قال الكوميدي جعفر القاسمي في حوار مع «الشروق» أن مهرجان قرطاج لا يعنيه وليس غاية يرجوها مثلما إعتبر أن غيابه عن المهرجانات الكبرى قد يكون صدفة مثلما قد يكون عن سوء نية حسب تعبيره، كما عبر عن رأيه في نوعية «المسرح الفردي»مستدلا بلطفي العبدلي ووجيهة الجندوبي. الشروق مكتب الساحل : «جعفرية» هي المسرحية الجديدة التي يعود بها جعفر إلى الركح في جولة في عدة مهرجانات التقته»الشروق» في عرض بمهرجان «القنطاوي» فتحدث عن هذا العمل الجديد وأيضاعن مختلف تجاربه التلفزية والإعلامية مؤكّدا عمق ثقافته ومدى تعلقه بالفن الرابع . يبدو أن ظروف تحضير مسرحية «جعفرية» كانت إستثنائية بعد ان عَرَضت جزءا منها في مسرحية «ثلاثة في واحد» السنة الفارطة ؟ نعم صحيح ،أردت تشجيع مجموعة من الشبان الفائزين في مسابقة «نسكافي كوميدي شو» وكانت مدة العرض لمسرحية «ثلاثة في واحد» ساعة ونصفا ومنذ تلك الفترة وأنا أفكر في تحيين ذلك العرض وكان إختيار العنوان في آخر مرحلة بعد تشكيل كامل النص والذي كان عبارة على رقعة من الصور المكونة لمشهد واحد فالنص ذوأبعاد أولها سطحي تصور عائلة مشتتة مغرمة بالنوم الأب بين حياة وموت وهم يريدون أن يرثوه حائرين بين حدث زواج وبين حدث موت مرتقب ومختلفون في شكل الإحتفال بالعرس والمقصود به هو العرس الديمقراطي ، نص فيه إشتغال كبير على المجاز ،وتفاعل الناس الإيجابي مع العرض لم يكن مجانيا بل نتاج هذا الجهد، وفنّد الجمهور مقولة أن الناس لا تفهم هذه النوعية المسرحية بالعكس انبهرتُ بتفاعلاتهم وتفطنهم لكل تلميحات النص وتصريحاته بمختلف معانيه ورموزه ، فالأهم ليس ماذا أقول؟ ولكن كيف أقول ؟ ألا ترى أن ظهورك التلفزي المكثف قد يؤثر سلبا على ظهورك المسرحي ؟ صحيح ، ولذلك قلصت من هذا الظهوروأصبحت أختار فقول لاَ يتطلب جهدا كبيرا وعملا مكثفا فقلت كثيرا نعم وقبلت أشياء غير مقتنع بها ولكني كنت مطالبا بالعمل من أجل القوت والأبناء، والحمد لله اليوم لست مطالبا بعمل أي شيء ، وعلى مستوى البرامج التلفزية كنت سعيدا بتجربتي في قناة «قرطاج +»لأن ذلك البرنامج ينتمي لي ويشبهني لأني كنت أريد إنجاز برنامج عائلي من أجل ابنائي أريد تربية أبنائي بالطرق التي أراها صالحة وفق القيم والمبادىء التي نشأنا عليها ومهما كان تبقى العائلة التونسية عائلة محافظة بامتياز ، مثلما سعدت بمشاركتي في سيتكوم «الهربة «على قناة «التاسعة» و أيضا مشاركتي في إذاعة «جوهرة آف آم» في برنامج «ديقا ديقا» تحصل على أعلى نسبة إستماع فالموسم كان ناجحا في تقديري بما فيه مسرحيتي «جعفرية»، وبالنسبة لحضوري التلفزي كضيف كنت أحيانا مضطرا لذلك إما لتسويق مسابقة «نسكافي شو» أولإبرازالشبان الموهوبين ، أنا شخصيا لا أرغب في الحضور المجاني في شكل ضيف لأن الظهور سلاح ذو حدين ، كذلك دعوتي للبرامج التلفزية لم تكن من أجل عيوني بل لأن جعفر القاسمي يستقطب نسب مشاهدة عالية فهناك العديد من دعاني من أجل تحريك برنامجه وإنجاحه أذكر ذلك ليس من باب الغرور ولكنه واقع وجب قوله ، وأوافقك في أن الحضور التلفزي المكثف له تأثير سلبي . تعتبر ممثلا إستثنائيا في جمعك بين مختلف هذه الأنشطة من تمثيل وإخراج وتأليف وتنشيط إذاعي وتلفزي وغيرها أي نشاط يستميلك أكثر ؟ من يحرك كل هذه الدمى هو جعفر القاسمي المخرج وبالمناسبة أوجه له تحية وأقول له لقد إشتقت إليك كثيرا ، فجعفر القاسمي المخرج هوالشخصية الأكثر خطورة والأكثر وعيا هو الذي يحرك كل هذه الدواليب، الأقرب لي هو جعفر المخرج والأحب إلى قلبي هو جعفر الممثل المسرحي لأن جعفر المسرحي تعب كثيرا وفي بعض الحالات وصل حد بيع نفسه من أجل لحظات فنية راقية مع جعفر المخرج ,وللعلم كل المسرحيات التي أخرجتها أنا الذي أنتجتها من مالي الخاص فهناك مسرحيات أنفقت عليها أكثر من مائة ألف دينار ، فجعفر الممثل هو الذي ينفق على جعفر المخرج ليتمكن من تحقيق لحظات إبداعية وهذا لا ينفي ذاك ف»الوان مان شو» هو عمل راق ونبيل لمن يعرف قيمته ويتقن ممارسته بمعنى أنه لا يتضمن ضربا من الإبتذال أو التهميش والإسفاف أو ربط مجموعة من النكت، فأنا اشتغل على خطاب وحكاية مبنية وفق أبعاد عميقة وإشتغال كبير على مستوى الكلمة والإخراج وخاصة على مستوى الإيقاع إيمانا مني بأن المسرح إيقاع ولابد للممثل أن يشد المتفرج ،»جعفرية « تخترق المتفرج بكل الطرق والوسائل لأني أخاطب كل أحاسيسه . بعد أن كان لمين النهدي لمدة سنوات متربعا على «مملكة الوان مان شو» جاء بك منير العرقي من بعيد وسحبت البساط من تحت قدمي «الأمبراطور» بعمل عنوانه»واحد منا» أدخلت فيه تعابير جديدة ومنذ تلك الفترة تعددت الاعمال في هذه النوعية، كيف تقيمها ؟ وهل انحرفت بالأصل أم ساهمت في تطويره؟ أولا لنتفق أن ليس كل الممثلين قادرين على تقديم «الوان مان شو» فهو من أصعب الفنون، الكثير لا يعتبرونه مسرحا وفعلا هو ليس بالمسرح والدليل أن هناك من حاول في هذه النوعية ولكن لم يواصلوا فلم ينجحوا في ذلك . مثل مَن؟ الكثير من الممثلين والممثلات حاولوا ذلك ولكن لم ينجحوا لا أستطيع ذكر أسماء ،فمن يريد القيام ب»وان مان شو» يجب أن يكون له مشروع وطول نفس فأن تشدّ المتفرجين قرابة الساعتين ليسبالأمر السهل والمسرح أذواق لا أستطيع تقييم الأخلاقوي للمسائل ولكن يمكن أن أقرّ أن ما يقوم بهلطفي العبدلي لا أستطيع القيام به ولا أرغب أصلا في تقديمه وما أقوم به أنا مستحيل أن يقدر على فعله العبدلي وما تقوم به وجيهة الجندوبي لا يشبهني ،ويمكن أن يكون في هذا الاختلاف ثراء والدليل أن لطفي ووجيهة ولمين النهدي يعرضون أمام شبابيك مغلقة والسماء تتسع لكل النجوم . هل أثّر «الوان مان شو» سلبا على المسرح ؟ هذه النوعية المسرحية الإستعراضية لها جمهورها وهو ليس بالمسرح التجريبي أو النخبوي ولكل نوعية جمهورها ، فمثلا عندما أنتجت مسرحية «ريتشارد الثالث» رفضت رفضا باتا أن أعرضها في المهرجانات الصيفية لأني أدرك أن جمهور المهرجانات الصيفية هو جمهور إستهلاكي يريد الضحك والرقص ويريد ان ينسى مشاكله وهمومه لا يريد أن يستمع إلى «فلسفة زائدة» يريد إستهلاك شيئا سريعا يمتعه لا غير عكس الفئة الجماهيرية الأخرى التي تبحث عن مسرح نخبوي ويفهم في خفايا السطور ويتمعّن ، فأعتقد أن «الوان مان شو» افتك مكانه في المشهد ولم يفك مكان المسرح ،والعمل الراقي لا يشترط بالضرورة غياب الإضحاك فالكوميديا من أصعب الفنون، والرقي اليوم هو أن تُدخل الإبتسامة على المتفرج المحبط اليائس فكلنا في حالة إنهيار عصبي . مسرحيتك غير متواجدة في برمجة مهرجان قرطاج هذه السنة هل بحثت عن السبب؟ لم أتقدم بملف إلى الهيئة المديرة لمهرجان قرطاج . هل كل العروض يتقدم أصحابها بملفات ؟ مهرجان قرطاج لا يعنيني وهو آخر إهتماماتي لا أرغب في العرض في قرطاج ، لأن من أسهل وأبسط الأشياء أن تملأ مسرح قرطاج فأنا لي إهتمامات أخرى، أنا حامل لمشروع ،فمهرجان قرطاج ليس غاية في حياتي فاليوم الذي سأشتهي فيه الصعود على مسرح قرطاج سأتمكن من ذلك وأملأه في ربع ساعة بل في دقيقتين. غيابك عن المهرجانات الكبرى هل تعتبره إختيارا بريئا ؟ لست مع منطق المؤامرة ومشتقاتها أعتبرها مسألة إختيارات وقد تكون صدفة مثلما قد تكون عن سوء نية ولكن الأمكنة التي عرضت وسأعرض فيها تغنيني عن أي أمكنة أخرى فمثلا قد عرضت في منطقة «النوَيْل» في منطقة دوز وسط سوق حضر العرض بين عشرة آلاف و أربعة عشر ألف متفرجا وسط حرارة مرتفعة تابعوني وقوفا وبالمناسبة أدعو السلط المعنية أن يبنوا مسرحا في هذه المنطقة،وأحيّي في أهالي هذه المنطقة متابعتهم واحترامهم للعرض وسلوكهم المتميز ،سأدخل بمسرحيتيإلى تونس الأعماق فمثل هذه العروض هي التي تمسني وتؤثر في نفسي وهذا لا يعني أني لا أريد العرض في مختلف الولايات والمعتمديات التونسية . هل ستعود لتقديم البرامج التلفزية الإجتماعية ؟ نعم أفكّر في ذلك بكل جدية اشعر أني قادر على مد يد المساعدة للمواطنين والناس يعيشون وضعيات صعبة أستطيع المساعدة دون مقابل . كيف تقبلت بعض التعاليق التي أساءت إليك نتاج ما قمت به من مساعدات وشكّكت حتى في مصداقيتك ؟ أضرّتني في جوانب إلى درجة أني مرضت لأن الظلم حرام وهناك من قال أني أقوم بذلك لدخول المجال السياسي وهناك من إتهمني أني أخدم أجندات أطراف واكتشفت بأني صادق عندما تعرضت إلى الشتم والسب من طرف صفحات كل الأحزاب حينها إكتشفت أني لست مع أي طرف ولن أكون فمنذ الثورة قررت أن أكون مع للفن ومع المواطن والوطن أنا ملك كل التونسيين .