غليان كبير، بدأ يطفو على صفحات المسرحيين التونسيين، منذ فترة، بسبب تغييب المسرح الهادف في برمجات المهرجانات الصيفية، مقابل برمجة أعمال الستانداب، على غرار العمل الأول لنضال السعدي. * تونس الشروق عبر عديد المسرحيين على مواقع التواصل الاجتماعي عن غضبهم من تغييب المسرح الجاد والهادف، في برمجة المهرجانات الصيفية الجهوية منها والوطنية والدولية. وشدد عدد منهم على أن برمجة أعمال «الوان مان شو»، و»الستاند آب» التجارية إهانة للمسرح وللمسرحيين. وفي هذا الإطار، كتب المسرحي القدير أنور الشعافي منذ يومين تقريبا مقالا نقديا، في شكل تدوينة على صفحته الخاصة على «فايسبوك»، لبرمجة نضال السعدي في مهرجان قرطاج الدولي. فكانت الهجمة المضادة. هذه الهجمة المضادة تحدث عنها أنور الشعافي في تدوينة لاحقة كالآتي: «بعد نشري لمقال حول برمجة عرض «مسرحي» لممثل غير مسرحي في أعرق مهرجان تونسي،علّق عليه نضال السعدي نفسه - وللأمانة - بكل لطف ثم انطلق هجوم كاسح من قبل أولاد مفيدة وبناتها وأخواتها وكل جيرانها بعبارات ونعوت في غاية «الأدب» حتى اضطررت إلى سحب المنشور تجنبا لحجب blocage زوكربرڨري نتيجة هجوم هذا الذباب الإلكتروني». وتابع الشعافي في ذات التدوينة: «يبدو أن ذبابهم أقوى وأكثر عددا وذبابنا صامت لا صوت له ولا رأي له بل هو يتفرج من بعيد وكأن المسألة لا تعنيه... نتعجّب مما وصل إليه المسرح التونسي لكن إذا عرفنا السبب بَطل العجب..»... فنان في قيمة وقدر أنور الشعافي يهان بهذه الطريقة من قبل «من يسوى ون لا يسوى»، على حد تعبير المسرحيين عبد العزيز المحرزي ومعز المرابط، «أمر مخجل ويندى له الجبين». ويذكر أن المهرجانات الصيفية على اختلاف تسمياتها، هذه السنة، لم تخل برمجتهامن أعمال الوان مان شو، وهناك مهرجانات ألحت إصرارا على برمجة كل ما هو موجود من أعمال من هذا النوع وتحديدا التي أنتجت خلال هذا العام. فنضال السعدي مثلا موجود بعرضه «لا هكّا لا هكّا» في عدد كبير من المهرجانات على غرار مهرجاناي قرطاج وقابس الدوليين، وفي ليالي العبدلية بالمرسى، حتى أن هناك من علق ساخرا، على برمجته في العبدلية بالقول «مفيدة برمجت ابنها»... مسؤولية مديري المهرجانات وتعليقا عما حصل معه، وعن برمجة الأعمال التجارية في المهرجانات التي هي ثقافية وتمول من المال العام، قال المسرحي أنور الشعافي، إنه يحمّل المسؤولية مباشرة، لمديري المهرجانات، الذين كرّسوا، على حد قوله، نجوم الورق التي أنتجتها القنوات التجارية.وذهب، محدثنا أبعد من ذلك حين رد على القول بأن مثل هذه العروض لا تدعمها الدولة، بقوله: «صحيح أن هذه العروض لا تدعمها الدولة، بحكم أنها تجارية وغير مكلفة إنتاجيا، لكن المهرجانات التي برمجتها مدعمة من المال العام. وليس دورها برمجة العروض التجارية، وإذا كانت المهرجانات تبحث عن الربح المادي من خلال برمجة هذه العروض فعليها أن لا تطلب دعما من سلطة الإشراف..». ما جاء على لسان أنور الشعافي أكده زميلاه معز المرابط وعبد العزيز المحرزي. بل إن المحرزي ذهب إلى اعتبار أن مهرجان قرطاج الدولي قد فقد قدره، مستحضرا عنوانا لحوار أجري معه منذ حاد هذا المهرجان العريق عن توجهه عنون ب»قرطاج شدّ قدرك». وأضاف المحرزي في هذا السياق: «قرطاج أصبح مرتعا لمن هبّ ودبّ، ووقع «تشليكه» بالمعنى المقصود للكلمة»، وهو ما أكده أيضا معز المرابط. المحرزي توجه أيضا بحديث مباشر إلى مدير مهرجان قرطاج الدولي مختار الرصّاع، جاء فيه ما يلي: «ما عهدتك هكذا يا مختار.. لقد أصبحت عرابني.. اليوم تنصاع لأوامر وزيرك.. ما عادش يخرج عليك، وأنت الذي وقفت لعبد الوهاب عبد الله لما كنت على رأس التلفزة التونسية.. قرطاج ليس قاعة أفراح.. قرطاج كان يخصص للأعمال الضخمة وتتذكرون «كاليغولا» و»أوديب الملك» و»صاحب الحمار».. ما هذا؟ من يظهر يوما في تلفزة يصعد قرطاج. هذا ليس له غير تفسير واحد وهو أن الدولة متواطئة..». سلطة الإشراف متواطئة وكما توجه المحرزي بخطاب إلى مدير مهرجان قرطاج، توجه بنقده إلى وزير الشؤون الثقافية محمد زين العابدين، حين قال: «ما على الوزير إلا أن يداوي الموسيقى لأنه لسنوات لم ينجز شيئا للثقافة... وما يعتبرونه إنجازات لا يتجاوز الشعبوية، وإذا أراد الوزير أن يعرف كيف أذنب في حق مهرجان قرطاج عليه أن يقرأ تاريخه..». ما جاء على لسان المحرزي يتفق معه معز المرابط تماما، حيث اعتبر أنه شاهد العجب من خلال اطلاعه على برمجة المهرجانات. وعبر عن حيرته كبقية أهل الفن الرابع مما يحصل من استبعاد للأعمال المسرحية الجادة، الشيء الذي ولد غضبا كبيرا لدى أهل القطاع. وأكد المرابط في هذا السياق، أن برمجة المهرجانات خلال هذه الصائفة تعكس نية مبيتة لسلطة الإشراف، لإقصاء المسرح والمسرحيين وتهميشهم عمدا، على حد تعبيره. وتابع المرابط في ذات الصدد: «حقيقة شيء مخجل حقا، وقد وصلنا إلى وضع رديء وتعيس لا يحتمل، في غياب وقفة صارمة من سلطة الإشراف التي أصبحت تروج «ثقافة بودورو»، ولا أدل على ذلك من برمجة أشكال تجارية ترفيهية كالستاند آب»، فأنا لا ألوم من يقدم هذه النوعية، لكن لومي على المهرجانات التي تتحصل على المال العام لترويج عروض تجارية، أمام صمت رهيب ومدهش لسلطة الإشراف»...