كان لا بد من لملمة الجراح... والانتصار على آلام الهزيمةوتجاوز مخلفات نكبة جوان 1967 تحركت كل القوى لدعم المجهود الحزبي ولأجل أن تنتصر الارادة الحرة في الوطن العربي... وكانت كوكب الشرق أم كلثوم رائدة في هذا المجال من خلال رحلة فنية عبر عديد الدول العربية دعما لهذا المجهود والنضال ضد قوى البغي الصهيوني. في جوان 1968 حطّت أم كلثوم الرحال في تونس، حيث كان الاستقبال استثنائيا... هي المرة الأولى التي تنزل فيها كوكب الشرق أرض الخضراء... أم كلثوم كانت في قمة مجدها الإبداعي... في أوج العطاء الفني... جاءت تونس لتلتقي جمهورها العاشق للطرب الأصيل من خلال حفلين تاريخيين بقصرالرياضة بالمنزه في جوان 1968. قصر الرياضة بالمنزه الذي كان على موعد في سبتمبر 1967 مع الالعاب الرياضية للبحر الابيض المتوسط فتح أبوابه في جوان 1968 لاحتضان حدث فني استثنائي خالد راسخ في الذاكرة. في حفليها قدمت أروع الانتاجات الغنائية: أنت عمري بعيد عنك الأطلال، وصدحت لأول مرة ب«فكروني» التي أصبحت مرجعا لكل من يريد الاستمتاع ودراسة صوت أم كلثوم التي تسلطنت فيها بشكل رهيب ومهيب وسمت بها حيث الأفق الرحب. أم كلثوم في زيارتها الى تونس حظيت بتكريم رئاسي من طرف الزعيم الخالد الحبيب بورقيبة الذي حضر حفلها الفني ومنحها وسام الجمهورية وتم في ذات الوقت اطلاق اسمها على احد شوارع العاصمة والمسجد الذي حمل اسمها تكريما وتقديرا لعطاء فني خالد ثري ومتنوع. هي أم كلثوم الكوكب المتفرد بنوره الوضاء في دياجير الظلام الدامس... هي صوت الحب والعواطف الجياشة... صوت العروبة والثورة وحرية الانسان: أهل الهوى، أمل حياتي، أنا في انتظارك، حسيبك للزمن، رباعيات الخيام، هجرتك، بعيد عنك، حديث الروح، هلت ليالي القمر... وعبيرها من الأغاني والقصائد التي جعلت من أم كلثوم أيقونة الأغنية العربية بكل خصائصها الأصيلة الضاربة جذورها في أعماق الحضارة الانسانية الابداعية.