تونس (الشروق) تُعتبر مدينة حلق الوادي واجهة رئيسيّة لمدينة تونس وكانت ولازالت مركزا تجاريا وسياحيّا نشيطا. ويقترن تاريخ حلق الوادي القديم ببناء حصن القصبة سنة 153 ميلادي على يد كارلوس الخامس إلى جانب الفتح العثماني والإسلامي سنة 1575 وحقبة الاستعمار الفرنسي خلال القرنيْن الثامن عشر والتاسع عشر. وهذه الحقبات التاريخيّة والحضاريّة المتعدّدة خلّفت العديد من المواقع والمعالم الأثريّة الشهيرة على غرار قلعة «الكراكة» والحصُون الحارسة والمساجد والكنائس والمقابر المنتشرة بالمدينة وكلّ لها «ملّتها» وتترجم متجمّعة على وحدة التآلف الاجتماعي والتعايش السّلمي بين التونسيين والجاليّة الإيطاليّة والإسبانيّة والفرنسيّة والمالطيّة واليهوديّة التي تشبّثت باختيار المكان «الرّمز» والحياة الآمنة على الأرواح والممتلكات وطيلة إقامتهم الدائمة وجدُوا التقدير والتبجيل من التونسيّين احتراما لما قدّموه لتونس من تنوّع في مهارات الحرف والمهن والفنون في مختلف المجالات خصُوصا في مجال الخدمات كالمطاعم والمقاهي والحانات التي تجاوز عددها سابقا المائة خلال عشريّات الاستعمار. هذا وتحوّلت هذه المهن وبعض المباني بعد الاستقلال بالملكيّة إلى التونسيّين الذين طوّرُوا أنشطتها ومبانيها بالترميم والتّحديث. وتشتهر مدينة حلق الوادي بشارع فرانكلين روزفلت الرئيس الثاني والثلاثون للولايات المتحدةالأمريكية (1933 - 1945) بعدما شغل الكثير من المناصب وحكم ولاية نيويورك وعرفت أمريكا في عهده الكثير من الإشعاع الداخلي والدولي. ويقترن هذا الشارع بالمطاعم المصنّفة والشعبيّة التي تعجّ على جانبيْه بداية من ساحة النّصر ووصُولا إلى تلاقي اليابسة برمال الشاطئ. هذا وتقدّم هذه المطاعم أشهر الأكلات التونسيّة الأصيلة وخصوصا أطباق الأسماك بمختلف أنواعها لزوّارها الذين يكثر تعدادهم خلال أشهر الاصطياف وممّن يقصدون المدينة للسّهر العائلي. وتحتفي المدينة بالسّمك من خلال إقامة مهرجان صيفي باسمه في تظاهرة ثقافيّة شعبيّة كبرى تجسّد ثراء المخزون التراثي وتنوّع الإرث الحضاري المادي واللامادي بالجهة وعادة ما يفوق عدد زوّار حلق الوادي ليليّا 300 ألف زائر في دلالة على أهميّة المكان والزمان والوفاء لروح لأصالة لهذه المدينة العريقة.