تونس - الصباح: اليوم الثالث من فيفري 2008... تمر الذكرى الثالثة والثلاثون لرحيل شادية العرب الأولى المطربة الكبيرة أم كلثوم... ثلاث وثلاثون سنة مرّت اليوم بسرعة وكأنها بالأمس القريب وليس قبل أكثر من ربع قرن من الزمان. أم كلثوم الصوت الوجداني العميق لم تكن في زمنها الذي عاشت فيه مطربة فحسب بل هي عاشقة وأستاذة فيه درست الغناء والموسيقى والأدب واللغة. منذ ثلاث وثلاثين سنة رحلت أم كلثوم التي دانت لها النغمات فالتاعت الأوتار وتأهوت الألحان لكن رنين صوتها وأهاته سيبقى حاضرا وراسخا وشامخا في ذاكرة الأجيال أبد الدهر. كوكب الشرق أم كلثوم كوكب الشرق أشهرالألقاب الفنية التي جملته على كاهلها أم كلثوم فأخلصت واجتهدت وناضلت وصمدت لتبقى الكوكب المضيء في الوسط الفني العربي. على امتداد أكثر من نصف قرن من العطاء المتواصل عملت وغنت وشدت أم كلثوم بصوتها الجميل وتعبيرها الأخاذ بأحب ما تغنى به الناس من صور شعرية وأنغام وموسيقى. صوتها هو رمز العروبة حتى قيل أنه لم يجتمع العرب على شيء مثلما اجتمعوا في صوت أم كلثوم. ...طقوسها الابداعية لها طابع خصوصي في مسيرتها... هذا الطابع قوامه التأني في اختيار ما تقدمه... وهي أيضا لم تكن تقبل سوى التعامل مع كبار الشعراء والملحنين قديمهم وحديثهم... ومن خلال هذا التوجه استطاعت بل كسبت أم كلثوم رهان توحيد الوجدان العربي وتعبيرها عن المشاعر العربية الأصيلة كلاما ونغما وأداء. توجه فريد ان التوجه الفني الذي عملت الراحلة أم كلثوم على التأسيس له يصب في خدمة الغناء والموسيقى من خلال اختيارها الراقي للنصوص الشعرية وتفضيلها بدرجة أولى للعربية الفصحى وتعاملها مع أشهر ملحني عصرها كأبو العلاء محمد القصبجي ورياض السمباطي ومحمد عبد الوهاب ثم جاء سيد مكاوي وبليغ حمدي ثم حفاظها على الصورة المحترمة للفن وتطويعها في خدمة قضايا أمتها العامة واخلاصها لجمهورها بتقديم الجيد والجديد كلمة ولحنا. روائع خالدة «الحديث عن روائع أم كلثوم الفنية يتطلب صفحات ومحطات لا تحصى ولا تعد... فكل أغنية تقدمها أم كلثوم هي سمفونية للحب والأمل والتغني بمعاني الجمال في الوجود.. كل أغنية تشدو بها أم كلثوم هي تحليق وجداني في الأفق الرحب حيث الطمأنينة النفسية والسخاء الروحي... وكل آهة من آهاتها تعبير عن الذات ومايعتريها من تعب وتوق إلى الأفضل. هذه هي أم كلثوم التي عشق وأحب وهام بصوتها الملايين من الباحثين والراغبين في السعادة الروحية. غنت أم كلثوم كل الألوان الفنية وكسبت الرهان وأعلنت العصيان على الذوق الرديء لفائدة ذائقة فنية تؤسس للأرقى والأفضل والأجمل.. ... هي أم كلثوم التي نلجأ الى صوتها في حالات اليأس والاحباط لننتشي... برباعيات الخيام و«الأمل» و«أهل الهوى» و«أراك عصي الدمع» و«ذكريات» و«قصة الأمس» و«سلوا قلبي» و«ولد الهدى»... ونلجأ إليها في حالات الفرح والحبور لنحلق عاليا ب«أنت عمري» و«الحب كله» و«هذه ليلتي» وأقبل الليل» و«حلم» ورقّ الحبيب» و«هو صحيح الهوى غلاب». أم كلثوم القيثارة التي لا غنى عنها في وجدان كل متيّم بالنغم الأصيل.