خارج منطق الخضوع لنتائج الانتخابات ، في تحديد ملامح التشكيلة الحكومية ، من الضروري أن يكون المقياس الأساسي المحدّد لحمل الحقائب الوزارية هو «الكفاءة « فقط ، والقطع مع منطق الولاءات الذي تسبّب في العديد من الإشكالات في السنوات الماضية . تونس -الشروق - إشكالات وازمات تجسّدت في ضعف أداء عدد من الوزراء ممّا دفع إلى تغييرهم في بعض الأحيان ، وتمكنوا في البقاء صلب الحكومة في أحيان أخرى ، بسبب الارتباط المفرط بالتوازنات الحزبية . منطق الكفاءات الاعتماد على منطق «الكفاءات « والقطع مع الية «الولاءات « أصبح منهجا يفرض نفسه بإلحاح ، وما يطفو على سطح الخطابات السياسية مؤخّرا يؤكّد ان أغلب الفاعلين السياسيين مدركون لخطورة ما حدث في السنوات الماضية وعازمون على تغييره أن كانوا في الحكم بأي وزن ، إما اغلبية محدّدة أو كتلة متحالفة . لا يمكن إنكار أن بعض الأحزاب تنطوي في داخلها على طبقة هامة من الكفاءات في عدد من المجالات ، لكن هذا لا يمكن ان يُلغي وجود كفاءات مستقلة تتمتع بخبرة هامة في تسيير الدولة وبعلاقات دولية شديدة الأهمية في الفترة الحالية ، وهو ما يقوّي فرضية الاعتماد عليها في المرحلة القادمة مهما تكن نتائج الانتخابات التشريعية . الدستور دستوريا وقانونيا ،تقوم كتلة الأغلبية باختيار الشخصية «الأنسب» وفق تقديرها ، لقيادة الحكومة وتقوم هذه الشخصية باختيار من سيؤثث تشكيلة الحكومة ، وعادة ما تكون الاختيارات مرتبطة بتوازنات حزبية دقيقة ،تتحكّم في كل التفاصيل ، وهو ما دفع في كثير من الأحيان إلى حالات انسداد وصعوبات نتجت عن صراعات و محاولة كل طرف سياسي الفوز بأكبر قدر ممكن من النفوذ . هذا المنطق في الاختيار تسبّب في أزمات كبرى و أحدث توتّرات بين رؤساء الحكومات والأحزاب التي تمثّل الحزام السياسي لحكوماتهم . تجاوز هذه العوائق التي أخّرت سير تونس و خروجها من الازمة التي تعيشها ،يكمن في ترك مساحة هامة من الحرّية لرئيس الحكومة المقترح ، ليتمكّن من اختيار الشخصيات التي يراها مناسبة في إدارة ملفات معيّنة ، وليس بالضرورة ان تكون هذه الشخصيات متحزّبة او تابعة لائتلاف السلطة . كفاءات على الهامش كفاءات وطنية كثيرة بقيت على هامش الفعل السياسي في تونس، لكنها قادرة على تحقيق الإضافة للدولة ، منها وزير الخارجية السابق منجي الحامدي الذي مثّل حلقة وصل بين نموذج سيىء للسياسة الخارجية في تونس زمن حكم المرزوقي وفترة عودة الصورة الإيجابية للسياسة الخارجية التونسية في فترة الراحل الباجي قائد السبسي . فالحامدي كان وزيرا للخارجية في فترة شديدة الحساسية كانت خلالها تونس تعاني صورة سيئة بسبب الاغتيالات السياسية والعمليات الإرهابية ،لكنه تمكّن من وضع حجر الأساس في تعديل البوصلة ، بفضل ما راكمه من خبرة ،حيث تقلّد مناصب هامة صلب الأمانة العامة لهيئة الأممالمتحدة ، خاصة فيما يتعلق بالشؤون الاقتصادية والاجتماعية. كما عمل في مجال تقديم الاستشارات لكل من الجمعية العامة للأمم المتحدة والمجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة فيما يتعلق بمواضيع التكنولوجيا والاختراع والتنمية.وهو ما جعله يعيّن رئيسا لمكتب أمين عام مؤتمر الأممالمتحدة للتجارة والتنمية، ثم مدير التخطيط والتنسيق الاستراتيجي في مكتب أمين عام نفس المؤتمر. وزير التنمية السابق، فاضل عبد الكافي يمكن اعتباره أيضا من بين الأسماء المستقلة القادرة على تقديم الإضافة ، فالفترة التي تولى فيها وزارة التنمية كشف خلالها عن قدرات هامة في ادارة الوزارة وحظي بشعبية هامة باعتبار خطابه المباشر الذي يتضمّن جرعة من المصارحة جعلته يدخل في أحيان كثيرة في إشكالات مع عدد من نواب البرلمان . فاضل عبد الكافي متخرج من كلية الاقتصاد من جامعة باريس الأولى بانتيون السوربون.وشغل خطة المدير العام للشركة التونسية للأوراق المالية كما تولى أيضا رئاسة بورصة تونس. محمد النوري الجويني ،وزير التخطيط في حكومة «الوحدة الوطنية» التي شكلها محمد الغنوشي ، من الكفاءات المشهود لها دوليّا وهو من العناصر التي يمكنها تقديم الإضافة بشكل هام في الملفات المتعلقة بالاقتصاد والتنمية . الجويني متحصل على دكتوراه دولة في علوم أخذ القرار من جامعة أوريغون بالولايات المتحدةالأمريكية. وتقلّد العديد من المناصب الرسمية دور المستقلين هذه الأسماء وغيرها ، تتمتّع بالاستقلالية عن كل الأحزاب حاليّا، ويمكنها المساهمة في الازمة الاقتصادية التي تعانيها تونس منذ سنوات ، وما يؤسّس لفرضية الاعتماد عليها ، أن الأسماء المستقلة التي اختراها يوسف الشاهد لتؤثث تشكيلته الحكومية كانت الأكثر نشاطا و نجاحا وعلى رأسها وزير السياحة روني الطرابلسي( دخل مستقلا ثم انتمى الى تحيا تونس ) ووزير المالية رضا شلغوم ووزير الشؤون الاجتماعية محمد الطرابلسي ووزير الداخلية هشام الفراتي . استراتيجيا استقطاب الكفاءات أكّد رئيس الحكومة يوسف الشاهد في خطاب سابق أن تونس فيها كفاءات قادرة على إعادة الأمل إذا توفرت الإرادة الصادقة ، كما أشار الى أن الحكومة بصدد بلورة استراتيجيا متكاملة لاستقطاب الكفاءات التونسية بالخارج ووضعها على ذمة البلاد للمساهمة في جهود التنمية والتطوير والمشاركة في بناء تونس الجديدة ، كما تحدث عن ضرورة استغلال كفاءة المتقاعدين . حكومة الكفاءات قال رئيس حزب البديل التونسي، مهدي جمعة في تصريح سابق إن الحل الأمثل لتتمكن تونس من الخروج من أزمتها الاقتصادية يتمثل في تشكيل «حكومة كفاءات « بعيدا عن الحسابات السياسية ، كما رفع المهدي جمعة شعار الكفاءات، حتى في تشكيل حزبه والترويج له.