وضعية الموارد المائية لم تشهد تحسنا يذكر هذه السنة حسب ما افاد كاتب الدولة لدى وزير الفلاحة المكلف بالموارد المائية والصيد البحري عبد الله الرابحي في لقائه ب«الصباح» فتونس تعيش فترة جفاف وندرة في الموارد المائية.. وباستثناء مدن اقصى الشمال بنزرتوجندوبة وولايات الجنوب الشرقي التي شهدت تساقطات خلال شهر نوفمبر لم تسجل بقية المدن التونسية كميات تذكر من الامطار فمثلا الكاف عرفت تساقطات في حدود ال49 % من المعدل. واليوم تجد الوزارة نفسها امام حالة من الجفاف تتواصل للسنة الثالثة على التوالي السنة تصنف على المستوى العالمي بالجافة فنسبة التساقطات المسجلة لم تتجاوز ال60 % من المعدل ومعدل مخزون في السدود في حدود ال980.251 مليون متر مكعب اي ما يقارب ال37 % من طاقة استيعابها التي تبلغ 2 مليار و700 متر مكعب، وبفارق سلبي مقارنة بنفس الفترة من السنة الماضية في حدود ال132.470. وبلغ خلالها منسوب الماء في ابرز سد في الجمهورية سد سيدي سالم ال162.680 مليون متر مكعب اي ما يمثل 30 % طاقة استيعابه. وضعية وصفها كاتب الدولة للموارد المائية ب«الكارثية»، ولا بد من بتجاوز حالة الاضطرابات على مستوى توزيع الماء الصالح للشراب الذي عاشته البلاد خلال صائفة 2016 و2017 وشمل اغلب ولايات الجمهورية ووضع حد لحالة العطش في اكثر من منطقة. ولتفادي ذلك بين الرابحي ان الدولة قد خصصت 200 مليون دينار لصائفة 2018 ومشكل التزود بمياه الشرب. واتجهت الوزارة في نفس الوقتنحو اعادة بناء منظومة الموارد المائية وتعديل اليات التصرف فيها.. وذلك عبر اعداد مخطط عمل خصوصي لكل ولاية للتزود بمياه الشرب وانقسمت حسب كاتب الدولة الى اكثر من جزء يمكن حصرها في منظومة الشمال ومنظومة الوسط والمجامع المائية. منظومة الشمال.. تعتمد هذه المنظومة كما افاد الرابحي على المياه السطحية الموجودة في سدود الشمال( يوجد في تونس 39سدا اغلبها متمركز في الشمال) وتشمل المنظومة ولايات بنزرتجندوبةالكافباجةوتونس الكبرى الوطن القبلي والساحل وصفاقس. وهي منظومة يصل المنتفعون منها خلال الصائفة والاصطياف الى 8 مليون نسمة. الصائفة الماضية تم انقاذ الوضع وندرة الماء ومشكل الانقطاعات عبر تحويل إيرادات من سد سجنان وسد سيدي البراق الى غاية ولاية صفاقس حيث تم يوميا عبر قنال مجرد والوطن القبلي ضخ 750 الف متر مكعب بكلفة باهظة للغاية بلغت ال30 مليون دينار السنة الماضية. ولم يتغيرهذه السنة الوضع كثيرا فسد نبهانة الذي يمثل نقطة الالتقاء بين سليانةوزغوانوالقيروان السنة الماضية كان لنا فيه 9 مليون متر مكعب وكان يوفر التوازن اليوم هو للأسف فارغ. الوضع غير مريح كما يوضح كاتب الدولة للموارد المائية والوزارة بصدد التحرك فوق حبل تحاول ان تحقق خلاله توازنها وتتقدم متفادية اشكاليات الانقطاعات او التذبذب في التزود بمياه الشرب.. ولتحقيق ذلك بين الرابحي انها اتجهت الى تغطية النقص عبر حفر الابار العميقة والتي بلغ عددها ال19 بئرا بعضها دخل حيز الاستغلال والبعض الاخر سيندرج في المنظومة تباعا ستغطي الكميات التي توفرها النقص المسجل في منظومة الشمال وتوفرت 500 الف متر مكعب(600 الف متر مكعب هي الكمية المطلوبة) وفي نفس الوقت تم فتح طلب عروض محطة التحلية في ولاية صفاقس التي ينتظر ان تكون جاهزة في موفى 2021 وانطلقة بكلفة قدرت ب970 مليون دينار. اما بالنسبة للبرنامج الهيكلي الذي سيكون الحل لمشكل التزود في منظومة الشمال فيرتبط بالتغيير الذي سيتم ادخاله على المنظومة. حيث ستتجه الوزارة الى تقريب الموارد المائية وتركيز برنامج تصرف ذاتي فيها وفي الاطار برمجت وزارة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري مشروع سد القلعة(انطلقت اشغاله) وسد في السعيدة في منوبة (سيكونان جاهزين سنة 2020) مع تركيز قنال ربط جديدة بمجردة كلفته 700 مليون دينار، وسدين مربوطين بانبوب طوله 72 كلم يمكن لسيارة ان تمر داخله قادر على ضخ 4 متر مكعب في الثانية. زيادة على ذلك انطلقت الوزارة في اشغال محطة تحلية في سوسة توفر 50 مترا مكعبا في اليوم ستمتد فترة انجازها على 18 شهرا، مشروع استعجالي يجهز نهاية 2019. وفي القريب سيكون انطلاق محطة التحلية بصفاقس والذي سيجهّز 2021 انطلاقا ب970 مليون دينار طلب العروض انطلقت الاشغال تنطلق النصف الأول من سنة 2019. مشاريع كان من المفروض ان ينطلق انجازها قبل5 سنوات من الان حتى تتفادى تونس ازمة التزود بمياه الشرب. منظومة الوسط وبالنسبة لمنظومة الوسط التي يرى عبد الله الرابحي ان امر التصرف فيها كان اسهل نظرا الى ان مسالة التزود فيها لا تتاثر بكمية التساقطات وحالة الجفاف ومرتبطة بحفر عدد اكبر ممن الابار العميقة وهو ما قامت به وزارة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري. ففي الجنوب الشرقي الذي من المنتظر ان يكون لمحطة تحلية المياه بجربة الاثر الواضح على منظومة التزود فيها خلال الفترة القادمة سيكون الوضع عموما افضل بكثير من السنة الماضية على ما يمكن ان يشهده من اشكاليات كما اوضح كاتب الدولة، فقد تم حفر9ابار عميقة في مدنين فقط وربطها بالشبكة. وفي قفصةالمدينة التي تحسن فيها الوضع كثيرا تم حفر سلسة من الابار العميقة في بوعمران وفي بوسعد وسيتم ربطها بالشبكة خلال أيام لن تعيش على وقع الانقطاعات هذه الصائفة. لكن يبقى المشكل قائما على مستوى الحوض المنجمي حيث تم منع اعوان الوزارة مثلا في المتلوي من حفر آبار في منطقة اللوزة وفي الطرفايا. وقد سعت مع ذلك الوزارة الى ايجاد حلول حيث تم الاتفاق مؤقتا بالنسبة للرديف وام العرائس مع شركة فسفاط قفصة اتفاق قديم لتخصيص حصة من مياهها لفائدة المواطنين. واضاف كاتب الدولة للموارد المائية قائلا:»لا يمكنني البقاء على هذا الوضع لذلك اقرت الوزارة مشروع تحلية في قفصة تهم المياه الجوفية المالحة ويشمل بالاساس المتلوي وام العرائس والرديف تم تركيز ادارته وانطلق طلب العروض فيه ولنا مشروع ثان للتحلية في قفصة الشمالية وقفصة الجنوبية القطار.. فالجهة لديها رصيد مائي مالح لما لا يتم استغلاله وهي مشاريع من المنتظر ان تجهز في القريب العاجل». بهذه المشاريع يمكن القول حسب الرابحي انه تم انجاز في قفصة وما هو ضروري. وضمن نفس منظومة الوسط ذكر الرابحي انه تم انجاز محطة التحلية في توزر ونفطة وحزوة وقبل ذلك محطة بلخير اما فيما يتعلق بولاية القصرين فتم فض إشكالياتها مع الصوناد وفي القيروان الوزارة بصدد التصرف في الإشكاليات الطارئة والاعطاب، لكن عموما الوضع افضل. اما سيدي بوزيد اين تعد إشكالية تزويد جلمة بمياه الشرب هي الابرز فبين الرابحي انه تم ايجاد الحل رغم ان المواطن هناك عطل المشروع اين تم الاستعانة ببئرين تابعين لديوان الأراضي الدولية وبئرين اخرين يتبعان مندوبية الفلاحة بالمنطقة. وفي الكاف التي تعيش اشكالية في الموارد المائية فقد نجحت الوزارة حسب كاتب الدولة في تدارك الوضع حيث تم حفر اكثر من بئر في المنطقة عدلت وحسنت من الوضع العام هذا فضلا عن دخول مشروع قلعة سنان خلال ال15 يوم القادمة حيز العمل. ومع ما قامت به الدولة من مشاريع لحل مشكل التزود بمياه الشرب فيما يتصل بمنظومة الوسط يقول كاتب الدولة ان المشكل مازال قائم في زغوانوالكاف نظرا ان نوعية الأرض فيها كلسية تتاثر مباشرة بالجفاف لذلك تطرح مشكلة التزود بالماء والتذبذب والانقطاعات حتى مع حفر ابار جديدة. المجامع المائية افاد كاتب الدولة للموارد المائية عبد الله الرابحي ان المجامع المائية تعد 1450 جمعية على مستوى الوطني منها 400 مجمع تسير بصفة جد جيدة في المقابل يعاني 302 منها من مشكل في التسيير 302. وبين ان العدد قد انخفض هذه السنة الى93. وتتعلق أساسا مشاكلهم بخلاص الفواتير وتدخلت الوزارة منذ سنة لجدولة ديونهم مع الشركة الوطنية للكهرباء والغاز كما تم تركيز خلايا لمتابعة أوضاعهم ووضع خطة خاصة بالمجامع المائية تقوم على 4 نقاط، هي استحثاث نسق المشاريع (تهمّ اساسا قفصةالقصرينوسيدي بوزيد) واعادة احياء تلك المتوقفة مع محاسبة المجامع المائية ومتابعة التصرف المالية داخلها وذلك يكون في اطار التشجيع على الحوكمة ومقاومة الربط العشوائي (في القيروان تم حذف 12 الف عملية ربط عشوائي) واخير اعتماد الية محاسبة المالية للمجامع المائية وتجديد مكاتبها. توسيع الربط.. حلول اقر كاتب الدولة انها تستثني شريحة من المواطنين التونسيين الذين بقوا خارج شبكة التزود بمايه صالحة للشراب، وبين في نفس السياق ان الوزارة بصدد العمل على ربطهم حيث دخل الجزء الخاص بجندوبة فيما يتصل بالمحاور الكبرى حيز العمل على ما شهده من تعطيل امتد لسنتين وشمل 200 الف مواطن تشرف عليها الشركة الوطنية للاستغلال وتوزيع المياه ويغطي فرنانة وادي مليس وغار الدماء وتيبار وتبرسق وانطلق اليوم محور باجة ومحور بنزرت. ويبقى حسب رايه مشكل نوعية الماء ودرجة ملوحته مطروحا ما لم تتقدم فيها الوزارة كثيرا لكن تبقى هي من ضمن اولوياته في استراتيجية الوزارة 2030 و2050 تلك التي ستربط سدود الشمال بسدود الوسط والجنوب بقنوات تمتد على 1500 متر وستصنع منظومة جديدة للتزود بمياه الشرب في تونس.