مازال وسيبقى محمد الدغباجي أسطورة حيّة في ذاكرتنا الشعبيّة، فهو المناضل الفذّ ضدّ جيش الاحتلال الفرنسيّ والذي رفض التطبيع معه ممّا كلّفه حياته، ففي ماي 1922 تمّ القبض عليه في ليبيا وسُلّم إلى المحتل الفرنسي. سُجِن الدغباجي عشرة أشهر وفي 1 مارس 1924 اقتِيد إلى أحد الساحات العامّة بالحامّة ليُعدم أمام أهله ومحبّيه. الدغباجي الثائر الذي كوّن مجموعة فدائيّة نفذّت عمليّات ناجحة ضدّ المحتلّ، تحوّلت إلى ابداع خيالي أدبي، فقد كتب العديد من الشعراء عن هذا الرجل وتبقى ملحمة الخمسة الي لحقوا بالجرّة من أهمّ وأشهر ما قيل فيه يعدّ شعر المعارك من أبرز أغراض الشعر الشعبي، إلى جانب الغزل والمدح والرثاء والشعر التمثيلي وشعر الطريق وشعر الملحمة،" ووصف المعارك الحربيّة له أهميّة تاريخية بالغة إذ أنه في الغالب يتعرّض إلى ذكر الأبطال الذين حضروا الواقعة وأبلوا فيها، وإلى ذكر الشهداء منهم. وبذلك تبقى أسماؤهم خالدة محفوظة على ألسنة الناس كأسماء الدغباجي وعمر الغول والبشير بن سديرة وغيرهم كثير غنّى إسماعيل الحطّاب ملحمة الدغباجي، التي نظمها أحد شعراء الجنوب، بصوته البدويّ لتظلّ حكاية موثقة كلمة ولحنا. واسماعيل الحطاب.. صوت بدوي أصيل... لم يتنكّر لبيئته ولم يتمرد على خصوصيات الإبداع التونسي البدوي الأصيل ليبقى صوتا خالدا في الذاكرة ويبقى هذا الفنان أمير اللون البدوي دون نزاع... وتكفي الإشارة هناك إلى مشاركته الفاعلة والمؤثرة في عرض «النوبة» فمشاركته فيها كان أحد أسباب نجاحها الجماهيري الكبير بشهادة الجميع دون استثناء. اسماعيل الحطاب نجح وخلدته المدونة الغنائية التونسية لأنه تعامل بصدق وجدية وصفاء روحي مع الإبداع البدوي ولأنه أحب المقامات التونسية فدافع عنها ولم يتمرد عليها. الخمسة الي لحقوا بالجرة الحان وغناء إسماعيل الحطاب الخمسة الي لحقوا بالجرة *** وملك الموت يراجي ولحقوا مولى العركة المرة*** المشهور الدغباجي *** فزعوا خمسة بربايعهم*** تايجيبوا الفلاَّقَة مخزن مطماطة ينجِّيهم*** لثرنهم بنداقة الكيلاني يتحلَّف فيهم*** بحلالة وطلاقه الدَّالة الفلاَّقة نمحيهم*** في واسع رقراقة ضربوا الخمسة وحبوا إيديهم*** زفُّوا زفْ تلاقى كذب الوسعة يقصر بيهم*** زي هدير الناقة تاو ان يتلاقوا يقضيهم*** بوسربة شلهاقة زي الذيب يمزِّل فيهم*** ويلالي ويهاجي كان التل يخبَّر بيهم*** وجواب البسطاجي. *** فزعوا خمسة فوق حصُنَّة*** من مخزن مطماطة وقالوا هاهي الجرة منا*** وجَوا في اوّل شوَّاطة الدَّغباجي قاعد يستنّى*** طاح لهم وتواطى فيده ستوتي يلدغ سِمَّه*** دار فيهم شاماطة صُبْعَه والقرَّاص يلمَّه*** يعجل ما يتناطى واللي ينُوشَه يا ويل أمَّه*** فاح قتار اشياطه يجي مرمي مصبوغ بدمَّه*** سِمْ منحَّس لاطه مسَرْجِي بيت النار بضمَّه*** وشُغْل الحربي ساجي ومولاها كبير آصل وهمة*** وعنده الكيف مقاجي *** نهار الخمسة لحقوا خمسة*** و للهم حامي ربِّي صباح إلْ ما زرقتشي شمسه*** اللي يقتُل ما يدِّي يا لاحق مكناتك همشة*** ظنِّي فيك مغدِّي اللي يصبح منكُمْ ما يمْسَى*** الدغباجي متنبي سرجاها بستوتي نَمْشَه*** لقداهم متفاجي معاها يتكلم بالرَّمْشَة*** ويحكم بالكِفاجي *** جو خمسة يقصُّوا في الجرة*** و ملك الموت معاهم راميهم شيطان بشرَّه*** على تبزيع دماهم قِرْحوا يحسابوها غِرَّه*** يتبشروا بملقاهم وقت ان شبح العين تعرَّى*** تَكُّوا الخيل قداهم والدغباجي فيده حُرَّة*** يسربيلهم في عشاهم سرجاها وخرجت عل برَّة*** في المِلهاد اخذاهم ذوقهم كيسان المُرة*** موش من القهواجي الخمسة درجحهُمْ في مرة*** لا من روَّح ناجي. جو خمسة يقصوا في الجرة*** وملك الموت يراجي ولحقوا مولى العركة المرة*** المشهور الدغباجي