مرّ علي بوهبرة، وهو شخصية عُرِفت بطرافتها في جهة قفصة وبنكته المميزة، من شوارع المدينة وتبيّن ان خطبا ما سيحصل إذ كان عمّال النظافة بصدد تزيين فجئي للمدينة وزرع للورود وتنظيف للشوارع فسأل: لماذا يحدث كل هذا؟ هل تستعدّون لعرض قفصة للبيع؟ فجاءه الرد: الرئيس بن علي سيؤدّي زيارة الى قفصة. حينها لم يتردد علي بوهبرة في الردّ السريع الساخر: والحَمِيلة آشْ تَتَعْملُولَهَا؟ تَتغَطُّوهَا ببَاشْ؟ والحميلة هي منطقة تتبع مدينة القصر وتُعرف بنقائص عديدة منها انعزالها على بقية المناطق لعدم توفّر مسلك يسهّل التنقل اليها وكذلك غياب جميع المرافق الأساسية للمواطن. هذه النكتة طغت على زيارة بن علي وتمّ تداولها كمخدّر خطر باعتبارها تلخّص الوضع الاجتماعي المحتقن الذي كان يعيشه الناس دون ان تتوفّر لحظة التعبير عن ذلك. هكذا كان الوضع في تونس الناس لم يسكتوا يوما عن التعبير ولكن بطريقة نقدية ساخرة وسلميّة كي لا يتعرّض الافراد لبطش الدكتاتورية. زال الخوف اليوم وفُتِحتْ للتونسي كل المنصّات للتعبير عن النقائص في حياته اليومية وعن مشاغله تجاه الشأن العام. ورأي المواطن اليوم أو نقده اللاّذع للطبقة السياسية هي البوصلة المتبقية لتصحيح المسار من أجل تحقيق انتقال ديمقراطي سليم سياسيا واجتماعيا وثقافيا ومن أجل التأسيس للجمهورية الثانية...جمهورية الحريات والقانون والمؤسسات.