من المنتظر أن يعقد البرلمان هذا الأسبوع جلسة عامة لانتخاب باقي حصته في المحكمة الدستورية. وتفيد الأصداء الأولية بغياب الأمل في توافقات حاسمة مرتقبة. تونس «الشروق» : الاسبوع المنقضي تخللته دعوات عديدة وضغط من قبل المجتمع المدني بهدف التسريع في تركيز المحكمة الدستورية خاصة بعد الوعكة الصحية الأخيرة لرئيس الجمهورية والتي فتحت الباب على مصراعيه لجدال سياسي وقانوني بشأن معاينة حالات الشغور المحتملة. وفي هذا السياق لاحظت منظمة بوصلة وجود سوء نية من قبل النواب وعدم احترامهم للتوافقات منذ شهر مارس 2016 والى حدود الايام الأخيرة. فشل كل المحاولات وعلى امتداد مايزيد على 15 جلسة توافقات بين الكتل البرلمانية أمكن للبرلمان انتخاب روضة الورسيغني يوم 14 مارس 2018. وفشل في انتخاب باقي الاعضاء مرات عديدة. وازاء هذه الوضعية تتالت الاقتراحات التشريعية للتسريع بتركيز المحكمة الدستورية، من ذلك أن تقدمت الحكومة بمبادرة تشريعية تهدف الى الحط من الأغلبية المعززة (145 نائبا) الى الاغلبية المطلقة (109 نواب) غير أنها واجهت انتقادات واسعة ومخاوف من وضع اليد على المحكمة الدستورية. كما اقترح النائب السابق في المجلس الوطني التأسيسي رابح الخرايفي تعديل القانون الاساسي للمحكمة الدستورية بحذف عبارة ‹›تباعا›› من الفصل 10 منه، بما يمكن كلا من رئاسة الجمهورية والمجلس الاعلى للقضاء من تعيين حصتهما في المحكمة الدستورية، عسى أن يكون ذلك دفعا ايجابيا وإحراجا للبرلمان في سياق التسريع بتركيز المحكمة الدستورية، غير أنّ هذا المقترح بدوره واجه انتقادات بضرب مبدإ التعديل والتوازن الذي وقع اقراره في عملية التدرج عند انتخاب أعضاء المحكمة الدستورية. خلافات حادة وفي المقابل فإن ضغط المجتمع المدني لم يؤد الى نتائج في مستوى الانتظارات. فبعد 6 دورات انتخابية وفي انتظار الجلسة الانتخابية المرتقبة التي من المرجح أن تعقد بعد غد الاربعاء – وفق تأكيدات برلمانية- طغت الخلافات مجددا على توافقات الكتل البرلمانية. فبعد ان انسحبت سناء بن عاشور من المنافسة بعد الفيتو الذي رفعته ضدها حركة النهضة ترقب الرأي العام تجاوز الخلاف وتحقيق التوافق بين باقي المترشحين غير أنّ كتلة الحرة لمشروع تونس رفعت الفيتو مجددا ضد مرشح الجبهة الشعبية والكتلة الديمقراطية العياشي الهمامي ليتحول الى عنوان جديد للخلاف. وفي هذا السياق قال الامين العام السابق لحزب التيار الديمقراطي غازي الشواشي ل››الشروق» إنه من غير المأمول أن يوفق البرلمان في تركيز المحكمة الدستورية وذلك قياسا بحجم الخلافات بين كتله النيابية، مضيفا أن الحسم بيد الاغلبية الحاكمة التي لا تحمل ارادة قوية لهذا الامر وفق قوله. واضاف الشواشي أنه من خلال متابعة التوافقات الاخيرة ظهرت معطيات خطيرة تهم التشكيك في المترشحين ، متوقعا أن يساهم ذلك في تعقيد المسألة.كما اتهم بعض المنتمين الى كتلة مشروع تونس بالعمل على ضرب مسار الانتقال الديمقراطي من خلال اعتراضها القطعي على المرشح العياشي الهمامي. واعتبر المتحدث أن مقترح الغاء التدرج في انتخاب اعضاء المحكمة الدستورية بغية الضغط على البرلمان اقتراح غير وجيه لأن المشرع أعطى الاولوية للبرلمان ثم للمجلس الاعلى للقضاء فرئيس الجمهورية وذلك لتحقيق مبدإ التوازن و التعديل الذي يمكن رئيس الجمهورية من اقتراح مرشحين يعدلون التوازن في تركيبة المحكمة في سياقات الحضور النسائي أو من حيث الكفاءات. وفي المقابل اعتبر الامين العام لحزب مشروع تونس و النائب حسونة الناصفي ان كتلته البرلمانية لن تخضغ للضغوط. ولن تصوت للمرشح العياشي الهمامي مضيفا أن البعض يريد تحميل مشروع تونس فشل ارساء المحكمة الدستورية لإخفاء غايات، لافتا النظرالى ان كتلته قدمت عددا من الكفاءات على غرار سليم اللغماني وسناء بن عاشور وزهير بن تنفوس. ووقع اسقاطها مقابل ترشيح كتل اخرى لأصدقاء ومناصرين لهم وفق رأيه وذلك في اشارة الى تمسك العديد من الكتل البرلمانية بالمرشح العياشي الهمامي. وفي المحصلة، يمضي البرلمان نحو جلسة انتخابية سابعة في سياق تركيز المحكمة الدستورية التي تعهد رئيسه محمد الناصر بتركيزها قبل نهاية العهدة البرلمانية. و لاتوافقات ممكنة تلوح في الافاق. فهل يمكن القول بأن المحكمة الدستورية صارت بمثابة حلم صعب المنال بعد أن أصبح ملف التوافقات بشأنها عسيرا جدا وبمثابة وصمة عار للبرلمان؟ حلم مؤجل ؟ يبين خبراء القانون أن تركيز المحكمة الدستورية التزام يندرج في سياق استمرارية الدولة ومحمول عليها سواء في الدورة النيابية الحالية او في الدورة القادمة في أسوأ الحالات لافتين النظرالى ان الفشل في هذه المهمة يعني الفشل في التفعيل الاساسي للدستور. فشل بتاريخ 19 جويلية 2018 ابرز رئيس البرلمان أهمية إرساء المحكمة الدستورية من أجل ضمان علوية الدستور وحماية النظام الجمهوري الديمقراطي لافتا النظرفي الآن نفسه إلى المسؤولية التاريخية لأعضاء البرلمان في انتخاب المحكمة الدستورية ومشددا على ضرورة التوافق، غير أنه بمرور سنة تقريبا ظل تصريح الناصر دون تفعيل.