تضارب التأويلات القانونية ،وفوضى سياسية وحالة من اللخبطة إزاء التنقيحات الجديدة في قانون الانتخابات إن كانت سارية المفعول أو معطّلة إلى أجل لاحق . تونس الشروق: ختمُ رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي للتنقيحات الجديدة في القانون الانتخابي، وإصدارها بالرائد الرسمي، ملف أدخل بلبلة كُبرى يتقاطع فيها السياسي بالقانوني ،فخبراء القانون الدستوري اختلفوا وتناقضوا في توصيف هذه الحالة ومخارجها، اما السياسيون فيتعاطون مع عدم اعلان الرئيس عن ختمه للقانون الانتخابي واصداره بالرائد الرسمي ، من منطق العلاقة بالتنقيحات الجديدة . التأخر في ختم القانون واصداره بشكل رسمي ليتم اعتماده من قبل الهيئة العليا المستقلة للانتخابات ،يحيلنا الى استفهامات جوهرية تتعلق بأي النصوص التي ستعتمدها الهيئة في التعاطي مع الترشحات التي ستقدّم لها ،إضافة الى الآليات التي ستعتمدها في التعاطي مع القائمات بعد صدور القانون ، وهل انها ستعتمد القانون الجديد ام القديم وهل يمكن اعتبار التنقيحات سارية المفعول واعتماد ما تضمنته كمقاييس لقبول الترشحات ،بالرغم من عدم امضائها من قبل الرئيس. فوضى نقاط جوهرية وحالة من الفوضى تناقضت فيها المقاربات وبقي الجميع في حالة ترقّب وانتظار لمصير التنقيحات التي صادق عليها البرلمان مؤخرا، خاصة امكانية اعتمادها في الانتخابات التشريعية والرئاسية القادمة ،ان تم اصدراها بعد بداية قبول الترشحات يوم الاثنين . الدكتور رابح الخرايفي يعتبر ان عدم ختم التنقيحات واصدارها بالرائد الرسمي يعتبر "خرقا جسيما "من طرف رئيس الجمهورية ، مما يستوجب عزله ان كانت الأوضاع مستقرة في تونس ،لكن هذه الفرضية غير ممكنة الآن لأن تونس مقبلة على مواعيد انتخابية ، وأشار الخرايفي الى انه من غير المعقول ان تصمت رئاسة الجمهورية في هذا الملف ،مشدّدا على انه يمكن اللجوء الى تقديم طلب استعجالي للنفاذ للمعلومة والتأكد من ان رئيس الجمهورية قام بتوقيع مشروع القانون او امتنع عن ذلك. الرقابة اللاحقة اما عن الإشكالات التي يتم تداولها اذا تم نشر التنقيحات بعد الانطلاق في قبول الترشحات ،قال الخرايفي ان الهيئة العليا المستقلة للانتخابات ستعمل وفق القانون القديم ثم ستقوم بالرقابة اللاحقة، مشدّدا على ان هذا التمشي سيؤسس للفوضى في تونس ،خاصة اذا تم اسقاط قائمات حزب معيّن في كامل تراب الجمهورية. الخرايفي أشار أيضا الى ان التأخر في اصدار التنقيحات واعتماد القانون القديم ثم تطبيق الرقابة اللاحقة ،سيحدث تشكيكا في القيادة التي ستفرزها الانتخابات القادمة ، قائلا "الباجي يعتمد على سياسة انا وورائي الطوفان ". كما شدّد الخرايفي على انه من المفارقات التي ستجد تونس نفسها مجبرة عليها هي قبول الترشحات على أساس القانون القديم وإعلان النتائج على أساس القانون الجديد . خرق الدستور أما المحامي أحمد صواب فاعتبر ان عدم ختم رئيس الجمهورية الباجي قايد السبسي على القانون الانتخابي يمكن اعتباره « خرقا للدستور» ،وشدد أحمد صواب على أن هذا التصرف لا يليق لا بالدستور التونسي ولا برئيس الجمهورية ، مضيفا في تصريح اعلامي «ولا نحن نسمح به كمواطنين» . احمد صواب شدد أيضا على ان عدم ختم القانون سيربك الجميع بما فيهم هيئة الانتخابات والقضاء .مشيرا الى انه في صورة ما لم يختم رئيس الجمهورية على القانون الإنتخابي فإن ذلك يعتبر خرقا للدستور بصفة جسيمة ومباشرة «.،رافضا مقولة دخول التنقيحات حيّز النفاذ بالرغم من عدم توقيعها. تنفيذ التنقيحات أما استاذ القانون الدستوري جوهر بن مبارك فأشار الى أن "القانون الانتخابي» قانونيا ودستوريا دخل حيز النفاذ باعتبار أن رئيس الجمهورية لم يستعمل حق الرد خلال الفترة التي حددها الدستور والمحددة ب 5 أيام". جوهر بن مبارك أشار الى انه "يمكن تنفيذ قانون الانتخابات بداية من يوم السبت حتى وإن لم يوقع رئيس الجمهورية"، مضيفا " عند تجاوز آجال الختم المنصوص عليها بالفصل 81 يعتبر القانون مختوما بحكم النصّ الدستوري حتى لو لم يمضه رئيس الجمهورية ماديا و كذلك الأمر بالنسبة للنشر". الهيئة تطبق القانون القديم أفاد عضو الهيئة العليا المستقلة للإنتخابات، أنيس الجربوعي، بأنّ الهيئة وجّهت تعليماتها إلى جميع هيئاتها الفرعية، تدعوها فيها إلى تطبيق القانون الحالي المتعلّق بالإنتخابات والإستفتاء المُنقّح سنة 2017 وذلك في صورة عدم ختم القانون الجديد من قبل رئيس الجمهورية ونشره بالرائد الرسمي.وأوضح الجربوعي في تصريح اعلامي، أنّه تمّ توجيه هذه التعليمات خلال الدورة التكوينيّة التي نظّمتها الهيئة الإنتخابية بسوسة، يومي 18 و19 جويلية 2019، لفائدة أعوان الهيئات الفرعية، بحضور مجموعة من الخبراء. وأضاف أن التعليمات تضمّنت أيضا عدم مطالبة المترشّحين بأيّ من الشروط التي نصّت عليها التعديلات صلب القانون الجديد، مبيّنا في الآن ذاته أنّه في صورة ختم القانون ونشره في الرائد الرسمي، يتعيّن على الهيئة وفروعها تطبيق التعديلات الجديدة. غياب المحكمة الدستورية أفاد أستاذ القانون الدستوري أمين محفوظ، أنّ هناك إشكالا دستوريا يتعلق بمسألة ختم القانون الإنتخابي بالتنقيحات الجديدة من طرف رئيس الجمهورية وأساسه غياب المحكمة الدستورية، مضيفا أن إشكال آجال الختم يرجع إلى أن الدستور لم يمتع الهيئة الوقتية بصلاحيات المحكمة الدستورية.