من إحدى قطط العمارة وزوجها إذا أطعمتهما فشكرا وإذا استعار الجار صغيرهما فاحتارا وزهدا في الأكل وتوسّلا وبحثا إلى أن يعاد إليهما فيفرحا به ويكفّا عن الاستغاثة بالمواء ويقبلا عليه بصور من الحضانة والحنوّ أعجز عن وصفها قبل أن يناما متعانقين والوليد بينهما مندسّا في ثدي أمّه العطوف أستمدّ الحكمة مردّدا « سبحان الله !» وأتمثّل كلّ يوم ومن كلّ مشهد من هذه العائلة البكماء دروسا بليغة التعبير عن الأمومة وتعاون الأزواج والاعتراف بالجميل لم أجدها في كثير من البشر الناطق العاقل في عديد المواقف التي يفقد فيها الإنسان إنسانيّته كحال رضيع الجم الملقى به في الطريق العام، ساعة الإفطار، للعذاب والكلاب ! وهكذا يذكّرني أبسط مخلوقات الله وأصغرها وأضعفها بعظمة الله فيما خلق منبّها أبناء آدم ساعة الأنانيّة والغرور والزهو بالنفس والتعالي بالقدرات إلى أنّ ما خلقه سبحانه من مختلف الكائنات الحيّة والجامدة ، من الذباب والإبل والنمل والنحل إلى الثمار، ونزّل سورا بأسمائه، وأقسم به، له معنى وغاية ودور في حياة الإنسان ونظام الكون. وعن ذلك تكفي آيتان معبّرتان. قال تعالى : «وما من دابّة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلاّ أمم أمثالكم « (الأنعام : 38 ) وقال : « ويسبّح الرعد بحمده والملائكة من خيفته « (الرعد : 13) . وما فيهما من المعنى مبثوث في سور أخرى بقصد الذكرى التي تنفع المؤمنين ، ذكرى أنّ المبدع المصوّر، سبحانه ،ما خلق ذلك باطلا ولم ينشئ شيئا عبثا وأنّه لو شاء لخلقنا جميعا أمّة واحدة ، وإنّما أراد التنويع في الخلق لتنويع طرق العبادة وصور التسبيح، ونحن مازلنا لم نفهم كيف يسبّح له كلّ ما في السماوات والأرض، وقد لا نفهم أبدا بناء على قوله : « ولكن لا تفقهون تسبيحهم» (الإسراء : 44) . وخارج عقيدة أهل الهند في التناسخ أتساءل : أفبعد هذا ممّا رأينا وممّا لم نر، وممّا فهمنا وممّا لم نفهم ، ونحن مؤمنون نصدّق قول العزيز القدير ونبصر بالعين والعقل مع بقيّة الحواس وفي أنفسنا وفيما حولنا ... أفبعد هذا نحتقر مخلوقا أو نتجرّأ على العبث بنعم الكريم المنّان فنفسد في الأرض بعد إصلاحها متّبعين الشيطان فيما وسوس به لآدم وحوّاء ثمّ لقابيل وهابيل ثمّ لإخواننا من سنّة وشيعة وفي أرضنا أقدم المعابد هو محجّة الغريبة بجربة الرامزة من سنّة وشيعة وفي أرضنا أقدم المعابد هو حجّة الغريبة بجربة الرامزة إلى تاريخنا في التعايش مع أهل الكتاب بسماحة نبيّنا بشكل يختلف تماما عن فعل الصهاينة في فلسطين .. أولئك الذين مازالت على قلوبهم أقفالها ، هداهم الله والربّيون إلى الصواب ، طريق الحقّ إلى الإنسانيّة قاطبة فإلى الله ربّ الجميع ، غافر الذنوب كلّها عدا الشرك به ؟