هو أمير الشعراء دون منازع... كتب في كل الأغراض... غنى له محمد عبد الوهاب الكثير من روائعه الشعرية... بل اصطفاه ليكون الصوت الوحيد لأشعاره وبالتالي لم يجرؤ أي من منافسيه في حقل الطرب على الاقتراب من الشاعر الكبير... هو أحمد شوقي الذي جمعته إحدى السهرات الطربية بأم كلثوم سهرة كانت شاهدة على ميلاد قصيد «سلوا كؤوس الطلا هل لامست فاها». يقول محمد صبري في كتابه «الشوقيات المجهولة» الجزء الثاني في مقدمته لقصيد «سلوا كؤوس الطلا» (ص302) «كان شوقي يقدر أم كلثوم لأنها أديبة تفهم ما تغنّي، وهي تحفظ القرآن ولا تشرب الخمر، وفي غزل شوقي تلميح لذلك. ويقول عبد المنعم شميس في كتابه «شخصيات في حياة شوقي»... «وعشق أم كلثوم وكتب لها قصيدة التحدي التي غنتها بعد وفاته لسنوات «سلوا كؤوس الطلا». لم تقترب أم كلثوم من أمير الشعراء ربّما لأنه كان يحتضن منافسها محمد عبد الوهاب في ذلك الزمن البعيد لكن شوقي المولع بالموسيقى والغناء قام بتوجيه دعوة إلى أم كلثوم فلبت الدعوة سعيدة ومبتهجة وغنت أمامه بكل مشاعرها ووجدانها الصادق. وأحس أمير الشعراء بالنشوة تغمر روحه فقام من مجلسه ليحيي أم كلثوم بعد أن غنت حيث قدم لها كأسا من الطلا الخمر وقد تصرّفت أم كلثوم بديبلوماسية ولباقة حيث رفعت الكأس لكي تمس شفتيها دون أن ترشف ولو قطرة واحدة، لأنها لا تشرب الخمر وقد أعجب شوقي بتصرفها الديبلوماسي وبلباقتها فضلا عن إعجابه بغنائها بطبيعة الحال، وعندما خلا بنفسه وانفض الساهرون، كتب قصيدة رقيقة حرص صباح اليوم الموالي على تسليمها بنفسه في ظرف مغلق حيث مقر سكنى أم كلثوم... هدية أسعدت أم كلثوم... واحتفظت بها لنفسها وفي سنة 1936، وبعد 4 سنوات على رحيل ناظمها قررت أم كلثوم نفض الغبار عن هذا القصيد بأن قدمته للملحن الكبير رياض السمباطي الذي صاغ له لحنا خالدا في مدونة الطرب العربي. سلوا كؤوس الطلا نص: أحمد شوقي ألحان: رياض السمباطي غناء: أم كلثوم سلوا كؤوس الطلا هل لامست فاها واستخبروا الراح هل مست ثناياها باتت على الروض تسقيني بصافية لا للسلاف ولا للورد رياها ما ضرّ لو جعلت كأسي مراشفها ولو سقتني بصافية من حمياها هيفاء كالبان يلتف النسيم بها ويلفت الطير تحت الوشي عطفاها حديثها السحر إلا أنه نغم جرت على فم داود فغناها حمامة الأيك من بالشجو طارحها ومن وراء الدجى بالشوق ناجاها ألقت إلى الليل جيدا نافرا ورمت إليه أذنا وجارت فيه عيناها وعادها الشوق للأحباب فانبعثت تبكي وتهتف أحيانا بشكواها يا جارة الأيك أيام الهوى ذهبت كالحلم آها لأيام الهوى آها محسن بن أحمد