منتصف الثمانينات من القرن الماضي، حل الشاب الجليدي العويني بالعاصمة في سعي جاد منه لتأسيس وتأثيث مسيرة إبداعية متفرّدة جاء العاصمة متشبعا بمبادئ النخوة والزاد الشعري الذي كان يروم الكشف عنه في محيط جديد، سلاحه في ذلك هذا العشق الكبير للوطن وهو ابن الصحراء المعطاء بأسرارها وسحرها وصمتها وصخبها حل الجليدي العويني العاصمة أول مرة فكانت صدمته بعنق الهوة بينها وبين قريته في الجنوب التونسي. انتابته أحاسيس الوحدة والضياع أمام رحابة العاصمة وزحمتها وصخبها وضجيجها ونوعية العلاقات بين سكانها، كل هذا جعل الجليدي العويني ينزوي وحيدا ليصوغ بصدق وعمق وتلقائية «آش جاب رجلي» معبرا عن نفسه بطريقة شدّت إليه الفنان عدنان الشواشي فكان اللقاء بين الاثنين إنسانيا وفنيا... عمل عدنان الشواشي على تلحين هذه الأغنية طالبا من مؤلفها إعداد موال لها، وتم تقديمها أول مرة في مهرجان الأغنية «دورة 1990» لتتوّج بجائزة أفضل نص غنائي. نجحت «آش جاب رجلي» على اعتبار أنها كانت تعبيرا عن أحاسيس العديد من الناس طلبة وموظفين حملتهم لقمة العيش الى العاصمة والاستقرار فيها ... نجحت «آش جاب رجلي» اعتبارا للعفوية في اللقاء بين الشاعر والملحن والمسألة لم يكن مرتبا لها بشكل كبير نجحت «آش جاب رجلي» لأنها صورة صادقة ناصعة وقوية ومعبّرة عن واقع وحقيقة بكل تلقائية وصفاء. «آش جاب رجلي» نص: الجليدي العويني لحن وغناء: عدنان الشواشي موّال: آش جاب قمرة الليل لأنوار ضي المدينة وآش جاب عابر سبيل لديار ما هي حنينة ما يفيد فارس الخيل في البحر كان السفينة *** آش جاب رجلي للمداين زحمة لناس ما يحبّوه وآش عيني لبرّ ناقص رحمة لا يطولوا في الود لا يصونه آش جابني ما جابني كان التعب وخوه *** وسط البراري عشت وتربيت وردة روابي ماتطاوق حصر صفحة نقية للمدينة جيت بالحلم باني قصر فوقه قصر لما دخلت السور غابة لقيت نسيو المحبة والوفاء باعوه *** قالوا عليّ مسكين قالوا نية ولقيت بي دايرة الصيادة تفكّرت برّي وفيه حسن النيّة تفكرت زرع الخير والحصّادة شقيت وسط الصخر ثنية حطيت عزمي الفوق ما طالوه *** نفسي عزيزة ع الكرامة مربّي ما هزّني وجه المدينة الزايف ورسمت خطي والأمل في ربّي حتى بقيت وحيد ماني خايف ماشي مع ليّام عارف دربي طبعي الوفاء يا اللي الوفاء نسيتوه