غير بعيد عن بطحاء الحلفاوين اضيئت الأنوار في صالة (ألف ليلة وليلة» بالزاوية البكرية لاستقبال شهر رمضان سنة 1948... صالة جميلة أنيقة، روادها معروفون محبّون، عاشقون اللون الطربي.. بأصوات فنية تونسية وعربية من مصر على وجه الخصوص. كانت وفاء أمين المصرية الجنسية والمولد واليهودية الديانة واحدة من ابرز نجمات سهرات رمضان في رحاب هذه الصالة الأنيقة والساحرة بديكورها المشع بالأمل والحب والحياة. وفاء أمين جمعت الى جانب أناقة المظهر وجمال الوجه، الصوت الطربي الممتع الذي يحمل بداخله روحا رومانسية خلاّبة. برزت وفاء أمين بأداء الموشحات والأغاني الطربية الشهيرة في أربعينات القرن الماضي مع الانفتاح على اللون الاستعراضي الذي يميّز الأغاني الخفيفة في تلك الفترة أيضا. كانت وفاء أمين الأميرة على رأسها تاج مكلل بالرياحين وهي تتمايل على الركح الصغير في لحظات انصهار ابداعي غنائي عربي أصيل بدرجة أولى... كانت في لحظات انعتاق روحي وهي تشدو بروائع سيّد درويش وزكرياء أحمد والقصبجي وليلى مراد ونجاة علي وفتحية أحمد ونور الهدى وفريد الأطرش وأم كلثوم... دون أن ننسى انتاجها الخاص الذي يغلب عليه الطابع الاستعراضي الخفيف والذي أعطته من مهجتها الكثير. تهديد بغلق الصالة بسبب بورقيبة في آخر ليالي شهر رمضان 1948 , صعدت وفاء أمين على الركح... وأمام الجمهور الغفير، انطلقت في وصلتها الغنائية الأولى التي افتتحتها بتهنئة كل الصائمين بعيد الفطر.. تسلطنت وفاء أمين... فغدا هو عيد الفطر المبارك وكان لابدّ من أغنية للاحتفاء بهذه المناسبة السعيدة ... استجابت لطلبات الجمهور الحاضر وانطلقت في أداء أغنية أم كلثوم «الليلة عيد» ... وفي نهاية المقطع الأخير فعوضا عن «الليلة عيد على الدنيا سعيد» قالت «الليلة عيد على بورقيبة سعيد» ... هذا المقطع تجاوب معه الجمهور الحاضر بالتصفيق الحار والهتاف بحياة الزعيم الخالد... مما سبب حرجا لصاحب الصالة الذي تلقى استدعاء رسميا من السلط الاستعمارية التي حذرته من مغبة تكرار الأمر وإلا فإن مآل القاعة سيكون الغلق وسحب الرخصة نهائيا منه عادت وفاء أمين الى القاهرة لتؤكد ان ما ما قامت كان اختيارا منها وعن اقتناع تقديرا لنضال الزعيم الحبيب بورقيبة في تلك السنوات..