إنشاؤها على 44 ٪ فقط من الأراضي في حين عدد السكان يتجاوز 64٪
وقد تجاوز وتجاهل هذا القرار لمبدإ أساسي في إقامة دولة موحدة وفقا للمشروع الذي تقدمت به الأغلبية في لجنة UNSCOP ٬ وهي لجنة الأمم المتحدة الخاصة بفلسطين
والتي قدمت مشروعا في هذا الاتجاه يقضي بإقامة دولة موحدة بين اليهود والعرب تفاديا للتقسيم. خاصة وأن فلسطين من الناحية الجغرافية والإدارية لم تكن قابلة لهذا التقسيم.
ويعد قرار التقسيم هذا من النواحي التي ذكرنا خرقا للسيادة الأساسية للقانون الدولي ولميثاق الأمم المتحدة نفسها.
وكان ذلك الحيف الكبير الذي عكس منذ البداية خضوع الأمم المتحدة إلى سيطرة الدول الكبرى على قرارها. حيث تحركت الولايات المتحدة في أروقة الأمم المتحدة للضغط على اتخاذ وإصدار هذا القرار الجائر.
وهو ما مثل سياسة معتمدة فيما بعد وحتى اليوم سياسة الضغط الاقتصادية والسياسية والمالية.
ساعدت الولايات المتحدة علي الحصول على عديد القرارات الظالمة والمجحفة في حق شعوب بأسرها وحكومات من ذلك مثل المسألة العراقية زمن صدام حسين وإبان أزمة الخليج الأولى 1991.
وهي لا تزال إلى حد اليوم تثابر على مبدإ سياسة الضغط من خلال سفرائها داخل الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي.
وكان من الواضح أن يثير ويلقي قرار التقسيم هذا ردا عنيفا من قبل العرب والمسلمين وهو ما تسبب في تلك الحروب العربية الإسرائيلية الأولى 1967 وهي حلقة من الصراع العربي الإسرائيلي طول عقود من الزمن ولعل أخر حلقاته ما نشهده اليوم في سوريا فهو صراع قديم جديد... متستر ومعلن ولكن كان بأدوات غير تقليدية وغير مباشرة وهو ما تمثل في خلق قوى إرهابية دموية تحارب بدلا عن الصهيونية العالمية وبمساعدة وتمويلات أطراف عربية وأخرى دولية تحت غطاء الديمقراطية...
الإمضاء
نور الدين المنجي بو علي
(أستاذ التاريخ والعلاقات الدولية)


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.