بعد محاولات عديدة لإنقاذ حركة نداء تونس وبعد سنوات من العمل في صمت بعيدا عن الأضواء في كواليس نداء تونس لتقريب وجهات النظر انسحبت السيدة سلمى اللومي من نداء تونس تونس الشروق في خطوة مفاجئة انسحبت آخر مؤسسي نداء تونس السيدة سلمى اللومي الرقيق صديقة جميع تيارات النداء واتجهت لتأسيس حزب جديد قديم هو حزب الأمل وقد لقيت هذه الخطوة ترحيبا واسعا من عديد الفاعلين في المشهد السياسي اليائسين من إمكانية تجميع العائلة الوسطية . فالسيدة سلمى اللومي التي لم يعرف عنها الانحياز ولا المعارك ولا العداء لأحد أدركت أنّه لا بد من تجميع العائلة الوسطية مهما كانت الصعوبات كما تقر بالفضل للرئيس الباجي قايد السبسي الذي عملت معه في الحزب ورئاسة الدولة وتعتبر أنه لعب دورا محوريا في إنقاذ تونس. الأنظار تتجه اليوم لسلمى اللومي سيدة الأعمال التي ألقت بها أزمة تونس في بحر السياسة فهل تنجح في تجميع العائلة الوسطية وبناء حزب ينجح في تشكيل حكومة ما بعد الانتخابات ؟ السيدة سلمى اللومي الرقيق أدلت بأول حوار لها لوسيلة أعلام لجريدة الشروق . عودة سلمى اللومي إلى السياسة وتأسيسها لحزب جديد يطرح أكثر من سؤال على المتابعين وعلى الرأي العام. لماذا العودة الآن وما هي الأهداف القريبة والبعيدة من هذه المبادرة؟ قبل كل شيء لم أغادر الحياة السياسية في يوم من الأيام. كلّ ما في الأمر أخذت بعض المسافة من المسؤولية الحزبية عندما دعيت إلى مسؤوليات عليا في الدولة حيث لا مجال للخلط مع مهمة رئيسة للديوان الرئاسي ثمّ عندما تخليت عن تلك المسؤولية عدت إلى نشاطي السياسي الطبيعي في ظرف دقيق حيث أن البلاد على أبواب انتخابات لتجديد العهدة التشريعية والرئاسية وهي في حاجة إلى كافة طاقاتها وكفاءاتها. ثم إني عدت بفكرة الإصلاح العميق للحياة السياسية والحزبية خصوصا، قرأت مثلما قرأ غيري أزمة حزب النداء الذي كنت من بين مؤسسيه وأدركت أنّه في حاجة إلى إصلاح شامل يبدأ بتأسيس جديد وينتهي بتغيير العقليات والسلوكات. وأعتقد أن الغالبية الساحقة من الندائيين تنتظر حلاّ جديدا وحزب الأمل هو بيت الندائيين الجديد وغير الندائيين ممن يهمّهم حاضر البلاد ومستقبلها. وعلينا كفاعلين سياسيين أن نتحلى بالتواضع ونبذ الذات والتخلي عن غرور الزعامة من أجل بناء جبهة وسطية تعيد الأمل للتونسيين هل يعني هذا أن سلمى اللومي تريد أن تكون زعيمة التوحيد وتجميع العائلات الندائية والوسطية؟ أنا لا أطمح لا لزعامة ولا لقيادة بل المساهمة فيما يريده التونسيون من تحقيق التوازن السياسي والقطع مع عقلية هيمنة الحزب الواحد وعندما نجحنا في تأسيس النداء وجمعنا حولنا كافة القوى الوسطية كنا في المقدّمة وتجاوب معنا التونسيون. وما قمنا به من مبادرات في هذا الاتجاه يؤكّد سلامة توجّهنا سواء في التوجه نحو انصهار حزب المشروع في حزب الأمل الجديد أو في عودة مناضلي النداء إلى الحزب أو في تفاعل العديد من الوطنيين مع نداءاتنا. وهل هذا يكفي في ظروف تشتت العائلة الحداثية الديمقراطية؟ طبعا هذا لا يكفي لكن كل خطوة في الاتجاه الصحيح هي خطوة عملاقة لأن حرب الذاتيات والزعامات كانت على أشدّها بين أبناء عائلات سياسية متقاربة فكريا وسياسيا. وما هي حظوظ التقارب في أجواء يغلب عليها التنافس والانتخابات على الأبواب؟ نحن واعون بدقّة الظرف والتنافس هو سمة الحياة السياسية والانتخابية في ظروف الديمقراطية. لكن التحالفات هي أيضا من سمات الديمقراطية لاسيما بين العائلات السياسية ذات البرامج المتقاربة وحالة التشتت لا تخدم الديمقراطية. والمهمّ أن نتطلّع إلى المستقبل ببرنامج لا يقوم على الاستئثار بالحكم ومنطق الإقصاء. وما هي إذن الخطوط العريضة لبرنامجكم؟ أولويات التونسيين وانتظاراتهم تقوم على أمنهم وعلى مستوى عيشهم الذي تضرّر كثيرا جراء السياسات الاجتماعية والاقتصادية للسنوات الأخيرة. والبرنامج الذي لا يأخذ بعين الاعتبار المصالح الحيوية للتونسيين في الحياة الكريمة لا يكتب له النجاح. نريد أن يعود الأمل للتونسيين في دولة قوية تؤمن البلاد والعباد ويسود فيها القانون بلا حيف ولا تمييز. برنامجنا يقوم على إجراءات عاجلة تتحمل فيها الدولة مسؤوليتها كاملة في دعم القطاعات الاستراتيجية والشركات الوطنية الكبرى في الطاقة والمناجم وفي الصحة والنقل وفي التعليم. برنامجنا يقوم على إعلاء دولة القانون لأن الدولة القوية التي تستند إلى القانون هي وحدها القادرة على حماية الديمقراطية. برنامجنا يقوم على إصلاح النظام السياسي حتى نحقق توازنا أكبر بين السلطات يعيد للمؤسسات نجاعتها وتكاملها. برنامجنا يقوم على تنقية الحياة السياسية وتخليقها حتى نقاوم الانتهازية والمحسوبية وشراء الضمائر. برنامجنا يقوم على الدفاع على المكاسب العظيمة للدولة الوطنية المدنية وفي مقدمتها حقوق المرأة والمساواة واحترام الحريات العامة والفردية ودعمها. وما هو موقفكم من الإسلام السياسي ؟ الإسلام السياسي جرّبه الشعب التونسي منذ 2011 ولم يحقق له ما كان ينتظره. هناك خط يفصل بيننا وهو مدنية الدولة والخلط بين الديني والسياسي وهو ما أفسد الدين والسياسة معا. نحن لا نريد أن تتحوّل المساجد إلى فضاء يرتع فيها الملتحون المتشدّدون باسم الدين ويجنّد فيها شبابنا ليبعث به إلى بؤر التوتّر. لا مستقبل للإسلام السياسي في تونس ولسنا في حاجة إلى دعوة إسلامية جديدة فالشعب التونسي مسلم وله تقاليده وثقافته الإسلامية المتوازنة يتوارثها جيلا بعد جيل. وبدعة الإسلام السياسي هي بدعة شرقية لا أعتقد أن لها مستقبلا في أرضنا. هل ينوي حزبكم التقدم للانتخابات التشريعية بقوائم ائتلافية أم حزبية؟ قوائمنا ستكون حزبية ولكن ببرامج وبوجوه وطنية تجميعية. سنفتح قائماتنا للكفاءات الوطنية في كل الجهات. ولقينا كامل التجاوب والدعم. وسنعمل من أجل أن يكون المجلس النيابي القادم فضاء للكفاءات العليا للبلاد نساء ورجالا. فالشعب التونسي غير راض عن أداء المجلس النيابي الحالي حيث استشرت ظاهرة التغيب والسياحة الحزبية وقلّة الخبرة فالنائب الذي نريد هو نائب كفء وملتزم. وما هو شكل التحالف الذي تقترحونه اليوم على شركائكم وما هي حظوظ نجاحكم حيث أخفق الكثيرون؟ لم نقترح شروطا تعجيزية على أحد، بالعكس بادرنا باقتراح ميثاق مفتوح لكامل العائلة السياسية الوسطية التي تؤمن بالدولة المدنية وبالمشروع المجتمعي الحداثي ووضعنا جملة المبادئ التي نراها ضرورية لإصلاح الأوضاع اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا وتركنا للجميع حرية الاختيار في شكل الدخول إلى الإنتخابات إما بقائمات إئتلافية أو منفردة.المهم أن نتفق على البرنامج الذي به نكوّن أغلبية حاكمة غدا ونضع البلاد على سكة الإصلاح ودعونا إلى ندوة وطنية في الأيام القادمة بين الأحزاب التي تتبنى الميثاق والشخصيات الوطنية وهي عديدة وبهذا نكون قد حركنا الأمور من جديد نحو ديناميكية جديدة مؤسّسة على البرامج المشتركة.