مرت سنوات على رحيل الفنان الكبير كمال الشناوي ! لقد حصد الشناوي العديد من الألقاب خلال فترة عمله في السينما المصرية لفترة وصلت إلى نصف قرن منها (دنجوان السينما.. برنس الرومانسية.. فتى الشاشة)، واستطاع أن يتميز في تقديم أدوار عديدة، منها الرومانسي والشرير. توفي الفنان الراحل في 22 اوت عام 2011 عن عمر ناهز ال92 عاما، حيث ولد في مدينة ملكال بالسودان عام 1918. كمال الشناوي الذي غادرنا في مثل هذه الشهر قبل نحو 8 سنوات ترك لنا رصيدا رائعا يربو على أكثر من 200 فيلم سينمائي، ناهيك عن بصمته التلفزيونية الرائعة والخاصة جدا، حيث كان هو واحدا من الجيل الثاني بين النجوم سبقه بسنوات قليلة أنور وجدي وعماد حمدي وحسين صدقي ويحيي شاهين؛ لكنه سبق في النجومية كلا من فريد شوقي ورشدي أباظة وشكري سرحان. كان كمال الشناوي لديه دائما قدرة على الانضباط العاطفي وعلى القراءة الصحيحة للحياة الفنية، فهو لا يبالغ في قيمة ما يقدمه للناس، وأيضا لا يبخس حق نفسه؛ ولهذا ظل على الأفيش اسما له بريقه، وصورة لها جاذبيتها عند الجمهور. مع مرور السنوات، كان يحافظ على لياقته، ومن طقوسه التي باح بها الانضباط؛ فهو لا يسهر سوى يوم واحد في الأسبوع، وينام بين الحين والآخر على لوح خشبي تجنبا للانزلاق الغضروفي، ويصحو يوميا لممارسة رياضة المشي في حي الدقي بمدينة الجيزة حيث يقطن. وعندما وصل إلى مشارف التسعين، شعر بدنو أجله واقتراب النهاية. وعلى الرغم من ثراء حياة دنجوان السينما المصرية، وتعدد زيجاته، والتي وصلت إلى خمس مرات، إلا أن أشهر قصص حبه كانت من نصيب الفنانة الراحلة ناهد الشريف، التي وقعت في حبه في أول أعمالهما معا، وازداد الحب مع ازدياد الأعمال المشتركة بينهما، ولم تفلح في إخفاء قصة حبها لولعها الشديد فباحت بسرها إلا أنه أكد لها أنه متزوج وحريص على منزله وأسرته، لكن بدأ حبها في التسلل إلى قلبه. ناهد العاشقة بأنوثتها ورقتها تربعت على عرش أدوار الإغراء، دلالها وسحرها الخاص جعل المنتجين يتهافتون لضمها لأفلامهم، ناهد الشريف، تلك الفنانة التي استطاعت أن تخطف قلوب الرجال إلا أن واحدا فقط امتلك قلبها وأبى أن يخرج منه. لقد كان فيلم واحد كافيا لتقع ناهد شريف في شباك حب دنجوان الشاشة كمال الشناوي، ومع أول عمل جمعهما معا، تعلقت ناهد الشريف به، إلا أنها أخفت حبها بداخلها، الأمر الذي لم يدم طويلا، فمع كل عمل يجمعهما يزداد حبها له ويكبر بداخلها، فأصبح من الشاق إخفاء الحب طويلا بداخلها. ولقد خرجت ملكة الإغراء ناهد شريف عن صمتها وقررت التلميح عن حبها لكمال الشناوي، فرتبت لقاء لهما، وأثناء جلسة سمر بينهما، سألته عن السبب الذي يجعل الرجل يتجاهل امرأة تحبه، وأن الرجل دائما هو الذي يجب أن يطلب الزواج. لم يكن الشناوي أقل ذكاءً منها ليفهم مغزاها من هذا السؤال، ولكنه تهرب من الإجابة عليها، وبعد إصرار ناهد على إبراز حبها للشناوي أكد لها أنه رجل متزوج وحريص على عائلته، ولكن تعلق قلبه بها ولم يستطع كبح مشاعره عن حبها، وذات يوم بادرها بطلب يدها للزواج ولكن في السر بدون علم أحد. وافقت ناهد شريف على أن تكون الزوجة الثانية، حبها كان أكبر من التفكير في تلك الأمور، فأخيرا كلل الزواج قصة حبهما التي ظلت في الخفاء لسنوات طويلة. المرض الخبيث خمس سنوات كانت كافية لناهد الشريف لتخلع نظارة الحب التي أعمتها، وبعد سنوات من الخفاء عن الأعين لم ترض ناهد ببقائها على هذه الحال طويلا، لتنتهي قصة حب ناهد شريف وكمال الشناوي بالطلاق، وعلم الجمهور بقصة الحب وانفصالهما. ولكن يبدو أن حب الشناوي كان أصعب من أن ينسى بسهولة، فأصبحت حياة ناهد شريف متعثرة بدونه، فتركت البلاد وسافرت إلى لبنان، وتلقت أدوارا عشوائية حتى تنسى حبها، إلا أنها لم تتمكن من إخراجه من بالها، فاتجهت للشرب والسكر، فأصابها المرض الخبيث. ولقد كان وقع الخبر على حبيبها كمال الشناوي بمثابة الصفعة على وجهه، فظن أنه السبب في ذلك المرض، بعدما أخبره صديقه أن حالة ناهد تسوء يوما بعد يوم، فطلب لقاءها وأخبرته عن إصابتها بالسرطان، وأفصحت له عن إفلاسها، وطلب منها كل الأوراق والأشعة على أن يتم سفرها للعلاج في الخارج في 48 ساعة، وتم أخذ موافقة الوزير وقتها وكان باقي موافقة رئيس الوزراء، وبالفعل تم سفرها خلال 48 ساعة إلى استوكهولهم لإجراء الجراحة اللازمة، لتعود بعدها إلى القاهرة معافاة من المرض، وعادت إلى العمل مرة أخرى ولكن المرض لم يتركها وشأنها طويلا فعاد يكشر عن أنيابه لها، واشتد السرطان بها. وذهب إليها كمال الشناوي باكيا تحت قدميها، بعدما علم طلبها بمقابلته، فوجدها إنسانة كما لم يعهدها من قبل، جسم وهن أتعبه المرض وقضى عليه، وهنا شعر الشناوي أنه السبب في ألم حبيبته بعد انفصالهما، وظل شعور الذنب يرافقه طوال حياته على حبيبته وصديقته التي لم تعد كما كانت. ! لقد انتكست مجددا بسبب انشغالها في العمل، وهذه المرة لم تستطع مقاومة المرض، وطلبت كمال الشناوى مرة أخرى، وعاد واستصدر لها قرارا بالسفر، لكن المرض كان أسرع، فلم تستطع العمليات الجراحية أن توقف شراسته، والتهمها أخيرا، وظل كمال الشناوى حزينا جدا لفراقها وأكد في كثير من لقاءاته أنه فخور بأنها فى وقت ما كانت من أغلى وأقرب صديقاته...وكان عليه أن يقول "كانت من أغلى حبيباته" ! لقد تعددت زيجاته بعدها وآخرها مع سمر ...لكن كمال الشناوي فقد ظله بعد وفاة ناهد الشريف ...حتى لحق بها في نهاية رحلته في الحياة !