ما انفك تعطيل إرساء المحكمة الدستورية يخلق الكثير من الجدل على الساحة السياسية والحقوقية نظرا لأهمية هذه الهيئة في استكمال مسار الانتقال الديمقراطي الذي تمضي تونس قدما في تحقيقه ، و قد مر أكثر من أربع سنوات على إقرار إحداثها في دستور 2014 ، ومع ذلك مازالت أزمة المحكمة الدستورية تراوح مكانها ولم يقع حلها بعد و بقيت رهينة اتفاق الكتل البرلمانيّة ، التي فشلت في الاتفاق على المرشحين. وقد فشلت لجنة التوافقات بمجلس نواب الشعب مجددا في التوافق حول الأسماء المترشحة لعضوية المحكمة الدستورية وذلك قبل الانطلاق في الدورة الانتخابية الثالثة المقررة الاربعاء 21 مارس 2018. وقد أكد النائب غازي الشواشي أن عددا من الكتل على رأسهم كتلة الحرة تراجعوا على ما تم الاتفاق عليه مؤخرا و طالبوا بإعادة النقاش و المفاوضات و هو ما اعتبره عدد اخر من النواب مضيعة للوقت، وفق ما أفادت به مبعوثة نسمة بالبرلمان. كما أضاف الشواشي أنه من الضروري توفر ضمانات لاحترام بنود الإتفاق، مرجحا تاجيل هذه الدورة الإنتخابية إلى موعد لاحق خاصة أن مصيرها سيكون الفشل بسبب غياب التوافق. وأكد النائب عن الكتلة الديمقراطية غازي الشواشي،الأربعاء، إلى مقر البرلمان تعطيل كتلة الحرة لعملية أنتخاب اعضاء المحكمة الدستورية. وأفاد أن كتلة الحرة تعطل التوافق في إجتماع رؤساء الكتل، مبينا انها تطرح إعادة توافق من جديد حول الأشخاص، وفق تعبيره. و اتهم النائب عن كتلة الحرة لحركة مشروع تونس الصحبي بن فرج في تصريح ل"الصباح نيوز"، الكتلة الديمقراطية بتعطيل انتخاب بقية الأعضاء الأربعة للمحكمة الدستورية. ويأتي كلام بن فرج ردا على اتهامات النائب غازي الشواشي الذي اتهم كتلة "الحرة" لحركة مشروع تونس بتعطيل التوافق على بقية الأسماء. وأشار بن فرج إلى ان اتهامات الشواشي تأتي في إطار "مزايدات". ومن جانبه، أكد النائب عن حركة مشروع تونس حسونة الناصفي في تصريح ل"الشاهد:، أن كتلة الحرة قاطعت اجتماع رؤساء الكتل الذي انعقد الاربعاء 21 مارس 2018، والمخصص للاتفاق حول انتخاب أعضاء المحكمة الدستورية. وشدد الناصفي أن الحركة ترفض بشدة دعم المرشح العياشي الهمامي، واشترطت أن لا يكون ضمن الاعضاء الذين ستتفق حولهم الكتل البرلمانية. وندد محدث "الشاهد" بالاتهامات الموجهة لكتلته بعرقة التوافقات وتعطيل الحسم في مسألة انتخاب المحكمة الدستورية، مشيرا الى أن من يتمسكون بمرشح واحد لدعمه والتوافق حوله، هم من يعطلون التوافقات حسب تعبيره. هذا واتهم عدد من النواب بينهم النائب عن الحركة الديمقراطية غازي الشواشي كتلة الحرة، بتعطيل التوافقات، وأضاف أن الكتلة تريد تمرير مرشحتها، التي وافقت عليها بقية الكتل وهي المرشحة سناء بن عاشور، في حين تعارض بقية المرشحين. ويشترط قانون المحكمة الدستورية، الصادر في 2015، أن ينتخب مجلس نواب الشعب الأعضاء الأربعة بأغلبية الثلثين من أعضائه. وبحسب القانون، في حال لم يحظ العدد الكافي من المرشحين بالأغلبية المطلوبة بعد ثلاث دورات متتالية يتم الإعلان عن قبول ملفات الترشح من جديد لاستكمال الأعضاء المنقوصين. وتعرض مجلس نواب الشعب في تونس لموجة انتقاد جديدة بسبب تأخره في تركيز المحكمة الدستورية، رغم انقضاء الأجل الدستوري الموجب لتنصيب المحكمة. و قد عمّت حالة من انعدام الثقة بين الكتل البرلمانية عقب الفشل، مرة أخرى ، في اختيار أعضاء المحكمة الدستورية، بسبب تراجع الكتل البرلمانية عن تعهداتها. وعلى الرغم من أن الدستور التونسي نص على أنه يجب إرساء هذه الهيئة خلال سنة من تاريخ الانتخابات التشريعية، التي أجريت في أكتوبر عام 2014، إلا أن البرلمان عجز عن إرسائها. ويرى مراقبون أن التجاذب الحزبي وحالة التأزم السياسي لعبا دورا في عرقلة عملية إرساء مؤسسة توكل إليها مهمة حماية المسار الانتقالي بالبلاد. كما يعود سبب تأخر حسم مسألة انتخاب أعضاء المحكمة الدستورية إلى ظاهرة تغيب نواب البرلمان عن الجلسات العامة وعن اجتماعات اللجان البرلمانية، وهو ما عطل أيضا العديد من التزامات مجلس نواب الشعب.