يبقى الزعيم الحبيب بورقيبة رائد المبادرات السياسية المتفردة التي تنطلق من قراءة موضوعية للوقائع والأحداث والتعاطي معها بحكمة وترو وهدوء. ولا ننسى خطابه التاريخي في أريحا سنة 1965 عندما دعا الدول العربية إلى قبول مبدا التقسيم التي أقرته منظمة الأممالمتحدة بخصوص الصراع الصهيوني الفلسطيني ورفع شعار «خذ وطالب» فكان عرضة للعديد من الاتهامات بالخيانة وأكدت الأحداث بعد ذلك وجاهة الموقف التونسي ليبقى خطاب أريحا مرجعا تاريخيا هاما وقراءة هادئة ورصينة لأحداث الشرق الأوسط. لم يهدأ بال الزعيم الخالد الحبيب بورقيبة بخصوص قضية الشرق الأوسط وخاصة بعد نكبة جوان 1967 حيث تقدم يوم 3 جويلية 1973 بمبادرة جديدة حول قضية الشرق الأوسط نشرتها جريدة النهار اللبنانية جاء فيها «إن جوهر القضية هو أن ثمة شعبين يتنازعان أرضا واحدة وأنا أقول لماذا لا نتصور إمكان تقسيم فلسطين بين الفلسطينيين والاسرائيليين بالطبع سيضحي كل شعب بشيء ما الاسرائيليون من جهتهم يتخلون عن الأراضي التي احتلوها بقوة السلاح ويحتفظون بما منحتهم إياه الأممالمتحدة عام 1947». ويضيف الزعيم الخالد بورقيبة في مبادرته التاريخية الجديدة «لم يكن ما اقترحته لقاء مع الاسرائيليين بقدر ما هو حل للنزاع القائم بينهم وبين العرب إذ أنني أتبين أن الوضع يسير من سيء إلى أسوإ»».. وجاء في المبادرة النقاط التالية: قبول اسرائيل بمبدإ تقسيم فلسطين وهو قرار التقسيم الصادر عن الأممالمتحدة سنة 1947. تعيين الحدود بين العرب واسرائيل عن طريق المفاوضات إقامة دولة فلسطينية وقال الزعيم الحبيب بورقيبة: إن العرب متمسكون بمبدإ معين بينما معطيات الواقع أصبحت تناقض ذلك المبدإ بالاضافة إلى أننا لا نملك القوة الكافية لاستخلاص حقنا المهضوم» وللتاريخ نقول إن هذه المبادرة الهامة أثارت حفيظة واحتجاج العديد من الدول العربية احتجاجات وصلت الى حد قطع العلاقات الديبلوماسية مع تونس وتوالت الأحداث ليشهد العالم في أكتوبر 1973 حربا امتدت على طول 17 يوما غيرت وجه التاريخ بأن خلقت وضعا جديدا في الشرق الأوسط دفع بالعالم إلى التحرك لإيجاد مخرج لهذه القضية التي مازالت تراوح مكانها إلى الآن..