تونس (الشروق) دار المسار للمسرح... النشأة والمسار كتاب جديد يؤرخ ويوثق لتجربة مسرحية هامة تمتد على مدى ثلاثين عاما قدمت خلالها دار سندباد تسعة عشرة عملا مسرحيا. حمادي المزي من أعلام المسرح التونسي تميزت تجربته بانتظام العطاء ومعالجة قضايا إنسانية تتعلق بالإنسان.. قضايا الحب والسلطة والتحولات الاجتماعية كما كان من المسرحيين القلائل الذين احترموا الكاتب المسرحي وتعامل مع عدد من الكتاب المعاصرين ومن التراث أيضا من ناظم حكمت الى عزالدين المدني الى محمد العوني الى عروسية الى أبوحيان التوحيدي الى المعري وألف ليلة وليلة وغير ذاك كما كان أكثر من تعاطى في مسرحه مع اللغة العربية بإيقاع شعري . هذه التجربة الطويلة جمعها المزي في كتاب صدر في نشر مشترك بين دار سحر المعرفة بتونس والهيئة العربية للمسرح في دولة الإمارات العربية المتحدة ، الكتاب صدر في طبعة أنيقة في أكثر من 500 صفحة مع مجموعة من الصور والمعلقات والمقالات الصحفية التي تؤرخ لهذه التجربة وقد قدم محمد مومن لهذا الكتاب الوثيقة بمقال بعنوان جمال السؤال الذي اعتبر أن الفن المسرحي في تجربة حمادي المزي هو شرط من شروط الحياة كما عانق السؤال الدائم وَمِمَّا جاء في مقاله التقديمي «أن حياة المزي ، وهي حياة كلها فن ومسرح ، تشكلت سؤالا حائرا ، لا يطمئن فيها قلب السائل ساعة ولا يهدأ باله لحظة «. ذلك هو حمادي المزي كما رَآه محمد مومن الذي يؤكد أن السؤال الأم ذلك الذي تسامى على جميع الأسئلة عّم يتساءل حمادي المزي ؟ عن حمادي المزي .فككل أنسان تراه يبحث عن نفسه ، وككل فنان ،يسعى إلى اكتشاف ذاته في ابداعاته ، الحصيلة تجربة حمادي المزي في الحقيقة لم تبدأ مع دار سندباد بل بدأت قبل ذلك بكثير وتحديدا سنة 1975 في المسرح المدرسي ثم الجامعي ومسرح الهواية وصولا الى تأسيس المسرح الوطني في 1983 الذي كان أحد أعمدته . ويقدم المزي في هذا الكتاب شهادة عن تجربته ورؤيته للكتابة المسرحية والإخراج ومختلف تفاصيل العمل المسرحي وقد كان هذا الكتاب محاولة لإنقاذ الذاكرة المسرحية من التلف والنسيان لان العمل المسرحي لا يتجاوز عمره كفرجة عدد العروض لذلك ما يبقى منه هو النص وما كتب عن المسرحية مع الصور والتسجيل التلفزيوني إن وجد كما لم ينس المزي تقديم كشف مالي عن الدعم العمومي الذي تلقاه في كل مسرحياته من الدولة ممثلة في وزارة الثقافة وفي استحضاره لمسيرته المسرحية لم ينس المزي تقديم كل عمل والظروف التي أحاطت بإنتاجه ونكتشف في هذا الكتاب المسيرة نكتشف أسماء الممثلين والكتاب الذين تعامل معهم من أجيال متعددة فنجد منجي بن حفصية ونعيمة الجاني ومحمد توفيق الخلفاوي ومحمد نوير والبشير خمومة ومنير العرقي وحاتم بوزيد ولمياء العمري وفوزية بدر وجواد الشاكرجي وفوزية ثابت وغازي الزغباني وشكري البحري وصالح حمودة وغيرهم. فهذا الكتاب رحلة ممتعة في تجربة عمرها ثلاثون عاما وكم يحتاج المسرح التونسي الى هذه الشهادات الحية من أصحاب المنجز المسرحي فقد رحل كبار المسرحيين التونسيين دون تدوين شهاداتهم من محمد عبدالعزيز العقربي وحسن الزمرلي ومحمد الحبيب وعبداللطيف الحمروني وجميل الجودي وعلي بن عياد ومنصف السويسي ورجاء بن عمار وأحمد السنوسي وغيرهم ونرجو أن تدفع تجربة حمادي المزي في تدوين تجربته آخرين لكتابة وتدوين تجاربهم ماداموا أحياء .