وزارة الصحة: تقنيات طبية جديدة لدعم مراكز المساعدة على الإنجاب بالمستشفيات العمومية    عاجل: إضراب قطاعي يشلّ الصناعات الغذائية والسياحة والتجارة غدًا    شركة روش تعيّن السيد ماثيو جالاي مديرًا عامًا لتونس وليبيا    عاجل: توضيح رسمي بخصوص ''المُوّظف'' الي استعمل تلفون الخدمة باش يكلم خطيبته... يلقى روحو في الحبس!    اليابان ترفع مستوى التحذير من تسونامي    "مازال في غيبوبة بعد تعرضه لحادث": ابنة صالح الفرزيط تكشف وتوجه نداء عاجل..    بسبب نزاع على المياه: ترامب يهدد المكسيك بزيادة رسوم جمركية    استبعاد أودوجي لاعب توتنهام من مواجهة سلافيا براغ برابطة أبطال أوروبا    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    اعتداء خطير على سائق تاكسي بالقيروان.. توقيف الجاني بعد رصده بكاميرات مستشفى الأغالبة    عاجل: شنيا حقيقة تحقيق من فيفا في مباراة فلسطين وسوريا؟.. هذه كل التفاصيل    شنيا حكاية مباراة تونس - بوتسوانا وراء الأبواب المغلقة؟...ما هيش المرة الأولى    ترامب: "إنفيديا" ستتمكن من تصدير شرائح الذكاء الاصطناعي المتقدمة إلى الصين    الطقس مُستقر اليوم..لكن التقلُبات جاية في هذا الموعد    كأس العرب 2025 ... بين الفوز الحاسم والحسابات المعقدة.. سيناريوهات تأهّل مصر إلى ربع نهائي كأس العرب    إسرائيل تشن غارات على جنوب لبنان    بعد 3 أيام من اختفائه.. إنقاذ طفل سوري دفن حيا في تركيا    مُربّ في البال...محفوظ الزعيبي مربيا وشاعرا وأديبا    الكوتش وليد زليلة يكتب ..حين يتحدث القلب قبل اللسان ..كيف نساعد أطفالنا على التعبير عن مشاعرهم؟    المكتبة العمومية بحاجب العيون ... عائلة بن جمعة تحصل على جائزة «أفضل عائلة مطالعة»    إنجاز طبي في شارل نيكول: إجراء أول تدخل بالقسطرة بتقنية الموجات التصادمية لعلاج الشرايين التاجية    توقيع مذكرة تفاهم لإدارة وتسيير مركز تونس للتميز ' كايزان '    مدنين: انطلاق توزيع المساعدات المخصّصة لإعانة العائلات محدودة الدخل على مجابهة التقلبات المناخية وموجة البرد    بنزرت: ...في الاجتماع الموسع للنقابة التونسية للفلاحين ..«لوبيات» البذور الممتازة تعبث بالموسم    وزارة الفلاحة.. وضعية السدود الموسم الجاري كانت أفضل من السنة السابقة    زغوان: تقدّم موسم جني الزيتون بنسبة 40 بالمائة    عاجل/ إقرار هذه الإجراءات لتأمين التزويد بقوارير الغاز    ظهور ضباب محلي آخر الليل    عاجل/ الصيدليات تؤكّد تمسّكها بتعليق صرف الأدوية بهذه الصيغة لمنظوري ال"كنام"    عاجل/ تحذير من تسونامي يضرب هذه الدولة الليلة    انطلاق الورشة الإقليمية للدول العربية حول "معاهدة مراكش لتيسير النفاذ إلى المصنفات المنشورة لفائدة الأشخاص المكفوفين أو معاقي البصر أو ذوي الإعاقات الأخرى"    توقيع مذكرة تفاهم بين البنك المركزي التونسي والبنك المركزي العُماني    عاجل/ بالأرقام: سدود الشمال تتدعّم بكميات هامة خلال الاسبوع المنقضي    صدور كتاب جديد للباحث الصادق المحمودي يستشرف "علاقة الفقه بالنوازل الرقمية في عصر الذكاء الاصطناعي"    توزر: زيادة منتظرة في نسبة الحجوزات بنزل الجهة خلال عطلة نهاية السنة الإداريّة    المنتخب التونسي لكرة القدم يشرع في تحضيراته لامم افريقيا يوم 12 ديسمبر    كأس العرب قطر 2025: المنتخب المصري يلتقي نظيره الأردني غدا الثلاثاء بحثا عن التأهل لربع النهائي    عاجل: إطلاق سراح طالب الطبّ محمد جهاد المجدوب    تسمم جماعي لركاب طائرة متوجهة من شنغهاي إلى موسكو    الصندوق العالمي للطبيعة يدعو الى المشاركة في حماية المناخ    كفاش تعرف الى عندك نقص في فيتامين B 12 ؟    استغل هاتف الوزارة للاتصال بخطيبته: السجن وخطية لموظف بوزارة..    شوف شنوة ال 5 حاجات تقولهم المرأة والراجل يفهمها بالعكس    المنتدى الابداعي... المسرح الفن الموسيقى والعلاج "يوم 13 ديسمبر 2025 بالمعهد الفرنسي بتونس العاصمة    الدكتور رضا عريف للتوانسة: هذه أعراض النزلة الموسمية...والحالات هذه لازمها طبيب    خلال سنة 2025: الديوانة التونسية تحجز 14 كلغ من الذهب    كأس العرب قطر 2025: المنتخب الجزائري يسعى لحسم تأهله لربع النهائي في مواجهة العراق    قمة لوسيل اليوم: شكون ضد شكون؟ شوف الماتش وين تتفرج ووقتاش بالضبط    مقتل الفنان المصري سعيد مختار في مشاجرة    عاجل/ هذه الدولة تلغي إعفاء الفلسطينيين من تأشيرة الدخول..وهذا هو السبب..    فيلم 'سماء بلا أرض' يفوز بالجائزة الكبرى للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش    التسامح وبلوى التفسّخ    ماسك يصعّد هجومه ضد الاتحاد الأوروبي.. ويشبهه ب"النازية"    حَقُّ التّحْرِيرَيْنِ وَوَعْيُ التّحْرِيرِ: جَدَلِيّةُ الْوَعْيِ الْمُحَرر    رأي .. قرنٌ من التطرف، والإرهاب ... من حسن البنّا إلى سلطة الشرع... سقوط الإمارة التي وُلدت ميتة!    أولا وأخيرا .. أزغرد للنوّاب أم أبكي مع بو دربالة ؟    المنستير: تنصيب المجلس الجهوي الجديد    غدوة اخر نهار للأيام البيض.. اكمل صيامك واغتنم الثواب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



منبر الجمعة.. مواساة البؤساء فرض على كل مسلم
نشر في الشروق يوم 19 - 07 - 2019

قال الله تعالى: ﴿ وَابْتَغِ فِيمَا آَتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآَخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ﴾ أيها المسلمون إذا كان الله تعالى قد تفضَّل عليكم ورزقكم من الطَّيِّبات، وأغناكم عن الحاجة، وصان وجوهكم عن مذلَّة السؤال - فقد وجب عليكم أن تشكروه تعالى على ما منحكم وأولاكم، وأعزَّكم وأغناكم، وبذلك يحفظ عليكم نعمته، ويتفضَّل عليكم بالمزيد منها، والبركة فيها، و﴿ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ﴾. وليس الشكر قولاً باللسان، وإنَّما الشكر امتثال أوامر الله بالطاعة، والإحسان إلى البؤساء الذين أصابتهم شدَّة، والفقراء المحتاجين من أرباب العيال، ومن القسوة أن تمنعوا المعونة، وتَقبِضُوا أيديَكم شحًّا وبخلاً، والشدائد تميت البائسين، والضيق يقتل المحتاجين.
أَمِنَ الرحمة أن يكون المسلم في رَغَدٍ من العَيْش، وسعةٍ من الرزق، ومَنْ أخنى عليهم الزمان في شدة من الضيق، وألم من الإعسار؟! أَمِنَ المُروءة التمتع بأصناف الغذاء، وبعض المسلمين يتألَّمون من الجوع في الصباح والمساء؟! أَمِنَ المروءة التمتع بِملابِس الزينة، واخواننا في الإنسانيَّة يُحرِقُهم حر الصيف، ويقتلهم برد الشّتاء؟!
إنَّ الغَنِيَّ الذي لا يحسُّ بأنَّ عليْه للبُؤَساء والفُقَراء حقوقًا وواجبات - لقاسي القلب، خالٍ من الشفقة، بعيدٌ من رحمة الله، ﴿إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ﴾. إنَّ الله عزَّت قُدْرَته وجلَّت حِكْمَته قد وعد مَنْ أنفق شيئًا في سبيل الله أن يخلفه عوضًا، إما عاجلاً وإما آجلاً، فقال - جلَّ شأنه -: ﴿ وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ ﴾ فليس البخل والإمساك بعد هذا الوعد الكريم إلا من ضعف الإيمان، أو سوء الظن بالله الغني الحميد.
إذا كان الله تعالى قد مدح الأنصار من الصحابة بأنهم كانوا يقدِّمون المهاجرين على أنفسهم في كل شيء من أسباب المعاش، ولو كانوا هم في أشد الحاجة؛ حيث قال عزَّ وجلَّ: ﴿وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ﴾. فإن لم تقدِّموا أيها المسلمون الغير على أنفسكم؛ فاعطفوا على البائسين والمحتاجين ببعض ما يزيد على حاجتكم، وإنَّ هذا لهيِّنٌ على مَنْ عنده أدنى رأفة ورحمة ، وإن هذا لهيِّنٌ يسيرٌ على مَنْ حفِظَه الله من رذيلة الشُّحِّ، ﴿ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾.
ان صنائعُ المعروف من علامة الإيمان وعلوّ الهمَّة، وعنوان الشهامة والمروءة، وإنَّها تَقِي صاحبَها مصارعَ السوء، وتَحفَظُه من المحن والبلايا، وتجلب رضا الله وإحسانَه، ولا تكلِّف الإنسانية صاحبها من الإحسان إلا اليسير، ولا تطلُبُ من المروءة إلا الشيء القليل؛ فاصنعوا أيها المسلمون المعروف في أهله ما استطعتم، وافعلوا الخير لعلكم تفلحون. وإنَّ ما يضيّعه الواحد في الكماليات لكثير، ولقد ينفق الغني في جلسة قصيرة ما يكفي البائس الفقير زمنًا طويلاً؛ فأدخلوا السرور على المساكين بالبر والإحسان، لعلَّ اللهَ يَرحَمُنا، ويكشف عنَّا ما نحن فيه من ضيقٍ وشدَّةٍ. واسألوا عن المحتاجين في بيوتِهم، وعن المصابين في أماكنهم، وادخلوا عليهم، وهوِّنوا عليهم الشدائد والآلام، وخفِّفوا عنهم ما هم فيه من الأسقام والأحزان. وأعطوهم من مال الله الذي أعطاكم وجعلكم نوَّابًا عنه، ووكلاءَ فيه - يُعْطِكُم أجرًا عظيمًا وثوابًا جزيلاً: ﴿ آَمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ﴾. وأعطوهم بعض ما يفضل عنكم؛ فبذلك تَملكون قلوبهم، وتكسبون محبَّتهم، وبذلك تتَّحد القلوب، وتكون الألفة والإخاء - فتُنصرون على أعدائكم، وتبلغون غايتكم، وتعيشون في بلادكم آمنين مطمئنين، ويعمّكم الله برحمته، ويشملكم بإحسانه:
﴿وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ وَمَا تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ﴾.
الخطبة الثانية
جاء في الحديث القدسي عن رب العزَّة، يقول الله تبارك وتعالى: (أنْفِقْ يا ابن آدم يُنْفَقْ عليك)؛ متفقٌ عليه من حديث أبي هريرة. وروى مسلم عنه أيضًا، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (مَنْ نفَّس عن مؤمن كربةً من كرب الدنيا؛ نفَّس الله عنه كربةً من كرب يوم القيامة، ومَنْ يسَّر على معسِرٍ؛ يسَّر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومَنْ ستر مسلمًا؛ ستره الله في الدنيا والآخرة. والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه). ويا أيها الناس ان فينا مَنْ لا يئن لمتألِّم، ولا يتوجَّع لمستصرِخ، ولا يَحنو على بائس؛ ممن تجردوا من العاطفة الإنسانية وحنان الإخاء الإسلامي، وفقدوا الرابطة الدينية، وقد قال الله تعالى: ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ ﴾. وقال صلى الله عليه وسلم: (المؤمنون كرجلٍ واحد: إذا اشتكى عينَه اشتكى كله، وإذا اشتكى رأسه اشتكى كله)؛ رواه مسلم. وان فينا مَنْ يقع أمامه من الحوادث ما يؤلم القلب ويدمي العيون، فلا يتأثر ولا يلين؛ بل تجده كالصخرة الصماء؛ كالحجارة أو أشد قسوة. والذي نشاهده من أمثال قساة القلوب غلاظ الأكباد - دليلٌ واضحٌ على انحطاط نفوسهم، وخبث أرواحهم. فالمال مال الله، والفقراء عيال الله، وأحبُّ الخلق إلى الله أنفعهم لعياله، ومالك الحق وخالق الخَلْق قادرٌ على أن ينتزع عن الغني لباس غناه، ويعطي البائس الفقير كل ما يرضيه من متاع الحياة: ﴿ قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاءُ وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.