تونس (الشروق) تتميّز معتمديّة منزل بوزيان التابعة إداريا لولاية سيدي بوزيد بواقعها الريفي المُترامي الأطراف والذي يُعمّره أهاليه بالسّكن في «الدواوير» والتّجمعات السكنيّة والمنازل المتباعدة لمن اختاروا عن طواعية التشبّث بالأرض وممّن يقُوم نشاطهم الرئيسي على تفليح الأرض بأنشطة مُتنوّعة وخصُوصا منها زراعة الحبُوب البعليّة والسقويّة. وبحُلول فصل الصيّف تتجمّع جُهُود العائلات على موسم حصاد الصّابة و»العجرُدة» على حدّ السّواء والتي تقترن محاصيلها ونوعياتها بكميّات الأمطار المُسجّلة. وعند نضج السنابل يتوجّه عادة الفلاحون سابقا إلى الحصاد اليدوي بالاعتماد على المنجل في تواقيت بكرة صباحيّة تمتدّ من الساعة الرّابعة إلى ما بين العاشرة ومنتصف النّهار. وبالانتهاء اليومي من الحصاد يتوجهون إلى تجميع ونقل محاصيل «حِلل» السنابل إلى «المندرة» على متن «البطاح» المجرُور بالدّواب أو على الجرّار. ويكثر في هذا الموسم التعاون والتآزر بين العائلات من خلال تنظيم «العرافة» في شكل مجموعة من الرّجال والنساء المتطوّعين لإعانة ذوي القُربى للتعجيل بحصاد زراعاتهم في أجواء «تنافسية» فارحة تعلُوها أصوات الغناء والذكر والزغاريد. وتتجدّدُ هذه «اللمّات» التطوعيّة في أيّام «الدريسة» أيضا والتي كان يُعتمد فيها على «الجرُوشة» المجرُورة بالخيُول أو على مجموعة من الأحمرة «المسلسلة» ببعضها والتي تدور بمراقبة «الدرّاس». وفي ظلّ التطوّر «الميكانيكي» أصبح يُعتمد في ذلك على «الماكينة» الدرّاسة المُرتبطة فنيّا بالجرّار وذلك من خلال هبّة الأجوار من مختلف الأجيال العمريّة لحلّ «الحلل» وتطعيم الآلة بالسنابل فيما يتكفّل آخرون بتعبئة أكياس. وتتجدّد هذه العمليّة بين الأجوار في أجواء تآزريّة وعادة ما تختتمُ هذه اللّمة بوليمة الغداء أو العشاء التي يُنظمها صاحب «الدرسة» على شرف ذويه المتطوعين الأوفياء .