ظنّ عرّاب «صفقة القرن» جاريد كوشنر صهر ترامب (في اطار صفقة ايضا) ان القضية الفلسطينية مجرّد صفقة تعطي أبناء جلدته ما لا يملكون، لذلك كانت «ورشة البحرين» عبارة عن مزاد علني المباع والمشتري فيه العرب. سياسة الادارات الصهيونية المتعاقبة وان اختلفت رؤية قادتها لمفهوم السلام، كانت قائمة دائمة على «تدويخ» الفلسطينيين والعرب من ورائهم و سرقة المزيد من الاراضي الفلسطينية. الآن وكما قال كوشنر فإنها فعلا «فرصة القرن» للصهاينة من أجل الاجهاض تماما على القضية الفلسطينية بالتوازي مع حملة تطبيع هائلة مع الدول الخليجية التي بدأت على الاقل على مستوى الانظمة، في تغيير رؤيتها للصراع الفلسطيني الصهيوني. ورشة البحرين كان عنوانها الاساسي المال مقابل السلام لطي صفحة الارض مقابل السلام، وهنا حرص كوشنر تحديدا على اغراق المنطقة المحاذية للأراضي المحتلة كلبنان والاردن ومصر بالوعود والمشاريع الاقتصادية. هذه المساومات الرخيصة والخطيرة كانت وما زالت تجري في الخفاء بين واشنطن وتل أبيب من جهة ودول عربية من جهة أخرى للضغط وابتزاز الفلسطينيين آملين أن يحقق المال العربي ما عجز الاحتلال عن تحقيقه بالسلاح والإرهاب . يظن كوشنر ومن ورائه الادارة الامريكية ان الفرصة مواتية والعرب يغرقون في مآسيهم ودمارهم وانقسامهم، لشراء السلام في المنطقة بمليارات الدولارات ضاربا عرض الحائط بكل حقوق شعوب هذه المنطقة. وفي الحقيقة لا يمكن تصنيف ورشة البحرين الا في خانة المسرحية الهزلية والرديئة أيضا التي أراد منها مخرجوها الضحك على مآسي الفلسطينيين والعرب معا وكشف مدى الانحطاط الذي وصل اليه العرب. لكن ورغم كل ما سبق فإن القضية الفلسطينية باقية رغما عن جبروت الامبريالية الصهيونية الامريكية وما دام هناك فئة قليلة متشبثة بالأرض والعرض فإن السلام الامريكي المزعوم لن يكون الا وهما مردودا على اصحابه. ولذلك تحديدا فشلت ورشة البحرين وستفشل من بعدها «صفقة القرن» وسيذهب ترامب وصهره وادارته الى مزبلة التاريخ وستظل فلسطين القضية الاولى والأخيرة مهما زاد الهوان . وحتى موجة التطبيع التي يتكالب عليها بعض الانظمة العربية لأن الشعوب براء منها، لن يكون مصيرها الا الخزي العار لأصحابها الذين يريدون بيع المقدّس فقط للبقاء في سدة الحكم.