مثّل اضطراب التزود بالماء الصالح للشراب معضلة أرّقت المواطنين ، رغم وعود السلطات بإيجاد حلّ جذري لهذه المعضلة، ويمثل مشروعا سدّ بلعوم بالقلعة الكبرى ومحطة تحلية المياه بسوسة من بين الحلول التي تطرحها الدولة، غير أنّ الكلفة تبقى مرتفعة ونسق الاشغال بطيئا. الشروق مكتب الساحل: وتواجه ولاية سوسة بنسيجها الاجتماعي والاقتصادي المتنوع تحديا إضافيا، خصوصا في فصل الصيف، فالولاية تمثل قطبا سياحيا كبيرا ويمثل فصل الصيف ذروة الموسم السياسي وتزايد الإقبال على استهلاك المياه، فضلا عن المناطق الصناعية الكثيرة التي تستهلك كميات متزايدة من المياه إضافة إلى حاجة المناطق السقوية الدائمة للمياه لتعهد الزراعات الفصلية في مناطق مثل شط مريم وسيدي بوعلي والنفيضة وبوفيشة والقلعة الكبرى وغيرها، ما يضاعف من نسبة الإقبال على استهلاك المياه بمختلف تصنيفاتها. وتعمل ولاية سوسة على تنفيذ الاستراتيجية الوطنية لتعبئة الموارد المائية و تجاوز معضلة ندرة المياه الصالحة للاستعمال المنزلي والصناعي والسياحي والفلاحي وتعقد بصفة دورية جلسات عمل في الغرض لمتابعة تقدم أشغال بناء سد البلعوم بمعتمدية القلعة الكبرى، وهو منشأة مائية من المنتظر ان تساهم في إيجاد حلول ولو جزئية لمعضلة الماء الصالح للشراب ومياه الري، وفق تقديرات المشروع. وبلغت نسبة تقدم الأشغال في هذا السدّ 30 بالمائة وذلك بعد فض أغلب الإشكاليات التي حالت دون انطلاقها في الموعد المحدد سابقا ومن المنتظر انتهاء الأشغال في غضون شهر ماي من سنة 2021 وسيتم ربط سد بلعوم الذي يمتد على 290 هكتارا بكلفة تقديرية تناهز 167 مليون دينار وبسعة 28 مليون متر مكعب من المياه بسد السعيدة، الذي يتم إنجازه بولاية منوبة، عبر منشآت نقل المياه وسيمكن من تغطية العجز المتوقع في تلبية احتياجات تونس الكبرى والساحل والوطن القبلي وصفاقس من مياه الشرب إلى حدود سنة 2050 وذلك من خلال تخزين جزء من مياه أقصى الشمال في سدي السعيدة والقلعة الكبرى ونقلها إلى محطات المعالجة فضلا عن توفير كميات إضافية من المياه لأغراض الري في الوطن القبلي وتأمين مخزون احتياطي من مياه الشرب. وبالإضافة إلى مشروع السد الذي يشهد تقدّما بنسق بطيء أثار حفيظة الأهالي والفلاحين الذين انتُزعت أراضيهم لتنفيذ المشروع تم برمجة مشروع إنشاء محطة تحلية المياه بمنطقة سيدي عبد الحميد جنوبي مدينة سوسة، وذلك في إطار البحث عن موارد مائية بديلة ضمن البرنامج العاجل لتعزيز الموارد المائية خلال الفترة 2017 /2019 بهدف دعم منظومة تزويد مناطق الوطن القبلي والساحل وصفاقس والقيروان بالماء الصالح للشراب. وتُقدر كلفة إنجاز المحطة 115 مليون دينار وبسعة 50 ألف متر مكعب في اليوم قابلة للتوسعة إلى 100 ألف متر مكعب يوميا، وقد انطلقت الأشغال بها في ماي 2019 بعد الموافقة على الأمثلة التنفيذية الخاصة بإنشاء حوض ومحطة ضخ مياه البحر وبلغت حاليا نسبة تقدمها 15% ومن المتوقع دخولها حيز الاستغلال في النصف الأول من سنة 2020. حلول متأخرة وكلفة مرتفعة وفي قراءته لمعضلة نقص المياه والحلول الممكنة اعتبر المهندس والخبير في مجال المياه محمد الصالح قلايد أنّ المنشآت الحالية باتت غير قادرة على تلبية الحاجيات للجميع خاصة زمن فترة ذروة الاستهلاك ويُضاف إلى ذلك شبكة مهترئة فيها نسبة ضياع كبيرة، مما زاد الوضع سوءا. وأكد قلايد أنّ هناك عدة مشاريع كان من المفترض أن تنجز منذ أكثر من عشر سنين لكنها لم تنطلق إلا السنة الماضية أو هذه السنة ويستغرق إنجازها اكثر من سبع سنوات، وبالتالي ستتعمق الإشكاليات في المستقبل، حسب تأكيده، موضحا أن من هذه المشاريع سد أو خزان القلعة وسد أو خزان السعيدة. كما أشار قلايد إلى أنّ هذه السنة شهدت إقبالا للمصطافين بارقام قياسية الى جهة الساحل وهي التي تعاني من التزود نظرا لأن العرض هو نفسه مقابل تزايد الطلب الذي ترتب عنه تزايد المشاكل، موضحا أن الملاحظ أنّ قطع الماء يكون ليلا لتعبئة الخزانات وانطلاق التزويد صباحا بضغط يمكن المناطق العالية من التزود بالماء. وبخصوص محطات التحلية أكد الخبير في مجال المياه أنّها لم تشتغل بعد وهي عبارة عن احتياطي لأن كلفة المتر المكعب من التحلية تفوق3 دنانير زد على ذلك العجز الطاقي الذي نعيشه، مؤكدا أنّ المشاكل التي نواجهها كثيرة والحلول ليست حينية إضافة إلى التغيرات المناخية وانعكاساتها مع احتمال أن تتوالى سنوات الجفاف مما قد يزيد الوضع تعكّرا.