''توكابر''...الزيت التونسي الأفضل عالميا: وين موجود ووقتاش يتم جنيه؟    اليوم: أقصر نهار في العام    الكرة الطائرة(الكاس الممتازة): النادي النسائي بقرطاج يتوج باللقب    عاجل: ممرضة تحترق داخل مستشفى بالرديف خلال مناوبة ليلية    عاجل/ هذه الولاية دون "تاكسيات" بداية من مساء اليوم..    القرفة أوالكركم...أيهما أفضل لصحتك؟    مرصد المرور: ارتفاع قتلى الحوادث ب 6,27 بالمائة    تونس: وضعية السدود في خطر    الجزائريون والمغاربة والأتراك يتصدرون قرارات الترحيل من الاتحاد الأوروبي    محكمة ترفض طلب الحكومة الفرنسية حظر منصة 'SHEIN'    قد يكون أخطر ممّا تتوقّع...أضرار تجفيف الملابس داخل المنزل    قابس/ آفاق واعدة لقطاع السياحة الاستشفائية بالحامة    الأرصاد تُحذّر: انخفاض حادّ في الحرارة وأمطار غزيرة على أجزاء من تونس    السواسي: يخرب جسد قريبه طعنا بسكين حتى الموت !    براكاج قاتل يودي بحياة سائق تاكسي بالقيروان    مهرجان المنصف بالحاج يحي لفنون العرائس ومسرح الطفل من 21 إلى 28 ديسمبر 2025    ندوة علمية حول "علم الاسماء والكتابة التاريخية في بلاد المغرب" من 06 الى 08 ماي 2026 بالمعهد العالي للعلوم الاجتماعية والتربية بقفصة    بلدية تونس تدخل عالم الرقمنة: منظومة GMAO باش تحافظ على العربات وتقلل الأعطاب    اليوم: التوانسة يعيشوا الإنقلاب الشتوي    كاس امم افريقيا 2025 - مصر تبحث عن انطلاقة قوية امام زيمبابوي الاثنين    المنتخب التونسي لرفع الأثقال يتحول إلى الدوحة للمشاركة في البطولة العربية وكأس قطر الدولية    للتوقي من السلالة الجديدة ''k'': مختص في علم الفيروسات يدعو إلى التلقيح ضد النزلة الموسمية    عضو في بعثة المنتخب الجزائري يتسبّب في أزمة بفندق الإقامة بالمغرب    فنزويلا تدين احتجاز ناقلة نفط جديدة وتعتبره "قرصنة دولية خطِرة"    ثلاثة فائزين في المسابقة الشّعرية المغاربية لبيت الشّعر بالقيروان    عاجل/ "براكاج" ينهي حياة سائق "تاكسي"..    القيروان؛ مقتل سائق تاكسي فردي في "براكاج"    تونس تخسر 5.2 مليار دينار سنويًا بسبب التهرب الضريبي!    بودربالة: مستقبل تونس يُرسم اليوم بأحرف من ذهب    مبابي يعادل رقم رونالدو القياسي في فوز ريال مدريد على إشبيلية    اليوم: أجواء تميل إلى البُرودة    طقس اليوم: سحب أحيانا كثيفة وأمطار رعدية غزيرة    مقتل 10 وإصابة 10 بإطلاق نار في جنوب افريقيا    المغرب يقرر إعادة هيكلة منظومة تسويق وتصدير القنب الهندي القانوني    أمين محفوظ يعكس الهجوم على حبيب خضر: أسدٌ عليّ وفي الحروب نعامة    المنتخب المغربي يستهل مشواره في كأس إفريقيا بمواجهة جزر القمر    أمريكا: انقطاع الكهرباء عن عشرات الآلاف من المنازل في سان فرانسيسكو    اختتام الدورة 36 لأيام قرطاج السينمائية: الفيلم المصري "القِصص" يتوج بالتانيت الذهبي (الجائزة الكبرى)    خبراء أمريكيون: ترامب يخفف الرقابة على الماريجوانا لاستمالة الشباب    بني خلاد...لمواجهة أزمة القوارص.. زراعة البطاطا خيار الفلاحين    مع الشروق : الزّيت ثروة وليست طريقة إثراء    بعد انتشار سلالة جديدة من الانفلونزا: تحذير ودعوة إلى التلقيح ضد النزلة الموسمية..#خبر_عاجل    عاجل/ انتخاب رئيس جديد لمكتب الرابطة الوطنية لكرة القدم المحترفة..    الدكتور أحمد الأعطر: 30% من التونسيين يعانون من تآكل الغضروف    كأس أمم إفريقيا.. مواعيد مباريات العرب في الدور الأول    باجة: زيت زيتون "توكابر" يحصد الميدالية الذهبية الممتازة لأفضل زيت زيتون بيولوجي في العالم للمرة العاشرة على التوالي    وداعًا وليد العلايلي.. النجم اللبناني يغادرنا عن 65 سنة    الليلة هذه أطول ليلة في العام.. شنوّة الحكاية؟    تيك توك تعمل كيان أمريكي مستقل بمشاركة هذه الدولة العربية    اختتام عروض الدورة 11 من قسم أيام قرطاج السينمائية بالسجون    حجز 5.6 طن من الموز غير صالحة للاستهلاك بسوق الجملة بهذه الجهة..    وزير التجارة يتابع موسم جني الزيتون ومشاغل الفلاحين واصحاب المعاصر وتنفيذ اجراءات تخزين الزيت وترويجه    عاجل : وفاة الفنانة المصرية سمية الألفي    عاجل: الجزائريون والمغاربة يتصدران قرارات الترحيل من الاتحاد الأوروبي    عاجل/ يهم زيت الزيتون: وزير التجارة يعلن..    مهرجان القيروان للشّعر العربي: شعراء من تونس، الجزائر ،ليبيا وموريتانيا يحتفون بعشرية بيت الشّعر القيروانيّ    خطبة الجمعة ..طلب الرزق الحلال واجب على كل مسلم ومسلمة    برّ الوالدين ..طريق إلى الجنة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الاثنين 22 جويلية 2019..الحصانة وتأثيرها المباشر على تطبيق القانون
نشر في الشروق يوم 22 - 07 - 2019

يتمتع أعضاء المؤسسات الدستورية والهيئات الأخرى بما يسمّى بالحصانة وهو مفهوم هدفه الأساسي حماية القائمين على تطبيق القانون أو المشرعين له حتى يعملوا بكل استقلالية وأريحية دون التعرض للضغوطات والتزثيرات ليقوموا بمهامهم في أحسن الظروف والوجوه.
ولكن وبالرجوع الى أرض الواقع والناحية العملية فإن هذه الأداة أي الحصانة التي وُضعت لحماية ممثلي هذه المؤسسات والهئات لم يقع ضبطها وتحديدها بكل دقة تفلاديا لكل التجاوزات ومثال ذلك ما نلاحظه خلال أشغال مجلس نواب الشعب من خطاب متشنج وما يأتيه بعضهم من ألفاظ نابية وعبارات جارحة نحو زملائهم وخصومهم حتى من خارج محيط المجلس ويصل بهم الأمر أحيانا للتشابك والسب والشتم على مرأى ومسمع من الجميع خاصة وأن المداولات منقولة تلفزيا. ورغم ذلك لم نلمس اجراءات فعلية لردع مثل هذه التصرفات والممارسات وذلك بناء على ما يتمتع به النائب من حصانة.
وفي المقابل يحاكم المواطن العادي على أعمال وقضايا أقل أهمية وخطر على الغير وعلى المجتمع وهذا التمييز بين الحالتين يتناقض بما جاء في الفصل 21 من دستور جانفي 2014: «المواطنون والمواطنات متساوون في الحقوق والواجبات، وهم سواء أمام القانون من غير تمييز...».
ويتدعم هذا التمييز ويتأكد بالفصل 68 الذي يبين أنه «لا يمكن إجراء أي تتبع قضائي مدني أو جزائي ضد عضو مجلس النواب أو إيقافه أو محاكمته لأجل آراء أو اقتراحات يبديها أو أعمال يقوم بها في ارتباط بمهامه...».
هذا الفصل يحمي النواب ويستعمله بعضهم للمسّ من الاشخاص أو المؤسسات دون التقيّد بضوابط أخلاقية وحتى في صورة تطبيق القانون أحيانا فإن النائب يجد دائما تغطية في صورة إذا ما ارتكب جريمة وذلك بناء على الفصل 69 من الدستور: «.. أما في حالة التلبس بجريمة فإنه يمكن إيقافه، ويعلم رئيس المجلس حالا على أن ينهي الإيقاف إذا طلب مكتب المجلس ذلك».
وبطبيعة الحال نحن نعرف أنه من عادة أعضاء المجلس المحترمين التضامن والتآزر في مثل هذه الحالات فقط استنادا لمبدإ: أنصر أخاك ظالما أو مظلوما.
ومن الأمثلة أيضا أن البلاد عاشت بعد 14 جانفي 2011 سلسلة من الاحتجاجات والاضرابات المتوحشة أحيانا والتي مسّت ميادين حيوية ومنها النقل والتعليم والصحة والمناجم وغيرها وذلك استنادا لما جاء في الفصل 36 من الدستور: «الحقّ النقابي بما في ذلك حقّ الاضراب مضمون».
وأصبح شعارا تستعمله النقابات دون مراعاة ما يترتب عن بعض هذه التصرفات من مساس ومضار بالمصلحة العامة والخاصة للمواطنين وأحيانا تضامنا مع بعض «الرفقاء» حتى وإن تجاوزوا القانون.
ولم يوضح هذا الفصل أن حق الاضراب مضمون ولكن حق العمل واجب مقدس وهنا يظهر الخلل وعدم التوازن في مضمون الفصل.
ومما يلاحظ أخيرا خروج بعض النقابات عن المنظمة الأم التي تحتضنهم وهي الاتحاد العام التونسي للشغل وأخذ قرارات أحيانا دون موافقتها.
ومن الأمثلة كذلك سلوك بعض الهيئات وما تتمتع به من حصانة نذكر هيئة الحقيقة والكرامة والتي كانت مهمتها الأساسية تحقيق مصالحة وطنية حقيقية على غرار ما وقع في جنوب إفريقيا وغيرها لكن تكوينة هذه الهيئة منذ البداية تأسست على مبدإ محاسبة رجال الفترة لاسابقة لتاريخ 14 جانفي 2011 وتحميلهم كل المآسي التي تعيش فيها تونس حاليا وهو تجنّ صارخ وواضح في حق من ساهم في تحرير البلاد وبناء الدولة العصرية بتلفيق تهم وشهادات لا تمت للحقيقة بأي صلة فحادت هذه الهيئة عن مهمتها الأساسية وبثت الأحقاد والتفرقة بين المواطنين مستندة الى حصانة تحدّت بها رئيستها كل الآراء والقوانين وحتى عدد من أعضاء الهيئة نفسها وما سببته من فساد وإهدار للمال العام.
ومن أنواع الحصانة ما تمتع به الاعلام في هذه الفترة من حرية تمّ استعمالها في عديد الحالات في غير موضعها وأصبحت وسيلة بيد بعض القوى السياسية أو الاقتصادية لتمرير بعض الايديولوجيات أو خدمة مصالح وأهداف أطراف معينة فتناسلت المحطات الاذاعية والتلفزية والصحف ووسائل التواصل الاجتماعي وأصبحت تتسابق لما يُعرف ب «البوزْ» الاعلامي فتشابهت البرامج وأعطت الفرصة لأشباه الصحفيين والدخلاء على المهنة فاختلط الحابل بالنابل وابتعد الاعلام التونسي عن مهامه الاصلية المتمثلة في التوعية والتثقيف والتربية الوطنية الصادقة والتسلية الذكية دون السقوط في التهريج والتجريح والتقليد الأعمى وحتى لا تتحول بعض الوسائل الاعلامية الى «مؤسسات خيرية» والأخرى الى مؤسسات وعظ وإرشاد والبعض الآخر اختص في البرامج الهابطة وهتك الأعراض.
ومن المظاهر الأخرى للحصانة ما يُسمّى بالحصانة الديبلوماسية حيث لاحظنا منذ مدة ما يأتيه بعض ممثلي البعثات الديبلوماسية حيث لاحظنا منذ مدة ما أتيه بعض ممثلي البعثات الديبلوماسية ببلادنا من تدخل مبالغ فيه في الشأن الوطني وتنقل بعضهم من مكان الى آخر ومن حدث الى آخر، ومن مناسبة الى أخرى دون رقيب حتى ولو كانت بعيدة عن مشمولاته وهذا يعدّ من أنواع التجسس وهو بعيد عن العمل الديبلوماسي ويتطلب مزيدا من اليقظة والتابعة من السلطة الوطنية.
ويمكن في هذا السياق ذكر التداخل والتعامل والتعاون بين بعض الجمعيات أو المنظمات والهيئات ودول أجنبية أو منظمات دولية التي تغدق عليها الأموال وتدعمها سياسيا وإعلاميا دون تحرّ أو مراقبة جدية من الجهات المعنية.
وفي خاتمة هذا المقال أقول إن الفصل في مختلف هذه المسائل يرجح بطبيعة الحال للقضاء والذي يتمتع هو الآخر بحصانة حسب الفصل 102 من الدستور والذي جاء فيه: «... القاضي مستقل لا سلطان عليه في قضائه لغير القانون...».
ويؤكد الفصل 104 هذه الحصانة: «يتمتع القاضي بحصانة جزائية، ولا يمكن تتبعه أو إيقافه ما لم ترفع عنه، وفي حالة التلبّس بجريمة يجوز إيقافه وإعلام مجلس القضاء الراجع إليه بالنظر الذي يبتّ في مطلب رفع الحصانة».
وهذه الوضعية تُحيلنا الى ما تمّ تحليله في خصوص رفع الحصانة البرلمانية وهي هنا مرتبطة برأي المجلس الأعلى للقضاء ومع احترامنا لهذه الهيئة فإن ما صاحب تكوينها من تجاذبات سايسية وتأثيرات خارجية يجعل مهمتها صعبة على شرط تخلصها من التأثيرات السياسية وغيرها ويتحرّر القاضي اليوم برسالته حسب ما يمليه القانون.
وخلاصة القول أن مفهوم الحصانة يتطلب مزيدا من التدقيق والتوضيح وإن تفعيله وتطبيقه في شتى المجالات يتطلب النزاهة والشفافية والشجاعة عند تطبيق القانون دون محاباة أو مراعاة طرف على حساب طرف آخر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.