بعد أسبوع ساخن عاشته البلاد على وقع تقديم الترشحات للانتخابات الرئاسية السابقة لأوانها، تنتهي مساء اليوم المهلة المحددة لإيداع المطالب وسط توقعات بأن يتواصل ارتفاع عدد الترشحات المودعة وتتواصل معه المخاوف من أن يتسبب ذلك في المس من «هيبة» الرئاسية وفي تشتت أذهان الناخبين. وقد يصل الأمر الى حد عزوف المواطن عن التصويت. سنة 2014 بلغ عدد الترشحات الأولية ما لا يقل عن 70 ترشحا. وقد أثارت آنذاك أيضا موجة من المخاوف على غرار ما يحصل اليوم. لكن في الأخير لم يشارك بصفة فعلية إلا 27 مترشحا أو أقل بعد أن انسحب البعض الآخر من السباق. وقد ثبت الى حد الآن أن بعض الترشحات لرئاسية 2019 كان مجرد «لهو» من البعض خصوصا أولئك الذين قدموا مطالب منقوصة لا تتوفر فيها الشروط المطلوبة. ويبدو أن سيناريو 2014 سيتكرر هذه المرة. حيث أن غربال هيئة الانتخابات لن يترك في الأخير إلا الترشحات الجدية التي تتوفر فيها الشروط المطلوبة. وكل ذلك يدعو إلى الاطمئنان حول هذا الاستحقاق الانتخابي الهام خصوصا أن البعض ذهب الى حد التشكيك فيه والى حد المس من هيبة منصب رئيس الجمهورية الى جانب حملات التشويه التي طالت المترشحين وشقا من الطبقة السياسية. وقد كان بالإمكان تجنّب كل ذلك باعتبار أن البقاء لن يكون في النهاية إلا للأصلح.. ولا يجب أن تتواصل المخاوف حتى لو افترضنا توفر كل شروط الترشح في كل الملفات أو في أغلبها لأن الناخب التونسي أصبحت لديه اليوم الخبرة والدراية اللازمتين بالشأن العام وبالشأن السياسي ويعرف كل كبيرة وصغيرة عن كل المترشحين بلا استثناء ولن يصوت في الأخير إلا لمن يرى فيه القدرة على القيام بدور رئيس الجمهورية على الوجه الاكمل. إذ لا يمكن أن نتصور اليوم في تونس، بعد حوالي 9 سنوات من التجربة الديمقراطية ومن التجاذبات السياسية ومن المناخ السياسي الساخن الذي تعيش على وقعه البلاد كل يوم أن يصوت التونسي ( على الأقل من سيتوجه الى مراكز الاقتراع يوم التصويت) لفائدة أحد المترشحين غير الجديين ممن تقدموا بمطالب فقط من أجل البحث عن الشهرة والإثارة. لقد أثبتت التجربة في عديد دول العالم وفي تونس خلال انتخابات 2014 أن الناخب يكون يوم التصويت رصينا ولا ينساق وراء المترشح الذي لا يظهر عليه حد أدنى من الجدية ومن المواصفات المطلوبة لمنصب رئيس الجمهورية. إذن لا داعي الى الخوف من موجة الترشحات غير الجدية للانتخابات الرئاسية..