تونس (الشروق) في إنصاف لثراء الإرث الحضاري تُكنَّى مدينة قفصة ب»أمّ الحضارات» التي تدلّ عليها الكثير من الشواهد الشامخة على غرار البرج البيزنطي الذي يعُود تأسيسه الى سنة 540 ق. م. والأحواض الرّومانية التي أقيمت منذ أكثر من ألف سنة خلت والرماديّات الشهيرة هذا إضافة إلى عديد المواقع والمعالم التي تؤرّخ لحقبات تاريخيّة تعُود لأكثر من 40 ألف سنة تخصّ الحضارة القبصيّة العظيمة. وتتميّز مدينة قفصة بكثرة السّاحات التي تقترنُ بتاريخ الأمجاد على غرار النّصر- الحريّة – حقوق الإنسان - شكري بلعيد - محمد بالمفتي وباستور. هذا إلى جانب كثير من الشوارع والأنهج التي ترتبط برمُوز العراقة الوطنيّة مثل لزهر الشرايطي - بشير بن سديرة - الطيب المهيري- علي بلهوان- المنجي سليم - الحبيب بورقيبة - فرحات حشاد - محمد علي الحامي وغيرهم كُثر من هامات الحركة الوطنية ممّن فدوْا الوطن بتضحياتهم. وتشتهر جهة قفصة أيضا بثباتها على الهويّة الوطنيّة ومُناصرة القضايا العربيّة والتطوّع في حرُوبها الحاسمة مغاربيّا ومشارقيّا. وقدّمت العديد من الشهداء ممّن سقطوا على أراضي الجزائر – مصر وفلسطين. وتكريمًا لهذا التاريخ العرُوبي سميّ نهج جمال عبد الناصر الذي يمتدّ بداية من المدخل الشرقي للمدينة على مستوى وادي «الذهب» بيّاش وصُولا إلى وسطها في تقاطع مع شارع الطيب المهيري والذي يعرفُ حركة نقل وسير نشيطة وأخرى ماليّة وتجاريّة وخدماتيّة. وهذه التسمية تُبْرِز وتُذَكِّرُ بالرئيس جمال عبد الناصر أحد أبرز القادة العرب الذي لعب دورا طلائعيّا في ذاكرة القوميّة العربيّة وطبعها بالقفز على الهزائم بالأمجاد وإعلاء الكلمة العربيّة في المحافل الدوليّة بعدما ارتقى لقيادة ثورة 23 جويلية 1952 وحقّق العديد من الإنجازات لعلّ أهمّها تأميم قناة السويس وبناء السدّ العالي ومنع الشحن الإسرائيلي من خليج عدن إضافة إلى تأسيسه لعدّة وِحْدَات واتحادات عربيّة. هذا وتجاوز الهزيمة أمام القوات الإسرائيليّة وعدوان الطائرات الفرنسيّة والبريطانيّة بالإصرار على استرجاع كرامة الأرض والعرض. وقد ارتقى الرئيس عبد الناصر إلى الزعامة المتفرّدة لدى الجماهير العربيّة بفضل قوّة نشر الفكر القومي العربي. وبوفاته يوم 28 سبتمبر 1979 تدفّق أكثر من خمسة ملايين مواطن وبحضور الرؤساء العرب والدول الصديقة بغية السّير في جنازة هذا الزعيم الرّمز وتوديعه الوداع الأخير.