انتشرت في الفترة الأخيرة عمليات التحيل والجريمة الالكترونية. حيث أصبحت التكنولوجيا مصدرا لعمليات السرقة و التحيل بالإضافة الى التشويه والشتم مما تسبب بأضرار جسيمة لعدد كبير من المواطنين. تونس الشروق: استفحلت الجريمة الالكترونية حيث اصبحت تعد من ابرز الجرائم التي يتم استعمالها في الفترة الاخيرة و ذلك من أجل خدمة أهداف سياسية او مادية او شخصية فما هي الجرائم الإلكترونية؟ وكيف يتم تنفيذها و مواجهتها من خلال القوانين؟ ولا يكاد يمر يوم على المواطن التونسي دون أن يتم تسجيل ما بين 2 او 3 شكايات على المنظمة التونسية لإرشاد المستهلك من ضحايا التحيّل الالكتروني أما ضحايا الجريمة الالكترونية ككل فقد يصل عددها سنويا الى المئات . هذه الظاهرة أصبحت تؤرق وترعب المواطن الذي لم يعد يشعر بالامان في ظل تكاثر عدد المواقع التجارية المتحيلة بالإضافة الى بروز عصابات اجرامية منظمة داخل تونس و خارجها هدفها اختراق الحسابات البنكية للأشخاص وسرقتها. الجرائم الالكترونية الجرائم الالكترونية هي الجرائم التي تحدث عبر وسائل التواصل الاجتماعي او عبر مواقع مشبوهة و التي تستهدف اشخاصا بهدف التحيل عليهم و سرقة أموالهم أو التي تستهدف الشخصيات العامة بهدف ابتزاز الضحية وتشويه سمعتها من أجل تحقيق مكاسب مادية أو خدمة أهداف سياسية و ذلك عبر استخدام وسائل الاتصال الحديثة و مواقع التواصل الاجتماعي على غرار «الفايسبوك» و«انستغرام» و «تويتر» . و في هذا الاطار اكد مصدر مطلع «للشروق» ان الجرائم المعلوماتية و التكنولوجية تهدف الى سرقة معطيات شخصية سرية واستخدامها من أجل التسبب بضرر معنوي ومادي للضحية و اشار مصدرنا الى ان هذا النوع من الجرائم قد يتسبب في إفشاء معلومات استخباراتية وأمنية بهدف ضرب مؤسسات هامة بالدولة على غرار وزارة الداخلية و بقية المؤسسات العمومية . و تهدف ايضا الى الكشف عن بيانات وحسابات خاصة بالبنوك والأشخاص و التي تكون على درجة عالية من الخصوصية و في السياق ذاته اضاف محدثنا ان الجريمة الإلكترونية لها نفس مقومات الجريمة العادية و التي تحدث بصفة مباشرة و ذلك من حيث وجود و توفر عناصر الجريمة المتمثلة في وجود الجاني والضحية وفعل الجريمة . و اضاف محدثنا ان الاختلاف يظهر من خلال الوسائل المستخدمة. فالجريمة الإلكترونية يمكن أن تتم دون وجود المتحيل في مكان الجريمة كما أن الوسيلة المستخدمة للقيام بهذه الجريمة سواء كانت تحيلا او ابتزازا او تشويها هي التكنولوجيا الحديثة ووسائل الاتصال الحديثة و مختلف الشبكات المعلوماتية التي يتم من خلالها استهداف اشخاص معينين أو أي شخص كان و ذلك من أجل الحصول على معلومات هامة و معطيات شخصية تخص الحسابات الخاصة للضحية سواء البنكية أو على مواقع التواصل الاجتماعي . واضاف نفس المصدر ان الجرائم الالكترونية لم تقتصر على المتحيلين او العصابات الاجرامية. بل اعتمدت ايضا الجماعات الارهابية على استخدام وسائل الاتصال الحديثة وشبكة الإنترنت من أجل بث ونشر معلومات مغلوطة ونشر الفكر الارهابي و استقطاب الشباب عبر مواقع التواصل الاجتماعي المعروفة والتي قد تؤدي الى زعزعة الاستقرار في البلاد وإحداث الفوضى من أجل تنفيذ مصالح سياسية ومخططات إرهابية وتضليل عقول الشباب و بث الفكر الارهابي. ابتزاز .. تحيل وسرقة عدد كبير من المواطنين كانوا ضحايا التحيل والابتزاز الالكتروني سواء كان ذلك على مواقع التواصل الاجتماعي الفايسبوك او عبر المواقع التجارية المشبوهة فتكون عملية التحيل عن طريق رغبة البعض في شراء بعض المنتجات على غرار الملابس و مستحضرات التجميل او الرغبة بالسفر عبر وكالات اسفار مشبوهة غايتها التحيل و السرقة. اما النوع الثاني من الجريمة فهو يقوم على ابتزاز الاشخاص عبر نشر تدوينات او مقطع فيديو يستهدفهم و تكون الغاية منه فضح و تشويه الضحية و ذلك لأغراض شخصية او سياسية . «الشروق « كان لها لقاء مع عدد من ضحايا الجريمة الالكترونية الذين كشفوا لنا طريقة استدراجهم بهدف التحيل عليهم و تشويههم وابتزازهم منهم « مراد» صاحب صفحة تجارية خاصة ببيع الملابس المستوردة من تركيا على موقع التواصل الاجتماعي «الفايسبوك» تعرض الى عملية تحيل من قبل مزوده الذي اتفق معه على ان يورد له السلع. حيث مكنه من مبلغ يقدر بحوالي 15 الف دينار. واضاف مراد انه ارسل النقود منذ اكثر من شهر حتى اكتشف ان هذا الشخص متحيل. و قد سبق أن تحيل على ضحايا آخرين قبله و«سلمى» كانت ايضا ضحية لعملية ابتزاز و تحيل حيث تعرفت الى احد الاشخاص المقيمين بالخارج و قد قام بسلبها مبلغا ماليا يقدر ب3 الاف دينار. فقد مكنته من هذا المبلغ من اجل ان يشتري لها بعض الملابس المستوردة و عندما اكتشفت انه متحيل طلبت منه ان يعيد اليها اموالها فقام بتهديدها بأنه سينشر المحادثات الخاصة التي حصلت بينهما. واشارت سلمى الى ان هناك تزايدا كبيرا في أعداد الشكاوى التي تصدر من الاشخاص الذين يتعرضون لعمليات التحيل على الإنترنت. واكدت ان صديقة لها تعرضت ايضا الى نفس عملية التحيل وسُلب منها مبلغ كبير يناهز 5 الاف دينار. التصدي للجريمة و من جانب آخر اكد مصدر مطلع «للشروق» ان هناك عدة طرق يجب ان يقوم بها المواطن للحد من الجريمة الالكترونية على غرار توعية الأشخاص بكل مكان عن أسباب حدوث الجرائم المعلوماتية وكيفية تنفيذها. فوسائل الإعلام لها دور هام في توعية المواطنين عن مدى خطورة الجرائم الإلكترونية بالإضافة الى تجنب نشر أي صور أو معلومات شخصية على مواقع التواصل الاجتماعي أو أي مواقع أخرى وذلك حتى لا تتعرض للسرقة ومن ثم الابتزاز من قبل عصابات الجرائم الإلكترونية. و اضاف مصدرنا انه يجب تجنب استخدام أي برامج مجهولة المصدر تجنباً للتعرض للقرصنة وسرقة الحسابات المستخدمة و عدم كشف كلمات المرور لأي حساب سواء كان حسابا مصرفيا أو بطاقة ائتمان أو حسابا على موقع تجاري بالإنترنت. و يجب أيضاً تغييرها باستمرار لضمان عدم وقوعها لدى العصابات الاجرامية. ويجب ايضا تجنب فتح أي رسائل إلكترونية مجهولة و ضرورة تثبيت برامج حماية من الفيروسات و الاختراقات من أجل الحفاظ على سلامة الجهاز المستخدم وسرية المعلومات الموجودة فيه . واخيرا اكد مصدرنا انه يجب سن قوانين و عقوبات رادعة لمرتكبي الجرائم المعلوماتية وذلك للحد من انتشارها. الأستاذة والمحامية لدى التعقيب نادية الشواشي الغزواني ...يجب تطوير القانون لمجاراة ما يحدث في الواقع الافتراضي أكدت الاستاذة نادية الشواشي في تصريح «للشروق» ان العالم يشهد اليوم خروجا من التعامل المادي الى اللامادي خصوصا في ميدان التجارة وميدان البورصة والصرف. وقد تحولت مواقع التواصل الاجتماعي إلى منصّات للتجارة وتبادل البضائع والمعلومات بين الناس ممّا فتح الباب على مصراعيه أمام العديد من عمليّات التحيّل والجريمة الإلكترونية. حيث وقع آلاف التونسيين ضحايا لبضائع مسروقة أو غير مطابقة للمواصفات المعروضة على الأنترنت. ولم يتمكنوا من استرداد أموالهم لاسيما انه نظرا الى خصوصيّة الجريمة الإلكترونية من حيث القانون المنطبق خصوصا أن بعض الجرائم تتجاوز وقائعها وآثارها حدود البلد الواحد و لا يمكن حصرها . واضافت الاستاذة الشواشي في الاطار ذاته انّ عديد الأشخاص نجحوا في تكوين ثروة طائلة بسبب عمليّات ممنهجة ومنظمة للتحيّل الإلكتروني. ولم يقعوا إلى اليوم تحت طائلة المساءلة القانونيّة بسبب صعوبة إثبات هذه الجريمة خاصة مع ضعف إمكانيات الدولة في رصدها وغياب نصّ قانوني رادع خاص بها رغم اندراجها في إطار جريمة التحيّل التي ينص عليها الفصلان 291 و292 من المجلّة الجزائيّة. وفي هذا السياق أكّدت نادية الشواشي أن قصور الفصول القانونيّة وثقافة عدم التشكّي لدى المواطن التونسي شجعّت المتحيلين على المضي قدما في هذه الممارسات داعيا إلى ضرورة تفعيل الفصل 21 والمصادقة عليه من قبل مجلس النوّاب حتى يدخل حيّز التنفيذ. حيث يتعلق هذا الفصل بجرائم التحيّل التي تحدث عبر شبكة الأنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي وتصل العقوبة فيها إلى 6 سنوات سجنا و12 سنة سجنا مع خطية ماليّة تقدّر ب 100 ألف دينار إذا تعلّق الأمر بموظف عمومي. كما حذّرت الاستاذة الشواشي من ظاهرة التسوّل الإلكتروني التي انتشرت في مواقع التواصل الاجتماعي والتي تعمل على استعطاف مشاعر الناس عبر حالات اجتماعيّة تثير الشفقة والتي قد لا تكون حقيقية. بل قد تكون في إطار شبكات منظمة تتولى عرض صورة لشخص يدعي انه في حاجة الى المساعدة ثم يضع رقم حساب بريدي أو بنكي طلبا للتبرّع بالأموال لمساعدتها. وقد اتضح في المدة الأخيرة انها صورة مستحدثة للتسول والتحيّل ممّا دفع الحكومة التونسيّة إلى إغلاق 1200 جمعيّة تطوعيّة. كما ثبتت قرصنة حسابات «فايسبوكية» و ابتزاز أصحابها قصد الحصول على منافع. وللحدّ من جميع أشكال التحيّل الإلكتروني اضافت الشواشي انه يجب إرساء منظومة تشريعية تواكب هذه الجرائم المستحدثة. و يجب ايضا تطوير النصّوص القانونية لمجاراة ما يحدث في الواقع الافتراضي مؤكدة أنّ هذه القوانين من شأنها أن تحدّ بشكل كبير من تفشي الظاهرة على غرار ما حدث في العديد من دول العالم.